فيسبوك يفقد بريقه… ورسائل مسرّبة تكشف كيف حاولت ميتا إبقاءه “كول” بأي ثمن

3 د
تواجه ميتا أزمة داخلية للحفاظ على شعبية فيسبوك وجذب فئات جديدة.
يشعر زوكربيرج أن نموذج "الأصدقاء" تقليدي ويفكر في تحديثات كبيرة.
تهدف ميتا لاستعادة روح فيسبوك "الأصلي" عبر تحديثات لجذب الشباب.
تكتيكات ميتا تتضمن مواجهة المنافسين بالشراء أو التقليد.
تستخدم لجنة التجارة الفيدرالية الوثائق لدعم قضايا احتكار ضد ميتا.
في أول أسبوع من محاكمة شركة "ميتا" المالكة لفيسبوك بشأن قضايا الاحتكار والمنافسة، ظهرت إلى العلن وثائق ورسائل إلكترونية كشفت عنها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC)، ألقت الضوء على أزمة داخلية كانت تواجه عملاق التواصل الاجتماعي للحفاظ على شعبية المنصة وجذب المستخدمين من مختلف الفئات العمرية.
شعبية فيسبوك في تراجع مستمر
الوثائق التي تم الكشف عنها تعود إلى عام 2022، وتؤكد أن قيادات الشركة، وعلى رأسهم مؤسسها مارك زوكربيرغ، كانوا يدركون بشكل كبير خطورة الوضع وأن شعبية فيسبوك أصبحت في تراجع ملحوظ. النقاش داخل تلك الرسائل الإلكترونية كشف مخاوف المدراء التنفيذيين من أن يكون "تصميم وإستراتيجية فيسبوك" قد عفى عليهما الزمن مقارنةً بمنصات أخرى أكثر جذبًا للجمهور الشاب، مثل "تيك توك" و"إنستجرام".
وفي رسائل نُشرت مؤخرًا، يؤكد زوكربيرج بنفسه في بدايات عام 2022 أن ميزة "الأصدقاء" في فيسبوك أصبحت قديمة، ولم تعد فعالة لجذب المستخدمين مقارنة بـ"نموذج المتابعة" الأكثر بساطة وشعبية، الذي تعتمده منصات التواصل الأخرى. وكانت المفاجأة عندما تبيّن أن زوكربيرج طرح فرصة جريئة – ومستغربة من البعض – وهي حذف قوائم الأصدقاء بشكل جماعي وإلزام المستخدمين بالبدء من جديد تمامًا، بهدف إعادة الحيوية والتفاعل للمنصة بشكل جذري.
خطة استعادة "فيسبوك الأصلي"
مع انتقالنا إلى العام 2025، يبدو أن هذه الأزمة لا تزال قائمة. في مؤتمر إعلان نتائج الأرباح مؤخراً، تحدث زوكربيرج عن أن الشركة تمر بمرحلة مفصلية لإعادة فيسبوك إلى مكانته "الأصلية" أو ما سماه "OG Facebook"، في إشارة منه إلى المراحل الأولى للفيسبوك عندما كان مكاناً يركز على الصداقات والعلاقات الشخصية بشكل مبسط.
وكانت إحدى الخطوات التي أخذتها الشركة مؤخراً ضمن هذا التوجه هي إطلاقها تحديثًا لعلامة التبويب الخاصة بالأصدقاء، في محاولة لجعل المنصة أكثر جاذبية للشباب وإعادة التفاعل إلى ما كان عليه في بدايات الشبكة الاجتماعية.
تكتيكات ميتا للتعامل مع منافسيها
كشفت المحاكمة أيضاً تكتيكات مثيرة للجدل كانت ميتا تتبعها في محاولة لمواجهة منصات منافسة، مثل إنستجرام، قبل أن تستحوذ عليها عام 2012. فالوثائق تثبت بوضوح أن فريق فيسبوك كان قلقًا بشدة من النمو الكبير الذي حققه التطبيق، وتساءل عن السعر المناسب الذي يجب أن تدفعه الشركة للاستحواذ عليه بهدف ضمان عدم نمو منافس فعلي لفيسبوك.
لكن أحد الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام، هي استراتيجية "اقتله أو اشتريه" التي ظهرت بشكل واضح من خلال الرسائل التي تناقش إمكانية نسخ مميزات إنستجرام أو الاستحواذ عليه ثم تعطيل نموه وإبطاء تطويره لصالح تطبيقات الشركة الأخرى.
قضايا قانونية ومخاوف الاحتكار
تستخدم لجنة التجارة الفيدرالية هذه الوثائق والأدلة لدعم قضيتها ضد "ميتا"، حيث تتهم الشركة بانتهاك قوانين المنافسة من خلال شراء المنصات المنافسة وإنهاء التنافس معها قبل أن تصبح قوية بشكل كبير. وإذا تأكدت هذه التهمة، فقد يؤدي ذلك إلى إجبار ميتا على تقسيم خدماتها بشكل كبير، وربما بيع إنستجرام أو واتساب أو كليهما.
أما ردود شركة ميتا على هذه المستندات والادعاءات فلم تظهر حتى الآن بوضوح على نطاق واسع، لكنها على الأغلب ستدافع عن عمليات الاستحواذ التي قامت بها بوصفها قرارات تجارية عادية في قطاع التقنية.
مستقبل غير واضح لفيسبوك
ورغم الخطوات الأخيرة والتغييرات التي أعلنتها ميتا، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت تلك الاستراتيجية ستؤتي ثمارها أم أنها جاءت متأخرة جدًا بعد تغيّر أذواق المستخدمين بشكل كبير.
لكن الشيء واضح تمامًا حاليا: فيسبوك يواجه تحديات ضخمة للحفاظ على شعبيته واستعادة ثقة الجيل الجديد من المستخدمين الذين يبحثون عن تجربة تواصل اجتماعي مختلفة عما يقدمه "العملاق الأزرق" اليوم. وتعكس الوثائق التي عُرضت مدى إدراك الشركة وخوفها من فقدان تفوقها الثقافي والتكنولوجي، والسؤال الأهم: هل الخطوات الجديدة كافية لاستعادة ثقة الجيل الأصغر، أم أن الضرر بات كبيراً لإصلاحه؟ وحده الوقت كفيل بالكشف عن الإجابة.