جائزة نوبل للسلام تتبخر من أيدي ترامب… وماريا كورينا تتفوّق بشجاعة الصمت على ضجيج السياسة

2 د
فوز الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025.
نالتها لشجاعتها في الدفاع عن الديمقراطية رغم القمع.
ترامب يخسر الجائزة رغم ترشيحاته المتكرّرة.
لجنة نوبل تختار الشجاعة الفردية على النفوذ السياسي.
في لحظة حبست أنفاس العالم، أعلن معهد نوبل النرويجي في أوسلو فوز المعارِضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام لعام 2025، لتصبح رمزًا جديدًا للمقاومة المدنية في وجه القمع السياسي، ولتغيب الجائزة مجددًا عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغم ترشيحاته المتكرّرة وضجيجه الإعلامي.
امرأة تواجه الخوف بالصوت والصندوق
عاشت ماتشادو، التي تبلغ من العمر 58 عامًا، سنواتٍ طويلةً في مواجهة نظام بلدها، متنقلةً بين المحاكم والاختباء، دون أن تتراجع عن دعوتها السلمية للتغيير.
منذ أسّست منظّمة “سوماتي” قبل أكثر من عقدين، رفعت شعارها الشهير:
«صناديق الاقتراع لا البنادق»،
وجعلت من الدفاع عن الانتخابات الحرّة مسارًا لحياتها.
ورغم منعها من الترشّح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، دعمت مرشّح المعارضة البديل، وساهمت في توحيد صفوف القوى الديمقراطية. وقد أكّد بيان لجنة نوبل أنّ الجائزة تُمنح هذا العام «لمن جعل من المقاومة السلمية سلاحًا ضد الاستبداد، ولمن ألهم الملايين بأن الديمقراطية ليست خيارًا خياليًا، بل طريقًا ممكنًا».
قرارات اللحظة الأخيرة
بحسب لجنة نوبل، جاء القرار بعد نقاشات طويلة حول معايير الجائزة الثلاثة التي حدّدها ألفريد نوبل في وصيّته: تعزيز السلام، ونشر الإخاء بين الشعوب، والحدّ من العنف المسلّح.
رئيس اللجنة، يورغن واتني فريدنيس، أوضح أن اختيار ماتشادو راعى “شجاعتها الشخصية في مواجهة التهديدات، وإصرارها على البقاء داخل بلادها رغم المخاطر”، مشيرًا إلى أن القرار استند “إلى العمل لا إلى الشهرة”.
ترامب.. الطموح المؤجل
في الجهة الأخرى، كانت الأنظار تتجه إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي خاض حملة رمزية للفوز بالجائزة بعد سلسلة من المبادرات الدبلوماسية التي قدّمها خلال ولايته الثانية.
حصل ترامب على دعم واسع من مؤيديه داخل الكونغرس، إذ وصفه النائب الجمهوري آندي بار في رسالة ترشيحه للجنة بأنه “أكثر زعيم عالمي ساهم في تحقيق السلام والازدهار حول العالم خلال العقد الأخير”.
إلا أنّ الحلم لم يتحقق هذه المرة، في مفارقة قال عنها أحد المقربين من ترامب:
“ربما لم يكن الوقت في صفّه، لكنه لن يتخلّى عن الجائزة التي يعتبرها تتويجًا لمسيرته”.
بين أوسلو وكراكاس: من يستحق السلام؟
اختيار ماريا كورينا ماتشادو لم يكن مجرد تكريم فردي، بل رسالة واضحة من لجنة نوبل بأنّ السلام ليس اتفاقًا سياسيًا بل شجاعة أخلاقية.
فبينما يُقاس النجاح في السياسة بعدد الصفقات، يُقاس في نوبل بمدى الإيمان بالمبدأ. وماتشادو، التي حُرمت من الترشّح والظهور، أثبتت أن الصوت الضعيف قد يكون الأعلى حين يُصرّ على الحقيقة.
وهكذا، بينما غابت الجائزة عن قادة يتحدثون باسم العالم، ذهبت إلى امرأة تتحدث باسم شعبها — لتذكّرنا أن السلام يبدأ من كلمة صادقة، لا من قصرٍ رئاسي.









