من الخيال إلى الحقيقة.. محرك نووي جديد من ناسا بنظريّة بسيطة وجريئة يختصر المسافات بين الكواكب

3 د
أعلنت ناسا عن محرك فضائي جديد يُسمى "TFINER" لتغيير مستقبل السفر الفضائي.
يعتمد المحرك على تقنيات نظائر نووية رقيقة لزيادة سرعة المركبات الفضائية.
يساهم النظام الجديد في المناورة بالأعماق الفضائية واستكشاف الأجسام الغامضة.
ستبدأ تجارب مصغرة للمحرك قريبًا لتطوير إنتاج النظائر المشعة.
يسعى العلماء لاستغلال تقنيات أخرى كالمناورة الشمسية لتعزيز الكفاءة الفضائية.
اقترب العلماء اليوم من تحقيق حلم جديد لطالما راود عشاق السفر في الفضاء، مع إعلان وكالة ناسا تطوير محرك فضائي ثوري يفتح آفاقًا واسعة نحو استكشافات فضائية جريئة كانت مستحيلة في الماضي. المحرك الجديد، المعروف باسم "TFINER"، يعتمد على تقنية متقدمة تُسمّى "محرك النظائر النووية الرقيق"، ويتمتع بإمكانيات هائلة قد تغير معالم السفر الفضائي في المستقبل القريب.
والحقيقة أن فكرة هذا المحرك مبتكرة للغاية، فهو يستخدم طبقات رقيقة من نظائر مشعة نشطة— مواد نووية تطلق إشعاعات بشكل طبيعي— لتحقيق اندفاع مباشر للمركبات الفضائية. ولتبسيط الفكرة، هذه النظائر عندما تتحلل تُصدر جسيمات دقيقة عالية السرعة، وإذا تم توجيه هذه الجسيمات بشكل معين، يمكن أن تساعد في دفع المركبة الفضائية بسرعات لم يسبق لها مثيل. بهذا التصور البسيط لكن العبقري، قد تتمكن مركبة صغيرة مزودة بعدة كيلوغرامات فقط من الوقود النووي من تحقيق سرعة تصل إلى حوالي 100 كم في الثانية، وهناك تصورات مستقبلية أكثر تطوراً للوصول إلى سرعات تصل إلى 150 كم في الثانية أو أكثر.
الميزة الأكبر لهذا النظام الجديد في مجال السفر الفضائي، كما يؤكد العلماء، هي قدرته الاستثنائية على المناورة في أعماق الفضاء. إذ يمكن للمركبات الفضائية المزودة بهذا المحرك الوصول الأكيد إلى أجسام غامضة مثل "أومواموا" التي تعبر النظام الشمسي على مسارات شديدة السرعة والقادمة من نجوم أخرى. ومن اللافت أيضاً، أن هذه القدرة الكبيرة على المناورة تتيح رصد والتفاعل مع الأجسام ذات المواقع المتغيرة أو المجهولة، ما يمنح العلماء فرصة أكبر لاكتشاف ألغاز الكون.
وفي إطار محاولات استغلال هذه التكنولوجيا الجديدة، يتطلع الباحثون لبدء تجارب مصغرة للمحرك قريبًا، هذه التجارب ستنصب في جزء منها على تطوير طرق حديثة لإنتاج النظائر المشعة المطلوبة بكفاءة أعلى. ويؤكد فريق البحث أن هذه النظائر يمكن أن يستفيد منها العالم في تطبيقات أخرى، كالعلاج الطبي وبعض المجالات البحثية المختلفة، ما يجعله مشروعاً متعدد الاستخدامات يمتد أثره بشكل أوسع من مجرد استكشاف الفضاء.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل خبراء ناسا حالياً على دراسة تصاميم متقدمة أكثر طموحًا، مثل "المناورة الشمسية أوبيرث" التي تعتمد على الغوص السريع نحو الشمس من أجل استغلال قوة الجاذبية الشمسية لتحفيز سرعات أعلى، أو استخدام فكرة الأشرعة الشمسية التي تتفاعل مع ضوء الشمس لدعم المحرك النووي، ما يُضاعف الأداء والكفاءة بشكل كبير.
كل هذه التطورات تشير بوضوح نحو مستقبل مبهر، حيث يعيد محرك "TFINER" تعريف إمكانياتنا الفضائية. ولتحسين وتوضيح بعض المفاهيم القادمة في البحث، ربما يكون استبدال بعض التعبيرات التقنية مثل "سرعة 100 كم/ثانية" بعبارات أكثر وضوحاً، كأن نقول ببساطة "قادرة على الوصول إلى مسافات كوكبية بعيدة خلال أشهر قليلة"، أو تخصيص جزء من المقال لتوضيح فكرة المناورة الشمسية بلغة سهلة. ومع استمرار هذه الجهود العلمية العملاقة التي تقودها ناسا وشركاؤها، فما بدا مستحيلاً في يوم من الأيام قد يصبح واقعنا الفضائي الجديد في المستقبل القريب.