ذكاء اصطناعي

رغم الإغراءات الاستثمارية OpenAI تتراجع عن خطتها: “سنبقى شركة غير ربحية”

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

قررت شركة OpenAI الإبقاء على هيكلها غير الربحي المسيطر، متراجعة عن خطة التحول إلى كيان ربحي بالكامل.

جاء القرار بعد ضغوط قانونية ومجتمعية، أبرزها دعوى إيلون ماسك ومطالب منظمات حقوقية ونقابية.

سيُعاد هيكلة الذراع التجاري للشركة كـ"شركة ذات منفعة عامة"، تحت إشراف المؤسسة غير الربحية.

توقع الرئيس التنفيذي سام ألتمان أن الشركة ستحتاج إلى تريليونات الدولارات لتحقيق رؤيتها العالمية، وأكد أن الهيكل الجديد سيُراعي ذلك دون التفريط بالمبادئ الخيرية.

في خطوة مثيرة تعكس ضغطًا قانونيًا ومجتمعيًا متزايدًا، أعلنت شركة OpenAI أنها ستبقي على هيكلها الحالي الذي يضمن سيطرة مؤسستها غير الربحية على عملياتها التجارية، متراجعة بذلك عن خطة سابقة كانت تهدف إلى تحويل الشركة إلى كيان ربحي بالكامل.


تحول مرتقب... ثم تراجع حاسم

كانت شركة OpenAI، المعروفة عالميًا بتطويرها لنظام ChatGPT، قد تأسست عام 2015 كمؤسسة غير ربحية تهدف إلى ضمان أن تعود فوائد الذكاء الاصطناعي على البشرية جمعاء. غير أن التحول الكبير جاء عام 2019، عندما أعلنت الشركة إنشاء ذراع تجاري "ربحي محدود"، أتاح لها جذب استثمارات ضخمة مع إبقاء السيطرة القانونية للمؤسسة غير الربحية.

ومع اقتراب عام 2025، بدأت OpenAI في مناقشة إعادة هيكلتها بالكامل إلى شركة ربحية، تحت مبررات "الحاجة إلى تمويل بمليارات الدولارات لتوسيع عملياتها وتحقيق رؤيتها الشاملة". لكن سرعان ما واجهت هذه الخطط موجة اعتراضات، من أبرزها دعوى قضائية رفعها المستثمر المؤسس إيلون ماسك، اتهم فيها الشركة بـ"التخلي عن رسالتها الخيرية".


استجابة للضغوط المجتمعية والقانونية

في بيان نُشر على مدونة الشركة بتاريخ 5 مايو 2025، كتب بريت تايلور، رئيس مجلس إدارة OpenAI:


"تأسست OpenAI كمؤسسة غير ربحية، وهي حتى اليوم تخضع لإشرافها وسيطرتها. وبناءً على نقاشات بنّاءة مع عدد من الجهات، قررنا أن تبقى المؤسسة غير الربحية المسيطرة على هيكلنا"

وأكد البيان أن الذراع الربحي سيُعاد هيكلته ليصبح شركة ذات منفعة عامة (PBC)، وهي صيغة قانونية وسطية في الولايات المتحدة تتيح للشركات تحقيق أرباح مع الالتزام بأهداف مجتمعية محددة. وستكون المؤسسة غير الربحية مالكًا رئيسيًا ومسيطِرًا على الكيان الجديد.

وقال تايلور إن القرار جاء بعد "حوار بنّاء مع مكاتب المدعي العام في كل من كاليفورنيا وديلاوير"، مضيفًا: "نشكر الطرفين ونتطلع لمواصلة هذه الحوارات المهمة لضمان أن تواصل OpenAI أداء رسالتها بكفاءة".


اعتراضات بارزة... ودعم لموقف ماسك

من بين أبرز المعارضين لخطط التحول، كان إيلون ماسك، أحد أوائل المستثمرين في OpenAI، والذي اعتبر أن الشركة "تخلّت عن رسالتها الأصلية الهادفة إلى خدمة البشرية". ورفع ماسك دعوى قضائية طالب فيها بوقف التحول إلى كيان ربحي، غير أن قاضيًا فيدراليًا رفض طلب إصدار أمر أولي بوقف العملية، لكنه سمح بإحالة القضية إلى هيئة محلفين في ربيع 2026.

إلى جانب ماسك، قدمت مجموعة من الموظفين السابقين في OpenAI، بالتعاون مع مؤسسة Encode غير الربحية، مذكرات دعم لدعوى ماسك. كما تقدمت منظمات أخرى، منها نقابات عمالية بارزة مثل California Teamsters، بطلب رسمي إلى المدعي العام في كاليفورنيا، روب بونتا، لوقف التحول، متهمين الشركة بـ"الفشل في حماية أصولها الخيرية".

وشهدت القضية أيضًا تدخلات من عدة حائزين على جائزة نوبل وأكاديميين في القانون، وجهوا رسائل إلى بونتا والمدعية العامة في ديلاوير، كاثي جينينغز، لحثهم على منع عملية إعادة الهيكلة.


ما هو مصير النموذج الربحي المحدود؟

حين طرحت OpenAI خطتها للتحول، برّرت ذلك بالحاجة إلى استثمارات ضخمة قد تصل إلى تريليونات الدولارات، وفقاً لما ذكره الرئيس التنفيذي سام ألتمان في رسالة داخلية نشرتها مدونة الشركة يوم الاثنين. وأوضح ألتمان أن هذه الخطوة تهدف إلى "جعل خدمات الشركة متاحة للبشرية جمعاء".

وأضاف ألتمان:


"المؤسسة غير الربحية ستصبح مساهمًا رئيسيًا في شركة المنفعة العامة، وفق تقييمات مستقلة من مستشارين ماليين"

وأكد أن "الهيكل الجديد سيمنح الجميع حصصًا أسهمية، وسنواصل التنسيق مع شركائنا في مايكروسوفت والمفوضين الجدد من المؤسسة غير الربحية لضبط التفاصيل".


تداعيات التراجع... إلى أين تتجه OpenAI؟

ذو صلة

رغم الإعلان الجديد، تبقى عدة تساؤلات مطروحة حول الآثار القانونية والمالية لهذا التراجع. فقد أشارت تقارير سابقة إلى أن OpenAI كانت مقيّدة بمهلة زمنية لإتمام تحولها بنهاية عام 2025 أو مطلع 2026، لتتمكن من الاستفادة من بعض الاستثمارات الجديدة. والآن، بعد تخلّيها عن هذا المسار، لم توضح الشركة كيف ستؤمّن التمويل اللازم أو ما إذا كانت ستُضطر إلى إعادة هيكلة علاقاتها مع المستثمرين الحاليين.

ما هو مؤكد أن OpenAI دخلت الآن مرحلة حساسة، حيث يتعين عليها الموازنة بين متطلبات السوق والالتزام برسالتها الأصلية، وسط منافسة محتدمة في قطاع الذكاء الاصطناعي.

ذو صلة