ذكاء اصطناعي

انفجارات نجمية مدمّرة قد تكون وراء اثنين من أكبر الانقراضات الجماعية في تاريخ الأرض

فريق العمل
فريق العمل

3 د

قد تكون انفجارات نجمية هائلة من نوع سوبرنوفا ساهمت في انقراضين جماعيين وقعا قبل مئات الملايين من السنين.

يمكن أن تمزق السوبرنوفا القريبة طبقة الأوزون، وتفتح المجال أمام إشعاعات شمسية قاتلة تهدد الحياة على الأرض.

تم العثور على آثار عنصر "الحديد-60" المشع في ثلوج القطب الجنوبي وسطح القمر، ما يدعم فرضية تعرض الأرض لسوبرنوفا قريبة.

لا تؤكد الدراسة العلاقة بشكل قطعي، لكنها تسلط الضوء على ترابط زمني ملفت بين معدل السوبرنوفا والانقراضات الجماعية.

في دراسة فلكية مثيرة للجدل نُشرت مؤخرًا في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society، كشف فريق من العلماء بقيادة أليكسيس كوينتانا من جامعة أليكانتي الإسبانية، أن انفجارات نجمية هائلة – تعرف باسم المستعرات العظمى أو السوبرنوفا (التي شكلت السدم) – قد تكون لعبت دورًا محوريًا في اثنتين من الانقراضات الجماعية التي شهدها كوكب الأرض منذ مئات الملايين من السنين.

تستند هذه الفرضية إلى تحليل دقيق لأكثر من 24,000 نجم فائق السطوع تم رصد مواقعها بواسطة القمر الصناعي "غايا" قبل تقاعده، في محاولة لإعادة تشكيل خريطة التكوين النجمي القريب من النظام الشمسي خلال المليار سنة الماضية.

ووفقًا للباحث نيك رايت، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة كيل البريطانية والمشارك في الدراسة، فإن السوبرنوفا التي تقع على بُعد 60 سنة ضوئية فقط من الأرض تمتلك القدرة على تدمير طبقة الأوزون الواقية، ما يؤدي إلى تعريض الكوكب لأشعة فوق بنفسجية مميتة صادرة من الشمس. "إذا حدثت سوبرنوفا على هذا القرب من الأرض، فإن النتائج ستكون مرعبة بحق"، قال رايت في رسالة عبر البريد الإلكتروني لموقع Space.com.


توقيت الانفجارات يتوافق مع أحداث الانقراض

الدراسة ربطت بين توقيت بعض السوبرنوفا التي وقعت في الجوار الكوني للأرض وبين حدثين هائلين من الانقراض الجماعي:

  • الانقراض الديفوني المتأخر: سلسلة من الانقراضات وقعت قبل نحو 372 مليون سنة، قضت على ما يقرب من 75% من الأنواع، خاصة الأسماك التي كانت تعيش في البحار والبحيرات القديمة.
  • الانقراض الأردوفيشي: أولى الانقراضات الكبرى في تاريخ الأرض، حدثت قبل 445 مليون سنة، وأبادت نحو 85% من الحياة البحرية.

اللافت في الدراسة هو أن معدل حدوث السوبرنوفا في نطاق 60 سنة ضوئية من الأرض، والذي قُدِّر بـ2 إلى 2.5 مرة كل مليار سنة، يتطابق تقريبًا مع معدل الانقراضات الجماعية غير المُفسّرة خلال نفس الفترة الزمنية. "لقد فاجأنا هذا التطابق، وجعلنا نعتقد أن الأمر يستحق تسليط الضوء عليه"، أضاف رايت.


دليل مادي في ثلوج القارة القطبية والقمر

دراسات سابقة كانت قد اكتشفت آثار نظير مشع نادر يُدعى "الحديد-60" في غبار كوني جُمع من ثلوج القارة القطبية الجنوبية ومن سطح القمر. هذا العنصر لا يتكوّن إلا في أعماق المستعرات العظمى، مما يدعم فرضية تعرض الأرض في فترات سابقة لأمطار من الجسيمات الكونية عالية الطاقة، مصدرها تلك الانفجارات النجمية.

وأوضح رايت أن:


"السوبرنوفا تنتج إشعاعًا عالي الطاقة يمكنه اختراق الغلاف الجوي وتمزيق جزيئات الأوزون، ما يؤدي إلى كارثة بيئية على نطاق عالمي".

وهذه الظاهرة – أي استنزاف الأوزون – قد ارتبطت أيضًا بانقراض واسع طال الثدييات البحرية والطيور والسلاحف وأسماك القرش قبل نحو 2.6 مليون سنة.


منبع الحياة وسبب فنائها

تعليقًا على النتائج، قالت كوينتانا: "هذه الدراسة تبرهن على أن النجوم العملاقة تلعب دورًا مزدوجًا – فهي تولد العناصر الثقيلة التي تسهم في تكوين الكواكب، لكنها أيضًا قادرة على تدمير الحياة عليها إن كانت قريبة منها".

السوبرنوفا، رغم رعبها، هي ظواهر ضرورية لولادة النجوم والكواكب، حيث تُطلق أثناء انفجارها عناصر مثل الحديد والذهب والأوكسجين في الفضاء بين النجمي. لكن موقع الأرض بالنسبة لهذه الانفجارات هو ما يحدد ما إذا كانت هذه الظواهر ستلهم الحياة أو تُفنيها.


هل من إثبات قاطع؟

ذو صلة

رغم قوة الترابط الزمني بين السوبرنوفا والانقراضات، شدّد رايت على أن هذه النتائج لا تشكّل "دليلًا قاطعًا"، بل تُعد "طرحًا علميًا منطقيًا ومقنعًا" يدعو إلى مزيد من البحث والتدقيق.

الدراسة فتحت آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين الأحداث الفلكية الكبرى وتطور الحياة على الأرض، وهي تذكير قوي بأن الكوكب الذي نعيش عليه ليس معزولًا عن ما يحدث في المجرة، بل هو عرضة لتقلبات الكون وجموح نجومه.

ذو صلة