ذكاء اصطناعي

ليس البيتكوين… الذكاء الاصطناعي هو الكابوس البيئي الجديد

ليس البيتكوين… الذكاء الاصطناعي هو الكابوس البيئي الجديد
فريق العمل
فريق العمل

3 د

قد يتفوق استهلاك الطاقة للذكاء الاصطناعي على البيتكوين قريبًا وفقًا لدراسة حديثة.

تعاني شركات التكنولوجيا من أزمة طاقة فعلية بسبب مراكز بياناتها وتوسع الذكاء الاصطناعي.

يحيط غموض بتقديرات الطاقة المستخدمة للذكاء الاصطناعي مقارنة بشفافية البيتكوين.

يقدّر  دي فريس-غاو استهلاك طاقة الشرائح الذكية بـ 23 غيغاواط بحلول نهاية 2025.

قبل سنوات، أثار إيلون ماسك ضجة واسعة على تويتر بعدما أعلن أن شركته "تسلا" ستتوقف عن قبول البيتكوين لأسباب بيئية، وهو التصريح الذي أحدث أزمة حقيقية وانهيارًا في أسعار العملة المشفرة الأكثر شهرة عالميًا. ومؤخرًا، وبعد كل الضجة التي أثارها قرار ماسك ذاك، نشهد اليوم حالة مشابهة لكن من بوابة أخرى: الذكاء الاصطناعي.

في دراسة حديثة نشرتها مجلة "جول" العلمية المتخصصة، كشف الباحثون أن استهلاك الطاقة من قبل أنظمة الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على استهلاك البيتكوين بحلول نهاية العام الحالي. وقد توقع الباحث أليكس دي فريس-غاو، المختص في جامعة فراية الهولندية والمعروف بانتقاداته السابقة لاستهلاك البيتكوين للطاقة، أن تصل احتياجات الذكاء الاصطناعي من الطاقة إلى حوالي 23 غيغاواط مع بداية العام القادم، وهو ما يعادل أكثر من 200 تيراواط سنويًا. عند المقارنة، فإن البيتكوين تستهلك حاليًا حوالي 176 تيراواط سنويًا.

وهذا يثير واقعًا جديدًا تدركه جيدًا كبرى شركات التكنولوجيا، إذ بدأت تلك الشركات تعترف بالفعل بأزمة الطاقة التي تواجهها مراكز البيانات الخاصة بها. وقد تحدثت جوجل مؤخرًا عن "أزمة قدرات الطاقة" وعن عجزها عن تلبية كامل احتياجات التوسع الذي يطلبه قطاع الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من هذا، ما زالت الشركات العملاقة متحفظة بشدة في الإفصاح عن تفاصيل استهلاك الطاقة بشكل منفصل في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبينما يوفر قطاع البيتكوين شفافية واضحة في قياس الاستهلاك الطاقوي، يظل تقدير الطاقة المستهلكة في قطاعات الذكاء الاصطناعي مبهمًا للغاية. لكن الباحث دي فريس-غاو استخدم أساليب مبتكرة لتقدير هذا الاستهلاك من خلال متابعة صناعة الشرائح الإلكترونية من شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC)، والتي تستحوذ على النسبة الأكبر من أسواق الشرائح الذكية المستخدمة في أنظمة الذكاء الاصطناعي. واعتمادًا على تصريحات مسؤولي TSMC، توصل الباحث إلى أن شركتي "نيفيديا" و"AMD" فقط قد تنتجان شرائح ذكاء اصطناعي تستهلك وحدها حوالي 3.8 غيغاواط من الطاقة الكهربائية.

وأوضح دي فريس-غاو أن تقديراته البالغة 23 غيغاواط بنهاية 2025 هي تقديرات متحفظة وليست مبالغة؛ فالشركة التايوانية أعلنت بالفعل عن خطط لمضاعفة طاقاتها الإنتاجية لهذه الشرائح. بالإضافة إلى ذلك، تشهد الشركات الكبرى في المجال، مثل نيفيديا وAMD، تحقيق أرباح قياسية، وتتسابق المؤسسات لتطوير مشاريع ضخمة جديدة بأرقام كبيرة للغاية.

ذو صلة

وهكذا، مع تزايد هيمنة الذكاء الاصطناعي وتأثيره الاقتصادي الكبير — وهو القطاع الذي تفوَّق حتى على صناعة العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية — تبدو المخاوف البيئية وكأنها قد وضعت مرة أخرى على الرف مؤقتًا. جدير بالذكر أنه في الوقت الذي يلتزم فيه السياسيون حول العالم بسنّ قوانين تعزز الاستثمارات في القطاع الجديد، يبدو نقاش الطاقة المستدامة لهذا المجال غائبًا، أو على الأقل مؤجلًا إلى حين.

وختامًا، وبينما يبقى السؤال البيئي الهام معلقًا دون إجابات واضحة، يظل من الضروري فتح النقاش بشكل أكثر شفافية حول تأثير الذكاء الاصطناعي على البيئة، تماماً كما حدث من قبل مع عملة البيتكوين. ربما تكون أولى خطوات الحل في تشجيع، بل وربما مطالبة، الشركات بتوفير بيانات واضحة حول استهلاك الطاقة في مجالات الذكاء الاصطناعي تحديدًا، بدلًا من الاستمرار في تجاهل هذا الجانب الحسّاس والمهم.

ذو صلة