ذكاء اصطناعي

“حرب مالية صامتة”.. صعود الذهب وهبوط الدولار : هل هي نهاية الهيمنة الأمريكية؟

فريق العمل
فريق العمل

3 د

حركة "إلغاء الدولرة" تسعى لتقويض هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي.

تكتل "بريكس" والصين في طليعة الجهود الرامية لإنشاء أنظمة مالية بديلة.

تسهم العملات الرقمية وتكنولوجيا البلوكشين في تسريع التحول بعيداً عن الدولار.

قد يشكل عودة الذهب كاحتياطي مالي رئيسي تهديداً جديداً لهيمنة العملة الأمريكية.

منذ ما يقارب الثمانية عقود، شكّل الدولار الأمريكي حجر الزاوية في التجارة العالمية والتمويل والاستقرار الاقتصادي، مما منح واشنطن ميزة استثنائية في التأثير على الشؤون العالمية. غير أن العالم يشهد اليوم حرباً مالية صامتة تهدد بتقويض هذا الاحتكار وإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي.

برزت حركة "إلغاء الدولرة" أو ما يُعرف بـ"de-dollarization" كجزء من تحول جيوسياسي عميق تتصدره اقتصادات ناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا. تسعى هذه الدول للحد من اعتمادها على الدولار، في محاولة للتحرر من هيمنة اقتصادية استمرت لعقود طويلة.


جذور هيمنة الدولار

تعود أصول هيمنة الدولار إلى اتفاقية بريتون وودز عام 1944، التي نصبت الدولار كعملة احتياطية عالمية مدعومة بالذهب، مما وضع الولايات المتحدة في مركز التجارة والتمويل الدوليين. ولكن مع قرار الرئيس ريتشارد نيكسون في عام 1971 بإنهاء ربط الدولار بالذهب، تحوّل الدولار إلى عملة ورقية تعتمد على الثقة بالاقتصاد الأمريكي.

لتعزيز مكانته، وقّعت واشنطن اتفاقية مع السعودية ومنظمة أوبك لاعتماد الدولار كعملة حصرية لبيع النفط، مما أجبر الدول المستوردة على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الدولارات، وعزز من موقع العملة الأمريكية. غير أن هذا النظام بدأ يشهد تصدعات مع لجوء قوى اقتصادية كبرى لتجاوز الدولار في تجارتها.


استخدام الدولار كسلاح

أحد الدوافع الرئيسية وراء حركة إلغاء الدولرة هو استخدام الولايات المتحدة للدولار كسلاح اقتصادي. فقد فرضت واشنطن عقوبات على دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، مستغلة سيطرتها على النظام المالي العالمي. هذه الإجراءات دفعت العديد من الدول إلى البحث عن بدائل خوفاً من أن تصبح الهدف التالي للعقوبات الأمريكية.


دور تكتل "بريكس" في تقويض هيمنة الدولار

يقود تكتل "بريكس" - الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - الجهود الرامية للحد من الاعتماد على الدولار. ويسيطر هذا التكتل على نحو 40% من سكان العالم وأكثر من 31.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

بدأت روسيا والصين تنفيذ معاملات تجارية ثنائية بعملتيهما المحليتين، وبدأت الهند بشراء النفط الروسي بالروبية. كما تدرس دول "بريكس" إنشاء عملة جديدة مدعومة بالذهب أو سلة من العملات الوطنية، مما يهدد هيمنة الدولار بشكل مباشر.


الصين في قلب التحول المالي العالمي

تلعب الصين دوراً محورياً في هذا التحول. فاليون الصيني (الرنمينبي) يتم الترويج له كعملة احتياطية عالمية، وقد وقّعت بكين اتفاقيات لمبادلة العملات مع أكثر من 40 دولة لتسهيل المعاملات التجارية باليوان.

في عام 2016، أدرج صندوق النقد الدولي اليوان في سلة حقوق السحب الخاصة، بجانب الدولار واليورو والين والجنيه الإسترليني. كما أطلقت الصين اليوان الرقمي (e-CNY) كأول عملة رقمية رئيسية صادرة عن بنك مركزي، ويجري استخدامه كآلية دفع بديلة في التجارة الدولية.


التكنولوجيا الرقمية والعملات المشفرة كبدائل

ساهمت تقنية البلوكشين والعملات المشفرة في تسريع وتيرة إلغاء الدولرة. فقد بدأت دول مثل روسيا وإيران والإمارات في دراسة استخدام العملات المشفرة في المعاملات عبر الحدود، وتطوير عملاتها الرقمية الخاصة لتسهيل التجارة بعيداً عن هيمنة الدولار.


عودة الذهب كملاذ مالي آمن

تعمل دول مثل روسيا والصين على زيادة احتياطاتها من الذهب، في خطوة تعزز الاتجاه نحو العودة إلى نظام مالي مدعوم بالذهب. كما بدأت الإمارات والسعودية في تنفيذ صفقات تجارية باستخدام الذهب واليوان بدلاً من الدولار.


تحديات وفرص للدول النامية

تمثل حركة إلغاء الدولرة فرصة للدول النامية مثل باكستان وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا لتعزيز سيادتها المالية. إلا أن هذا التحول يرافقه تحديات كبيرة مثل تقلبات العملة ومخاطر التضخم وعدم الاستقرار المالي.

ذو صلة

مستقبل النظام المالي العالمي

رغم استمرار هيمنة الدولار، إلا أن قبضته بدأت تضعف أمام صعود قوى اقتصادية جديدة واعتماد أنظمة مالية بديلة. يمثل هذا التحول فرصة تاريخية لدول الجنوب العالمي للتخلص من الاعتماد المالي على الغرب، وبناء اقتصادات أكثر استقلالية.

ذو صلة