ذكاء اصطناعي

فقدوا ابنهم بسبب صور فاضحة “مولّدة” بالذكاء الاصطناعي… والآن يقاتلون من أجل إنقاذ الآخرين

فريق العمل
فريق العمل

3 د

أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة خطيرة بيد المجرمين تدمّر حياة الأبرياء.

كان إيليا هيكوك ضحية لـ "سيكستورشن" عبر صور مزيفة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

تأتي الحادثة المؤلمة وسط ارتفاع في حالات الابتزاز الإلكتروني للقاصرين.

يُجرِّم قانون "إزالة المحتوى" الجديد نشر الصور الإباحية دون موافقة الشخص.

قبل بضعة أعوام كان من الصعب تخيل أن الذكاء الاصطناعي، تلك التقنية الثورية التي فتحت أبواباً كبيرة أمام الابتكار، يمكن أن تصبح وسيلة خطيرة في أيادٍ إجرامية، وأن تدمر حياة أشخاص أبرياء بسهولة. لكن الواقع اليوم يكشف جانباً مظلماً لهذه التقنية، حيث دفع شاب مراهق حياته ثمناً لابتزاز مأساوي كان بطله الأساسي صورة عارية مزيفة أنتجتها تقنيات الذكاء الاصطناعي.

في إحدى الحوادث الصادمة مؤخراً، وجد إيليا هيكوك وهو مراهق محبوب يتمتع بشخصية سعيدة ومتوازنة نفسه ضحية لابتزاز إلكتروني أو ما يعرف بـ"سيكستورشن"، وهي عملية ابتزاز إلكترونية تستخدم فيها صور أو مقاطع فيديو فاضحة، عادةً عن طريق التلاعب أو التزييف الرقمي بهدف طلب المال أو إجبار الضحية على أفعال أخرى خطيرة. في حالة إيليا، لم تكن الصور حقيقية حتى، بل قام المجرمون بإنشائها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ثم هددوه بإرسال هذه الصور المزيفة إلى عائلته وأصدقائه مالم يدفع ثلاثة آلاف دولار أمريكي.

وللأسف، هذه الرسالة القاسية تسببت مباشرة بوقوع مأساة مؤلمة، حيث قرر إيليا وضع نهاية لحياته. ولم يعرف الأبوان سبب هذه الفاجعة إلا بعد الاطلاع على الهاتف المحمول لابنهما بعد رحيله المؤلم، وفهموا لأول مرة معنى كلمة "سيكستورشن"، المصطلح المؤذي الذي لم يسمعوا به من قبل.

المأساة التي حلت بهذه العائلة ليست حادثة منفردة للأسف، بل جزء من ظاهرة خطيرة ومتزايدة بشكل خطير في السنوات الأخيرة. المركز الوطني للأطفال المفقودين والمُستَغلين في الولايات المتحدة سجل أكثر من نصف مليون حالة بلاغ حول عمليات ابتزاز إلكتروني استهدفت قاصرين خلال العام الماضي وحده. ومنذ عام 2021، فقد أكثر من 20 شاباً حياتهم في حالات مشابهة طبقاً لتقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.

أما المشكلة اليوم فهي أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي باتت متاحة بسهولة على الإنترنت دون الحاجة إلى معرفة أو مهارات تقنية لتشغيلها، يقول الخبراء إن الباحث عن هذه التطبيقات لن يجد أية صعوبة في إيجاد مواقع أو تطبيقات لإنشاء صور مزيفة كهذه. لهذا بدأت المنظمات المتخصصة مثل منظمة "ثورن" بالعمل على مبادرات مثل "الأمان حسب التصميم"، التي تحث شركات الذكاء الاصطناعي على تطوير تقنياتها بطريقة آمنة أخلاقياً، تحدّ من احتمالية سوء الاستخدام.

وتتفق تحركات الحكومات أيضًا مع هذه المبادرات، فقد تم إقرار قانون جديد في الولايات المتحدة يُطلق عليه "قانون إزالة المحتوى"، والذي يجعل من نشر أو مشاركة أي صور إباحية حقيقية أو مزيفة لأي شخص دون موافقته جريمة فيدرالية. بالإضافة إلى ذلك، يُلزم القانون منصات التواصل الاجتماعي بإزالة مثل هذه الصور في غضون 48 ساعة فقط من تقدم الضحية بطلب إزالتها.

ذو صلة

وفيما يحاول والدا إيليا اليوم التعافي من غضب وألم الفقد المؤلم لابنهما، فقد قررا أن يتحولا لمحاربين ضد هذه الظاهرة الخطيرة، وتعهدوا بمساعدة الآخرين على حماية أبنائهم من الوقوع في فخ الابتزاز الإلكتروني. يؤكد والد إيليا أن هذا القانون هو مجرد رصاصة واحدة في مواجهة ظاهرة تحتاج للكثير من النضال المستمر والعمل المشترك بين الأفراد والمجتمع والمؤسسات لمكافحة هذا الخطر.

تدفعنا قصص مؤلمة مثل مأساة إيليا اليوم جميعاً إلى أن نكون أكثر يقظةً ووعيًا تجاه الأخطار الخفية للإنترنت وتقنياته الجديدة، وترشدنا إلى طريق مليء بفرص التحسين والتطوير: بدءاً باستخدام مصطلحات أوضح مثل "الاحتيال الإلكتروني الجنسي" بدلاً من الاستخدام الحرفي لكلمة "سيكستورشن"، ومد جسور أوثق بين الأسر والمدارس وأجهزة إنفاذ القانون من أجل تعزيز الوعي لدى المراهقين حول هذه التهديدات. ويبقى الأمل معقوداً على أن تكون هذه الجهود بداية لطريق قد ينقذ المزيد من الأرواح في المستقبل.

ذو صلة