الشمبانزي لا يشرب… لكنه يتخمّر! دراسة تكشف استهلاكه للكحول طبيعيًا يوميًا

2 د
أظهرت دراسة أن الشمبانزي في البرية تستهلك الكحول من الفاكهة المخمرة طبيعياً.
تصل نسبة الكحول في الفاكهة إلى 0,61%، مما يجعلها مشابهة للمشروبات الخفيفة.
الشمبانزي لا تظهر سكرًا واضحًا بسبب التوزيع التدريجي للكحول في أجسامها.
مشاركة هذه الفاكهة بين الشمبانزي تُعزز الروابط الاجتماعية بينهم.
دراسة تربط استهلاك الشمبانزي للكحول بتطور تفضيل البشر للكحول عبر الزمن.
في اكتشاف علمي لافت، أظهرت دراسة حديثة أن قردة الشمبانزي في الحياة البرّية تتناول كميات من الكحول تعادل تقريباً مشروبين كحوليين يومياً، وذلك من خلال أكلها للفواكه الناضجة التي تتخمّر بشكل طبيعي. هذه النتائج تم التوصل إليها عبر متابعة مجموعات من الشمبانزي في محميات طبيعية بأوغندا وساحل العاج، حيث وجد الباحثون أن متوسط ما يستهلكه الفرد الواحد يصل إلى 14 غراماً من الإيثانول يومياً.
هذا التقدير يعتمد على فحص عينات من الفاكهة التي تبين أن نسبة الكحول فيها تراوحت بين 0.3% وزادت أحياناً إلى 0.61%، وهي نسب تجعل الفاكهة أقرب إلى مشروب كحولي خفيف من غير قصد. وهنا تظهر أهمية هذه النتائج، إذ إنها تكسر الصورة النمطية عن أن تناول الكحول سلوك مقتصر على البشر فقط.
وبالانتقال من الجانب الكيميائي إلى السلوكي، لاحظ الباحثون أن الشمبانزي لا تُظهر أعراض السكر الواضحة على الرغم من هذه الكميات. ويُرجَّح أن السبب يعود إلى أن استهلاكها للفواكه المتخمّرة يحدث على فترات متباعدة، ما يسمح بامتصاص وتوزيع الكحول بشكل تدريجي في أجسامها.
لم يتوقف الأمر عند البُعد الغذائي فقط، إذ تبيّن أن مشاركة الفاكهة المتخمّرة بين أفراد المجموعة قد تحمل دلالات اجتماعية. ففي مشاهد بُلغ عنها من غينيا بيساو، شوهدت الشمبانزي وهي تقاسم هذا النوع من الطعام بطريقة توحي بتعزيز الروابط الاجتماعية بين أفرادها. وهذا يربط بين عادات القردة وعادات البشر الذين اعتادوا على مشاركة المشروبات في لقاءاتهم الاجتماعية.
لكن ما يجعل هذه الدراسة مثيرة أكثر هو ربطها بما يُعرَف بفرضية "القرد الثمل" التي تفترض أن انجذاب الإنسان للكحول قد يكون جذوره ممتدة إلى أسلافه من القردة العليا، الذين ارتبطت عندهم رائحة الفواكه الناضجة بمصدر للطاقة والسعرات. ومع مرور الوقت، قد تكون هذه العلاقة ساهمت في تطور تفضيل بشري للمشروبات الكحولية.
ومن الجانب العلمي التطوري، يرى الباحثون أن الطفرات الجينية التي سمحت للإنسان وأشباهه من القردة باستقلاب الكحول بكفاءة ليست محض صدفة، بل دليل إضافي على تعرض طويل الأمد لمصادر غذائية متخمرة في البيئة الطبيعية. وهذا يعيدنا إلى السؤال الجوهري: هل كان الكحول جزءاً من النظام الغذائي لأسلافنا بقدر ما هو اليوم جزء من ممارساتنا الاجتماعية؟
الخلاصة أن هذه الدراسة لا تُظهر فقط جانباً طريفاً في حياة الشمبانزي، بل تفتح باباً لفهم أعمق للعلاقة القديمة بين الكائنات الحية ومصادر الكحول الطبيعية. فهي تسلط الضوء على أن ما نعتبره عادة بشرية بحتة قد يكون في جذوره سلوكاً تطورياً مشتركاً يعكس الروابط البيولوجية والاجتماعية بيننا وبين أقرب أقربائنا من القردة.









