شمس غاضبة تُسقط أقمار ستارلينك من السماء

2 د
تؤثر النشاطات الشمسية بشكل واضح على الأقمار الاصطناعية ومنها مجموعة ستارلينك.
تمر الشمس بدورة نشاط كل 11 سنة تشمل "الذروة الشمسية" والعواصف الجيومغناطيسية.
تؤدي العواصف الشمسية إلى تمدد الغلاف الجوي واحتكاك إضافي بالأقمار الاصطناعية.
يساهم احتكاك الأقمار بإنقاص عمرها وقد يؤدي لسقوطها واحتراقها في الغلاف الجوي.
من الضروري مراقبة النشاط الشمسي والتخطيط لإطلاق الأقمار بمدارات آمنة.
قد تبدو فكرة اقتراب الشمس من الهيمنة على المجال الفضائي غريبة بعض الشيء، إلا أنها بالفعل بدأت تُظهر تأثيرها بوضوح مؤخراً. فحسب تقارير جديدة، بدأت النشاطات الشمسية تؤثر سلبيًا على أقمار اصطناعية عديدة أبرزها مجموعة "ستارلينك" الشهيرة التي تُديرها شركة سبيس إكس لتقديم خدمة الإنترنت الفضائي.
لنوضح الأمر بشكل أكثر تفصيلًا؛ تمر الشمس بدورة نشاط متكررة تستمر حوالي 11 سنة، وتُسمى هذه المرحلة الأكثر نشاطاً "الذروة الشمسية" أو "Solar Maximum". وخلال هذه الفترات، تُطلق الشمس موجات من الطاقة تُعرف باسم العواصف الشمسية أو "العواصف الجيومغناطيسية"، التي إذا ارتطمت بالغلاف الجوي للأرض، تؤدي إلى تمدده وانتفاخه. ينتج عن هذا التمدد زيادة احتكاك الغلاف الجوي بالأقمار الاصطناعية المتواجدة في مدارات منخفضة نسبيًا، مثل أقمار ستارلينك، ويزيد من الاحتكاك والمقاومة وبالتالي يؤدي إلى نقصان عمرها الافتراضي وسقوط بعضها تدريجيًا تجاه الأرض لتحترق عند دخول الغلاف الجوي.
وبات هذا المشهد أكثر وضوحًا مؤخراً، إذ تشير دراسات حديثة إلى تأثير واضح لهذه الظاهرة على مجموعة ستارلينك العملاقة المرتبطة بتقديم الإنترنت الفضائي حول الكرة الأرضية. وبقدر ما يبدو الأمر مقلقاً اقتصادياً لشركة سبيس إكس التي استثمرت مئات الملايين في إطلاق آلاف الأقمار الاصطناعية، فإنه في الوقت ذاته يخفف قليلاً من مشكلة تراكم النفايات الفضائية، باعتبار أن هذه الأقمار التي تخرج عن عملها ستسقط تلقائياً وتحترق بالغلاف الجوي بدل البقاء سنوات طويلة كقطع خطرة تدور في المدار.
والملاحظ أن هذه المشكلة لا تقتصر على ستارلينك فحسب، بل تشمل كافة المشاريع العالمية الضخمة التي تعتمد في خدماتها على أعداد كبيرة من الأقمار الاصطناعية التي تُرسل إلى مدارات منخفضة. ومع زيادة اعتماد البشرية على هذه الأقمار وتنامي مشاريع مشابهة لدى شركات أخرى، يصبح من الضروري أخذ النشاط الشمسي وظواهر الفضاء المناخية في الحسبان كعوامل مؤثرة في التخطيط لإطلاق هذه الأجهزة في مدارات آمنة.
ومن هنا تبرز أهمية مراقبة الشمس وفهم دورتها بشكل أفضل، وتطوير تقنيات متقدمة أكثر مقاومة لتقلبات الجو الفضائي. كما قد يكون من الذكاء بمكان التوجه نحو مدارات أكثر ارتفاعاً قليلاً، بهدف التقليل من تأثير العواصف المغناطيسية على أداء وانتظام عمل الأقمار الاصطناعية.
في نهاية الأمر، تذكرنا هذه التقارير بأن الفضاء ليس بيئة معزولة عن المخاطر والتحديات، وأن الظواهر الطبيعية كالنشاط الشمسي قد تكون ذات تأثير كبير على مستقبل الاتصالات العالمية وخدمات الإنترنت الفضائية. ومن الناحية الصحفية، فقد يكون من المناسب إضافة حول ضرورة تطوير مزيد من الاستراتيجيات الوقائية لمواجهة مثل هذه الأحداث بدلًا من الاكتفاء بردود الأفعال والتعامل معها بعد وقوعها.