ذكاء اصطناعي

تصريح بعد تصريح: أكاذيب سام ألتمان حول ChatGPT تتصاعد

تصريح بعد تصريح: أكاذيب سام ألتمان حول ChatGPT تتصاعد
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

يواجه سام ألتمان انتقادات حول استهلاك الذكاء الاصطناعي للموارد الطبيعية.

تشير دراسات إلى أن مستخدمي شات جي بي تي يستهلكون كميات هائلة من المياه.

تزداد الحاجة للكهرباء مع تعقيد النماذج وقدرتها الحسابية العالية.

تعتمد مراكز البيانات حاليًا على الوقود الأحفوري حتى تأسيس الطاقة النظيفة.

يشكك الباحثون في ادعاءات ألتمان بشأن الأثر البيئي المحدود للذكاء الاصطناعي.

عندما نجري محادثة بسيطة مع شات جي بي تي، قد لا يخطر في بالنا أن هذا السؤال أو تلك الجملة قد تستهلكُ موارد طبيعية ذات تأثير بيئي ملموس. مؤخراً، تصدّر سام ألتمان، رئيس شركة "أوبن إيه آي"، المشهد بادعاءات جريئة حول الاستهلاك البيئي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تحديداً فيما يتعلق باستهلاك المياه والكهرباء عند استخدام منتجات شركته.

في تدوينة نُشرت مؤخرًا، شرح ألتمان أن استعلامًا واحدًا فقط من المستخدم لشات جي بي تي يستهلك حوالي 0.34 واط ساعة من الطاقة، معبّراً عنها بأنها الطاقة التي تستهلكها لمبة موفرة للطاقة لعدة دقائق. وأضاف بأن ماء التبريد اللازم لتشغيل مراكز البيانات لكل استعلام لا يتخطى 0.000085 غالون، أي ما يعادل تقريباً أقل من ربع ملعقة صغيرة. قد تبدو هذه الأرقام مقنعة للغاية، فهل الأمر بهذه البساطة؟

لكن، عند النظر بشكل أوسع، نجد الإشكالية أكثر وضوحًا وتعقيدًا. فطبقاً لإحصائيات "أوبن إيه آي" نفسها، فإن عدد مستخدمي شات جي بي تي بحلول ديسمبر 2025 يبلغ نحو 300 مليون مستخدم أسبوعياً، مع توقع معالجة مليار استفسار يومي. إذا طبقنا هذه البيانات، فإن ذلك يعني استخدام ما يصل إلى 85 ألف غالون ماء يومياً، أو أكثر من 31 مليون غالون سنوياً. هذه كمية ضخمة ومفاجئة إذا قورنت بالتقديرات الحالية لمراكز بيانات مايكروسوفت التي تستضيف خدمات "أوبن إيه آي"، فهي بطبيعتها معروفة باستهلاك مرتفع من المياه والكهرباء.

وهذا يجرنا إلى تقريرٍ بحثي سابق نشره علماء جامعة كاليفورنيا نهاية عام 2023، أكّد أن كل 10 إلى 50 استعلاماً من نسخ سابقة من "جي بي تي" قد استهلك حوالي نصف لتر مياه. ووفق هذه النسب، كانت النسخ القديمة تستهلك ملايين الغالونات سنوياً، فماذا عن النموذج الحالي الأكثر قوة وتعقيدًا "GPT-4.1"؟ بالتأكيد ستزداد كمية استهلاك الموارد، ما يُشكك في صحة الأرقام المتواضعة التي صرّح بها ألتمان مؤخراً.

المسألة لا تتوقف فقط على المياه. الحجم الهائل لنماذج الذكاء الاصطناعي وكثافة عملياتها الحسابية تتطلب كميات متزايدة من الكهرباء، فكلما زاد الحجم والتعقيد، زادت فاتورة الموارد الطبيعية التي يجب علينا دفعها. هذه الزيادة ليست مجرد عبء بيئي مؤقت، بل مستمرة، لأن هذه النماذج العملاقة تحتاج لإعادة تدريب متكرر كلما تطورت قدراتها التحليلة والمعرفية. كما أن ألتمان لم يوضح في تدوينته هذه الاختلافات الجوهرية بين استهلاك تطبيقاته النصية والصورية، حيث من المعروف أن معالجة واستحداث الصور أكثر استهلاكاً للطاقة بشكل واضح من النصوص البسيطة.

ذو صلة

في مقالته، يقول ألتمان إن مراكز البيانات قد "تصبح آلية بشكل كامل"، وبالتالي فإن كلفة الذكاء الاصطناعي سترتبط مباشرة بتكلفة الكهرباء. لكن حتى هذه الافتراضات، مهما كانت متفائلة، لا تقدم حلولاً واقعية لمشكلات الاحتباس الحراري وأزمة المناخ العالمية. ما يثير القلق أكثر هو أن الشركات التقنية، ومن ضمنها "أوبن إيه آي"، ما تزال تعتمد على الوقود الأحفوري حتى يتم بناء مرافق مستقبلية توفر طاقة نظيفة، كمراكز البيانات المغلقة أو المحطات النووية، والتي قد تستغرق سنوات عديدة لبنائها وتشغيلها فعلياً.

خلاصة الحديث، بينما يتحدث ألتمان بتفاؤل بالغ حول تقنية الذكاء الاصطناعي وتأثيرها المحدود بيئياً، تكشف البيانات والتقارير العلمية صورة مغايرة تماماً، مع استهلاكٍ كبيرٍ ومتزايد للموارد الطبيعية. من المهم في المستقبل تقديم توضيحات أكثر دقة مدعمة بالأدلة حول التأثيرات البيئية الفعلية لهذه التقنيات الواعدة، وتجنب استخدام عبارات عامة وغير واضحة. كما يجب مواجهة التحديات البيئية بجدية، دون انتظار وعود تقنية قد تأتي أو لا تأتي، لأن تداعياتها تؤثر علينا جميعاً.

ذو صلة