بعد أن تجاوزت الجميع في إنتاج الطاقة… الصين تواجه أزمة وتطلب العون

3 د
نجحت الصين في إنتاج 1200 جيجاوات من الطاقة المتجددة قبل ست سنوات من المتوقع.
يُعزز التحول السريع للطاقة المتجددة في الصين الأهداف العالمية لتطوير الطاقة النظيفة.
ساهمت سياسات حكومية ذكية في التوسع بتقنيات الطاقة المتجددة وجذب المستثمرين.
أصبحت الصين مرجعية عالمية في مجال المفاعلات النووية الصغيرة SMR.
يضع نجاح الصين ضغطًا عالميًا لتقليص الفجوة في إنتاج الطاقة النظيفة.
في خطوة أدهشت الكثيرين وأعادت الأمل لمستقبل أخضر، نجحت الصين في تحقيق هدفها بإنتاج نحو 1200 جيجاوات من الطاقة المتجددة قبل ست سنوات كاملة من الموعد المتوقع. كان الهدف الأصلي للصين الوصول إلى هذا الإنجاز بحلول عام 2030، ولكنها تمكنت من تحقيقه بالفعل مع نهاية العام الماضي، أي 2024، وفقًا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة.
ويشير خبراء في قطاع الطاقة إلى أن ما حققته بكين من تحول سريع نحو مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لم يؤثر على الصين وحدها، بل فتح الباب أمام إمكانية تحقيق أهداف عالمية أكثر طموحاً بحلول عام 2030، مثل الهدف الذي أقرته الأمم المتحدة ضمن مؤتمر COP28، والذي يستهدف زيادة الطاقة المتجددة عالمياً إلى 11,000 جيجاوات بنهاية هذا العقد.
وقد يرى المتابعون للشأن الصيني أن التحول الكبير جاء مدفوعاً بسياسات حكومية ذكية وقرارات جريئة، مثل التوسع السريع في تقنيات الطاقة المتجددة وإيقاف الدعم الحكومي لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تدريجياً، بعد أن أصبحت هذه المشاريع قادرة على تحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية دون الحاجة للدعم الحكومي. وهذا التوجه جذب انتباه الشركات والمستثمرين، مما دفعهم إلى تسريع إنشاء مزيد من المحطات وتوسيع الشبكات الخاصة بالطاقة النظيفة.
ولم يكن هذا النجاح مجرد إنجاز محلي، بل امتد لما هو أبعد من ذلك؛ فالصين أصبحت خلال السنوات الأخيرة مرجعية عالمية في مجال المفاعلات النووية الصغيرة التي تسمى اختصاراً بـ "SMR"، وساعدت العديد من الدول في تطوير واستخدام هذه التقنية الحديثة، مما دعم قدرتها على تحقيق أهدافها المحلية في التحول نحو الطاقة المستدامة والنظيفة.
لكن بالرغم من هذه التطورات الإيجابية، بدأت تظهر تحديات جديدة تتطلب تعاوناً دولياً أكبر. فمع استعداد الصين لخطوتها التالية، والتي تهدف عبرها إلى رفع نسبة اعتمادها على الطاقة المتجددة إلى 47% من إجمالي إنتاجها للكهرباء بحلول عام 2028، ستحتاج لمزيد من الدعم والتعاون الدولي في مجال التقنيات والطاقة المتجددة. فالخطوات القادمة بحسب محللين قد تتطلب إجراءات إضافية، مثل توسعة نظم تخزين الطاقة الحالية التي تبلغ حوالي 300 جيجاوات من القدرات المخطط لها أو المبنية حالياً، ونقل التقنيات الحيوية من وإلى الدول الأخرى.
واللافت للنظر أن نجاح الصين المُبكر قد وضع ضغطاً إيجابياً على باقي دول العالم، فالصين تفوقت على الاتحاد الأوروبي بأربعة أضعاف الطاقة المُنتجة، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية بخمسة أضعاف. هذه الإنجازات الجادة تدفع دولاً أخرى للسعي نحو تقليص الفجوة، والبحث عن حلول وابتكارات جديدة، مثل ألواح الطاقة الشمسية المطورة حديثاً والموفرة بتقنيات مبتكرة، التي قد تحدث فرقاً نوعياً على مستوى إنتاج الطاقة النظيفة عالمياً.
تبقى هذه التطورات الصينية نقطة مضيئة في المسيرة العالمية لمواجهة التحديات المناخية، لكن من الضروري في الفترة المقبلة تضييق التركيز على كيفية التعاون مع بقية العالم بشكل أكثر فاعلية، وربط هذا المسار الرائد ببناء شراكات حيوية وعابرة للحدود. فمهما كانت الخطوات الصينية مشجعة، يظل تحقيق تحول عالمي حقيقي وفعال نحو الطاقة المتجددة مرهوناً بقدرة الدول على العمل يداً بيد لتعزيز مصادر الطاقة النظيفة والاعتماد عليها، كركيزة أساسية لمستقبل أخضر ومستدام.