شركة عالمية ستدمج البيانات الشخصية في نظام موحد للذكاء الاصطناعي.. “حتى الحمض النووي”

3 د
دعا لاري إليسون إلى توحيد جميع بيانات المواطنين الأمريكيين، بما في ذلك الحمض النووي، في نظام واحد لتغذية الذكاء الاصطناعي.
يرى أن هذا سيحسن الرعاية الصحية، والزراعة، والخدمات الحكومية، لكنه يثير مخاوف بشأن الخصوصية والمراقبة.
سبق أن صرح بأن المراقبة المستمرة ضرورية لضبط السلوك، مما يعزز المخاوف حول الجوانب الرقابية لمقترحاته.
تستثمر أوراكل مليارات الدولارات في بناء مراكز بيانات عملاقة لدعم تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
في خطوة مثيرة للجدل، دعا لاري إليسون، الملياردير المؤسس لشركة أوراكل، إلى توحيد جميع بيانات الولايات المتحدة – بما في ذلك المعلومات الجينومية للمواطنين – في نظام واحد يعمل بالذكاء الاصطناعي، زاعمًا أن ذلك سيؤدي إلى تحسين الخدمات الحكومية وتعزيز الأمن الوطني.
جاءت تصريحات إليسون خلال حديثه في القمة العالمية للحكومات في دبي، حيث ناقش رؤيته مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير. وأكد إليسون، الذي يُصنَّف كواحد من أغنى الشخصيات في العالم، أن الذكاء الاصطناعي على وشك إحداث تغيير جذري في مختلف جوانب الحياة.
"يجب أن نوحد كل البيانات الوطنية"
بحسب إليسون، فإن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى بيانات شاملة عن الدولة ليتمكن من تقديم رؤى وتحليلات دقيقة. لذا، يجب أن تجمع الحكومات كافة أنواع البيانات – من المعلومات الجغرافية والاقتصادية إلى السجلات الصحية الإلكترونية، بما في ذلك بيانات الحمض النووي – في نظام موحد قابل للاستيعاب من قِبل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وقال إليسون:
"يجب أن أخبر نموذج الذكاء الاصطناعي بأكبر قدر ممكن عن بلدي. نحن بحاجة إلى توحيد جميع البيانات الوطنية ووضعها في قاعدة بيانات تجعلها سهلة الوصول للذكاء الاصطناعي، ومن ثم طرح أي سؤال نرغب في الإجابة عليه. هذا هو الرابط المفقود"
وأشار إلى أن هذا النهج سيؤدي إلى تحسين الرعاية الصحية من خلال علاجات مخصصة لكل فرد، كما سيساعد الحكومات على تحسين الإنتاج الزراعي عبر توقع معدلات المحاصيل وتحليل الأراضي لتوجيه المزارعين نحو أفضل طرق التسميد والري.
وأضاف إليسون:
"طالما أن الدول ستضع بياناتها – كلها – في مكان واحد، يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة رعاية المرضى والسكان بشكل عام، كما يمكنه مكافحة الاحتيال وتحسين الخدمات الاجتماعية."
هل تمهد قاعدة البيانات الضخمة لمراقبة دائمة؟
لكن توحيد البيانات بهذا الشكل يثير مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمن. فالمقترح الذي قدمه إليسون لا يقتصر على تحسين الخدمات الحكومية فحسب، بل يحمل أيضًا أبعادًا رقابية. فهو نفسه سبق أن دافع عن المراقبة الدائمة، معتبرًا أنها أداة لضبط سلوك الأفراد.
في سبتمبر 2024، صرح إليسون في اجتماع مع محللي أوراكل الماليين بأن المراقبة المستمرة التي تدعمها تقنيات التعلم الآلي من أوراكل يمكن أن تساعد في "إبقاء الجميع على أفضل سلوكهم."
ويعيد هذا التصريح إلى الأذهان برامج المراقبة الشاملة مثل PRISM التي كشفتها تسريبات إدوارد سنودن، والتي أظهرت مدى تغلغل المخابرات الأمريكية في بيانات المستخدمين حول العالم.
مشروع طموح واستثمارات هائلة
من الناحية التجارية، لدى إليسون وأوراكل حافز اقتصادي كبير لدفع الحكومات نحو تبني هذه الرؤية. فالشركة تُعد مقاولًا رئيسيًا للحكومات والجيش الأمريكي، وتسعى إلى ترسيخ مكانتها كمزود رئيسي للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
وكشف إليسون خلال القمة أن أوراكل تعمل حاليًا على بناء مركز بيانات عملاق بقدرة 2.2 جيجاواط، بتكلفة تتراوح بين 50 و100 مليار دولار، ليكون بمثابة منصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وقال: "نظرًا لارتفاع تكلفة هذه النماذج، لن يكون من المنطقي أن تبني كل دولة نظامها الخاص. سيكون هناك عدد محدود من هذه النماذج، مضيفًا أن منشآت أوراكل ستكون من بين المراكز القليلة القادرة على تشغيلها.
علاوة على ذلك، تعد أوراكل جزءًا من مشروع Stargate، الذي يهدف إلى استثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة، مما يشير إلى سباق عالمي نحو هيمنة التكنولوجيا.
هذه التطورات تطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل البيانات الشخصية والحدود بين التكنولوجيا والخصوصية، في وقت تزداد فيه قوة الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمعات.