السويد تتراجع عن التعليم الرقمي: خطوة جريئة لإعادة الكتب المدرسية في هذا الوقت
![](/_next/image?url=https%3A%2F%2Fcdn.arageek.com%2Fnews-magazine%2FEnglish-TemplatesDriss-Jabar-2025-01-23T111658.464.png&w=3840&q=75)
3 د
قررت السويد في عام 2009 استبدال الكتب المدرسية بالحواسيب بهدف تحديث التعليم.
واجه الطلاب مشكلات في التركيز والاستيعاب بسبب التعليم الرقمي.
خصصت السويدبين عامي 2022 و2025 ميزانية لإعادة الكتب الورقية للمدارس.
تؤكد التجربة السويدية أهمية الموازنة بين التكنولوجيا والأساليب التقليدية لضمان تعليم فعّال ومستدام.
في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط التعليمية عالميًا، أعلنت السويد عن تخصيص 104 ملايين يورو لإعادة الكتب المدرسية الورقية إلى الصفوف الدراسية، بعد أكثر من عقد من اعتماد التكنولوجيا الرقمية كبديل رئيسي. هذا التحول يمثل تراجعًا ملحوظًا عن السياسة التي بدأت في عام 2009، حينما سعت البلاد لتحديث نظامها التعليمي وإعداده لعصر التقنية. لكن، هل كانت الرحلة الرقمية ناجحة بالفعل؟
البداية: الطموح الرقمي
حينما قررت السويد استبدال الكتب المدرسية بأجهزة الحواسيب والألواح الرقمية، كان الهدف واضحًا: خلق بيئة تعليمية متطورة ومواكبة للثورة التكنولوجية التي تجتاح العالم. الحكومة حينها رأت أن الرقمنة ستجعل التعلم أكثر تشويقًا، وأسهل وصولًا للطلاب، وأقل تكلفة على المدى الطويل.
كان المشروع، على الورق، يبدو واعدًا للغاية. كيف لا، والطلاب سيتمكنون من الوصول إلى مصادر تعليمية متجددة بضغطة زر؟ كما كان من المتوقع أن تُساعد هذه الخطوة في تهيئة الطلاب لسوق عمل يزداد اعتماده على التكنولوجيا يومًا بعد يوم.
الواقع: خيبة الأمل
لكن ما بدا كقصة نجاح مؤكدة في البداية، تحول مع الوقت إلى تجربة مليئة بالتحديات غير المتوقعة. فبحسب الدراسات الحديثة، واجه الطلاب صعوبات في استيعاب المعلومات عند قراءتها من الشاشات مقارنة بالكتب الورقية. هناك عامل نفسي أيضًا: القراءة من الأجهزة الرقمية غالبًا ما تسبب إجهادًا بصريًا وتؤثر على مستوى التركيز، وهو ما أكده معلمون وأولياء أمور لاحظوا تراجعًا في أداء الطلاب.
إلى جانب ذلك، كان الاستخدام المفرط للأجهزة سببًا في تشتيت الطلاب؛ بدلاً من التركيز على الدروس، كانوا ينغمسون في الألعاب أو التصفح غير التعليمي. حتى مهارات التواصل الاجتماعي، التي تحتاج إلى تفاعل إنساني مباشر، تأثرت سلبًا بسبب الاعتماد المفرط على الشاشات.
العودة إلى الجذور
استجابةً لهذه التحديات، قررت الحكومة السويدية إعادة الكتب الورقية كعنصر أساسي في التعليم، مع تخصيص ميزانية ضخمة لضمان حصول كل طالب على كتاب مدرسي لكل مادة. الخطوة لم تقتصر على توفير الكتب فقط، بل شملت أيضًا حملات توعية تهدف إلى تعزيز أهمية القراءة التقليدية ودعم المدارس خلال هذا التحول.
الهدف من هذه الخطوة ليس التخلي عن التكنولوجيا بالكامل، بل إيجاد توازن دقيق بين الأدوات الرقمية والأساليب التقليدية. السويد تسعى الآن إلى نظام تعليمي يجمع بين الاثنين، بحيث تُستخدم التكنولوجيا بشكل مدروس لتدعيم العملية التعليمية بدلًا من السيطرة عليها.
الدروس المستفادة
ما حدث في السويد يُعتبر درسًا مهمًا للدول الأخرى التي تفكر في التحول الرقمي الشامل للتعليم، ليست التكنولوجيا عدوًا، لكنها تحتاج إلى إدارة حذرة لضمان تحقيق أقصى استفادة منها دون التضحية بالمهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة.
تُظهر التجربة السويدية أن الابتكار وحده ليس كافيًا. هناك حاجة لفهم عميق لكيفية تأثير التقنيات على الطلاب نفسيًا وعقليًا. في النهاية، التكنولوجيا يجب أن تكون أداة تدعم التعليم، وليس بديلاً عنه.
البحث عن التوازن
ليست العودة إلى الكتب الورقية تراجعًا بقدر ما هي إعادة تصحيح المسار، تقدم السويد نموذجًا ملهمًا في كيفية مواجهة الأخطاء وتصحيحها. وبينما تواصل الدول الأخرى استكشاف مستقبل التعليم، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن المثالي بين الابتكار والحفاظ على أساسيات التعلم.