ذكاء اصطناعي

اكتشاف هرم سداسي فريد عمره 3,800 عام في كازاخستان يكشف أسرار الحضارات القديمة

فريق العمل
فريق العمل

4 د

اكتُشف هرم سداسي الشكل يعود إلى 3,800 عام في كازاخستان، مما يجعله أحد أندر الهياكل المعمارية في آسيا الوسطى.

يُعتقد أن الموقع كان ضريحًا ملكيًا أو معلمًا مقدسًا مرتبطًا بثقافة الأندرونوفو التي عُرفت بتدجين الخيول وطقوس الدفن الفريدة.

تشير الأدلة إلى أن الهرم كان جزءًا من شبكة تجارية واسعة امتدت عبر أوراسيا، حيث عُثر داخله على أدوات برونزية ومجوهرات ذهبية.

يواصل علماء الآثار استكشاف الموقع لفهم دلالاته الطقوسية والهندسية، على أمل الكشف عن مزيد من أسرار العصر البرونزي في المنطقة.

في كشف أثري استثنائي، تمكن علماء الآثار من العثور على هرم سداسي الشكل يعود إلى 3,800 عام، مدفون تحت سهول كازاخستان. هذا الاكتشاف الذي يُعد غير مسبوق في آسيا الوسطى قد يكون مفتاحًا لفهم طقوس الدفن والشبكات التجارية التي ميزت العصر البرونزي.


تصميم فريد يعيد كتابة التاريخ

تم العثور على الهرم في موقع "كيركونغير" قرب قرية توكتاميس في شرق كازاخستان، حيث يمتد كل ضلع من أضلاعه الستة بطول 13 مترًا، ويصل ارتفاعه إلى 3 أمتار. ويعتقد الباحثون من الجامعة الوطنية الأوراسية "L.N. Gumilyov" أن هذا النصب قد خُصص كضريح ملكي أو كموقع مقدس لإقامة الطقوس، مما يعكس أهمية الشخص أو الجماعة التي تم بناؤه تكريمًا لها.

إحدى السمات الأكثر لفتًا للنظر في هذا الهرم تكمن في دقة هندسته، حيث تم بناؤه باستخدام كتل حجرية ضخمة مقطوعة بعناية لتشكيل هيكل هندسي متماسك. ويشير تصميمه إلى معرفة متقدمة بالهندسة والجيومترية، مما يثير تساؤلات حول كيفية وصول هذه الحضارات القديمة إلى هذا المستوى من الدقة في البناء.


الهندسة المتطورة والعلاقة بالكون

تتميز بنية الهرم بتصميم هندسي يعكس فهمًا عميقًا للحسابات الفلكية. فعلى غرار العديد من الهياكل الجنائزية في العصر البرونزي عبر أوراسيا، يُعتقد أن هذا الهرم قد بُني لمحاكاة أنماط فلكية محددة أو للتوافق مع التغيرات الموسمية.

يقول الدكتور أولان أوميتكالييف، قائد الفريق البحثي، إن الهرم "تم بناؤه بدقة مذهلة. المسافة بين كل ضلع تبلغ 13 مترًا، ويمتد على ثمانية صفوف حجرية متناسقة، مما يعكس مهارة متقدمة في الهندسة المعمارية والرياضيات." غير أن الباحثين لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد ما إذا كان الهرم مغطى بسقف في الماضي أو إن كان متروكًا مكشوفًا عمدًا للسماء.


صلات بالثقافة الأندرونوفية

يربط علماء الآثار هذا الهرم الفريد بثقافة الأندرونوفو، وهي حضارة ازدهرت في آسيا الوسطى بين 2000 و900 قبل الميلاد. وتعد هذه الثقافة من أوائل الشعوب التي قامت بتدجين الخيول، حيث كانت تلعب دورًا محوريًا في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وحتى في طقوس الدفن.

وقد عُثر داخل الهرم على بقايا خيول مدفونة، إلى جانب مجوهرات ذهبية وأدوات برونزية دقيقة الصنع، مما يشير إلى أن المدفون هنا كان شخصية بارزة، ربما زعيمًا أو نبيلًا. وتعكس هذه الاكتشافات تقاليد الدفن التي كانت سائدة لدى هذه الحضارة، حيث غالبًا ما كان يتم دفن الشخصيات المرموقة مع خيولها وممتلكاتها الثمينة.


دلالات اقتصادية وشبكات تجارية قديمة

إضافة إلى أهميته المعمارية والدينية، يقدم هذا الهرم أدلة على وجود شبكات تجارية واسعة النطاق خلال العصر البرونزي. فقد أظهرت القطع الأثرية المستخرجة، مثل الأدوات البرونزية والمجوهرات الذهبية، وجود تفاعل اقتصادي مع مناطق بعيدة مثل أفغانستان وبحر قزوين، ما يعزز الفرضية القائلة بأن الأندرونوفو لم تكن حضارة منعزلة، بل كانت جزءًا من شبكة تجارية أوسع.

ويشير علماء الآثار إلى أن الأساليب المعمارية المستخدمة في هذا الهرم قد تكون مستوحاة من تصاميم أقدم عُثر عليها في آسيا الوسطى، ما يعكس تلاقحًا ثقافيًا وفنيًا بين الحضارات المختلفة.


آفاق جديدة لفهم الطقوس الجنائزية

إضافة إلى أهمية الاكتشاف من الناحية الهندسية، يفتح هذا الموقع نافذة جديدة على طقوس الدفن خلال العصر البرونزي، حيث لم يكن القبر مجرد مكان للراحة الأبدية، بل كان يعكس وضعية الميت الاجتماعية والروحية. فوجود المجوهرات والعناصر الزخرفية يشير إلى طقوس دفن معقدة، وربما إلى معتقدات ترتبط بالحياة الآخرة.

ويعتقد بعض الباحثين أن الشكل السداسي قد يكون ذا دلالة رمزية، ربما مرتبطة بمعتقدات كونية أو تراتبية اجتماعية لم تُفهم بعد. ومع استمرار الحفريات، يأمل الخبراء في العثور على نقوش أو دلائل إضافية تكشف المزيد من أسرار هذا الموقع الفريد.


مستقبل الأبحاث في "هرم كيركونغير"

مع استمرار الحفريات، يتوقع الباحثون أن يوفر هذا الموقع رؤى أعمق حول الحضارات التي ازدهرت في سهوب أوراسيا خلال العصر البرونزي. ويأمل العلماء في مقارنة تخطيط هذا الهرم بغيره من المواقع المشابهة في المنطقة، لفهم مدى تشابه التقاليد المعمارية والجنائزية عبر الحضارات القديمة.

ذو صلة

كما يسعى الباحثون إلى تحديد ما إذا كان هذا الهرم جزءًا من مجمع جنائزي أكبر، وربما مرتبطًا بمواقع أخرى عبر السهوب، مما قد يغير فهمنا لكيفية تنظيم المجتمعات القديمة لمعتقداتها وهياكلها الاجتماعية.

حاليًا، يظل هرم "كيركونغير" أحد أبرز الألغاز الأثرية في المنطقة، حيث يستمر الباحثون في فك شفرات أسراره المخفية، على أمل الكشف عن مزيد من التفاصيل حول الطقوس والرموز والهندسة المتقدمة التي طبعت العصر البرونزي.

ذو صلة