ذكاء اصطناعي

بريدك الإلكتروني لم يعد كافيًا… غوغل تطلق هوية رقمية جديدة

بريدك الإلكتروني لم يعد كافيًا… غوغل تطلق هوية رقمية جديدة
فريق العمل
فريق العمل

3 د

أعلنت غوغل عن ميزة جديدة تتيح لتقنية "Gemini" تقديم ردود ذكية مخصصة.

يمكن لتقنية "Gemini" قراءة البريد والملفات لتقليد أسلوب تعبير المستخدم بدقة.

يثير هذا التطور تساؤلات حول خصوصية وأمان البيانات الشخصية للمستخدم.

يدرس المستخدمون حرصًا على الخصوصية التحول إلى خدمات أمان بريد بديلة مثل Proton Mail.

تعد ميزة "Shielded Email" بحماية متقدمة للبريد الإلكتروني على منصة أندرويد.

تخيّل أنك تستيقظ صباحًا لتكتشف أن حساب بريدك الإلكتروني "جيميل" أصبح أكثر ذكاءً وقدرة على كتابة الردود بشكل تلقائي يُحاكي أسلوبك الشخصي ولغتك اليومية؛ قد تبدو الميزة الجديدة من غوغل جذّابة للكثيرين، ولكن خلف هذه الميزة يكمن قرار حاسم ينبغي عليك اتخاذه فيما يتعلق بأمانك وخصوصيتك.

في خطوة طموحة، أعلنت غوغل مؤخرًا تحديثًا جديدًا سيتيح للتقنية الذكية "Gemini" قراءة وتحليل بريدك الإلكتروني السابق وحتى الملفات الموجودة في خدمة التخزين "Google Drive"، كل هذا بهدف تقديم ردود ذكية مخصصة تبدو وكأنك من كتبها بالفعل. بعبارة أخرى، سيكون باستطاعة Gemini تقليد أسلوب مخاطبتك وتعابيرك المعتادة بشكل دقيق، لكن هذه الميزة، على جاذبيتها، تحمل معها سؤالًا مُلحًا وحاسمًا: ماذا عن خصوصية وأمان بياناتك الشخصية؟

يُعيد هذا التطوّر للأذهان جدلًا حاليًا قديمًا حول منتجات مشابهة لدى آبل، وتحديدًا ميزة "Hide My Email" التي تتيح لك إنشاء عناوين بريد إلكترونية مخفية ومؤقتة بدلًا من عنوانك الأصلي؛ وهي خدمة اكتسبت شعبية واسعة بين مستخدمي أجهزة آبل، إذ تساعد في حماية معلوماتهم من الاستغلال والاختراق، من خلال منع محاولة الربط بين البريد الإلكتروني الأساسي ومختلف الحسابات الرقمية الأخرى التي يستطيع من خلالها القراصنة شن هجمات تستهدفك شخصيًا.

وفي خطوة مشابهة، تبحث غوغل عن تطوير أداة تُدعى Shielded Email، وهي ميزة قادمة قريبًا إلى نظام أندرويد، وتمثّل حلًا مشابهًا لما تقدمه آبل. ستمكّن هذه الأداة المستخدمين من إنشاء عنوان بريد إلكتروني مخفي عند تسجيل الدخول أو فتح حساب جديد في المواقع أو التطبيقات، ما يضيف طبقة متقدمة من الحماية لأصحاب الحسابات التي غالبًا ما تكون مستهدفة بعمليات احتيالية متزايدة التعقيد بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي.

وأمام موجة الهجمات السيبرانية الأخيرة التي كشفت معلومات شخصية لأكثر من 184 مليون حساب، يصبح استخدام مثل هذه الميزات ضرورة قصوى وليس مجرد رفاهية إضافية. فمعظم الهجمات الإلكترونية تبدأ بعنوان بريدك الإلكتروني، وإذا استطاع القراصنة الحصول عليه، فهذا يُمكّنهم من تحديد هويتك الرقمية واستهدافك بهجمات خاصة كالهندسة الاجتماعية ومحاولات الاحتيال والتصيّد.

هذا الوعي المتزايد بضرورة الحماية ظهر في استطلاع جديد للرأي شمل مستخدمي خدمة البريد الإلكتروني وأجرته منصة Android Authority، حيث وجد الاستطلاع أن أغلب المستخدمين – حوالي 73 بالمئة – مستعدون للتخلي عن خدمات ومزايا من أجل حماية بياناتهم وخصوصيتهم، حتى أنهم قد يفكرون جديًا بالانتقال إلى خدمات بديلة كـ Proton Mail التي تقدّم مستويات أمان أعلى وتشفيرًا متقدمًا يمنع الوصول إلى محتوى البريد الإلكتروني حتى من الشركات المقدمة للخدمة.

ورغم هذه الخطوة الإيجابية من غوغل في تقديم ميزة شبيهة، يظل السؤال المفتوح حول التوازن بين الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تسهيل الحياة من جهة، وحماية خصوصية المستخدم من جهة أخرى. فالسماح لتطبيق Gemini بقراءة كامل بيانات بريدك الإلكتروني يعني منح الذكاء الاصطناعي وصولًا واسعًا إلى معلومات حساسة جدًا بالنسبة لك، ولا يزال من غير الواضح كيف تنوي غوغل ضمان عدم استخدام هذه البيانات بشكل قد يضر بالخصوصية في المستقبل.

ذو صلة

لذلك، قد يكون من الحكمة والضرورة إعادة النظر في طريقة استخدامك إيّاها لبريدك الإلكتروني. إذا قدمت غوغل ميزتها الجديدة Shielded Email بشكل رسمي، فاستغلال هذه الخاصية وتعزيزها بأدوات حماية إضافية ككلمات المرور القوية والمصادقة ثنائية العوامل (2FA)، سيرفع مستوى الأمان لديك. ومن المفيد الإشارة هنا إلى استبدال كلمة "القوية" بكلمة مثل "الموثوقة" يمنحك معنى أعمق وطمأنينة أكبر، كما أن توضيح العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والحماية الرقمية وإضافة جملٍ تربط بينهما وبين خطوات حماية البريد الإلكتروني يمكنه جعل النص أكثر وضوحًا وأقوى تماسكًا.

في العالم الرقمي السريع التغيّر، تظل خصوصيتك وأمن بياناتك الشخصية مسألة حياة أو موت رقمي. وبينما تُسهل غوغل وآبل وغيرها من عمالقة التقنية الحياة اليومية بمزاياها الذكية، يبقى المستخدم وحده من يتحمل المسئولية النهائية عن حماية معلوماته وخصوصيته. في النهاية، ربما يكون القرار الأمثل هو ألا تضع كل بيضك في سلة واحدة، أي أن تبدأ تدريجيًا في الانتقال إلى عنوان بريد إلكتروني جديد، مع ترك مخاطر وتراكمات الماضي خلف ظلال البريد الإلكتروني القديم.

ذو صلة