علماء يكتشفون سر كوني عمره 4.6 مليار عام باستخدام غبار الكويكبات

3 د
كشف تحليل غبار كويكب ريوغو عن أدلة على وجود مجال مغناطيسي ضعيف ساهم في تكوين الكواكب الخارجية.
كان المجال المغناطيسي موجودًا على مسافة أبعد من 7 وحدات فلكية لكنه اختفى بعد 3-4 ملايين سنة من تشكل النظام الشمسي.
تتوافق البيانات المستخلصة مع نتائج نيازك أخرى، مما يشير إلى أن النشاط المغناطيسي كان منتشرًا في النظام الشمسي الخارجي.
قد تعيد هذه النتائج صياغة النماذج الفلكية حول كيفية تشكل الكواكب العملاقة وتأثير القوى المغناطيسية في تطور النظام الشمسي.
في خطوة علمية رائدة قد تعيد تشكيل فهمنا لنشأة النظام الشمسي، توصل فريق من العلماء إلى أدلة جديدة على دور القوى المغناطيسية في ولادة الكواكب الخارجية، وذلك من خلال دراسة حبيبات غبارية قديمة جمعت من سطح الكويكب ريوغو. هذه النتائج، التي نشرت في مجلة AGU Advances، تكشف أن مجالًا مغناطيسيًا ضعيفًا لكنه مستمر قد لعب دورًا حاسمًا في نشوء الكواكب الغازية العملاقة مثل المشتري ونبتون منذ 4.6 مليار سنة.
ريوغو: كبسولة زمنية من أعماق الفضاء
الكويكب ريوغو يُعتقد أنه نشأ في الأطراف البعيدة للنظام الشمسي المبكر قبل أن ينجذب إلى حزام الكويكبات الواقع بين الأرض والمريخ. وفي عام 2020، نجحت مركبة الفضاء اليابانية "هايابوسا2" في جمع وإعادة عينات من سطح هذا الكويكب إلى الأرض، ما أتاح للعلماء فرصة نادرة لدراسة مواد فضائية لم تخضع لأي تغييرات جيولوجية منذ تكوينها.
كان العلماء يتطلعون بفارغ الصبر إلى تحليل هذه العينات، على أمل أن توفر أدلة جديدة حول الظروف التي سادت في النظام الشمسي المبكر. وأحد الأهداف الرئيسية كان البحث عن آثار المجالات المغناطيسية القديمة التي ربما كانت موجودة على بعد أكثر من 7 وحدات فلكية (AU) – وهي المنطقة التي تشكلت فيها الكواكب الغازية العملاقة.
المجالات المغناطيسية ونشأة الكواكب
لطالما أكدت الدراسات السابقة أن المنطقة الداخلية من النظام الشمسي كانت تحت تأثير مجال مغناطيسي قوي ساعد على توجيه الغاز والغبار نحو تكوين الكواكب الصخرية مثل الأرض والزهرة والمريخ. لكن السؤال الذي بقي دون إجابة هو: هل امتد هذا التأثير إلى المناطق الخارجية؟
باستخدام مقياس مغناطيسي، تمكن الباحثون من "إعادة تشغيل" التاريخ المغناطيسي المخزن في حبيبات ريوغو. وقد كشفت النتائج أنه في حال وجود مجال مغناطيسي في النظام الشمسي الخارجي، فقد كان ضعيفًا للغاية – لا يتجاوز 15 ميكروتسلا (مقارنة بـ 50 ميكروتسلا لمجال الأرض الحالي).
ووفقًا لإلياس مانسباخ، المؤلف الرئيسي للدراسة، فإن هذا المجال المغناطيسي اختفى بعد 3 إلى 4 ملايين سنة من تشكل النظام الشمسي. وعلى الرغم من ضعفه، فإنه كان كافيًا لجذب الغازات والغبار، مما ساهم في نمو الكواكب العملاقة مثل المشتري وزحل.
إعادة تشكيل فهمنا للنظام الشمسي
لم يكتفِ الباحثون بدراسة عينات ريوغو، بل قارنوا نتائجهم مع نيازك أخرى يُعتقد أنها نشأت في النظام الشمسي الخارجي. إحدى هذه العينات، والتي تُعرف باسم الكوندريت الكربوني غير المصنف، أظهرت وجود مجال مغناطيسي ضعيف بلغ 5 ميكروتسلا، وهو ما يتماشى مع البيانات المستخلصة من ريوغو.
تشير هذه الاكتشافات إلى أن حتى المناطق الأبعد في السديم الشمسي كانت متأثرة بقوى مغناطيسية، وهو ما يتناقض مع النماذج القديمة التي كانت تفترض أن هذه المناطق لم تشهد نشاطًا مغناطيسيًا يُذكر.
ويقول بينجامين وايس، عالم الكواكب في معهد MIT وأحد مؤلفي الدراسة:
"لقد أصبح من الواضح لنا أن المجال المغناطيسي كان عاملًا حاسمًا في توزيع المادة داخل النظام الشمسي، حيث ساعد على إيصال الكتلة إلى المناطق التي تشكلت فيها الشمس والكواكب."