ظهور ما يُعرف بـ”الشبكات البطيئة” التي تركّز على الدفء والحميمية والإنسانية.. بدلًا من السلبية والمحتوى السام الحالي
![](/_next/image?url=https%3A%2F%2Fcdn.arageek.com%2Fnews-magazine%2FRising-economics-2025-01-28T120207.802.png&w=3840&q=75)
3 د
تعاني وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية من انهيار في قيمتها بسبب السلبية والمحتوى السام.
تُعيد منصات جديدة مثل "Find My Friends" و"Strava" التركيز على العلاقات الحقيقية.
تُعرف التطبيقات الجديدة باسم "الشبكات البطيئة" وتتميز بالدفء والحميمية.
يبدو المستقبل الرقمي أكثر تفاؤلًا مع هذه التجارب التي تركز على التواصل الإنساني.
في زمن ليس ببعيد، كانت وسائل التواصل الاجتماعي تُعتبر المصدر الأول لكل ما هو جديد؛ سواء الأخبار العاجلة، أو الثقافة المعاصرة، أو الآراء الذكية. ولكن اليوم، يبدو أن هذه المنصات قد تحوّلت إلى مصدر للإحباط والانزعاج بدلاً من الإلهام والاتصال.
انهيار السرد القديم
لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي كما كانت من قبل. في بداياتها، كان يُنظر إلى "تويتر" (حاليًا X) كمكان لمشاركة التفاصيل اليومية العادية، مثل وجبة الإفطار. واليوم، حتى تلك التفاصيل البسيطة يمكن أن تتحول إلى نقطة اشتعال في صراعات ثقافية وسياسية.
"فيسبوك"، الذي كان يومًا ما المكان الرئيسي للتواصل، أصبح الآن يعج بمحتوى عشوائي يولده الذكاء الاصطناعي، وأصبح منبرًا للنقاشات السامة وخطاب الكراهية. "إنستغرام"، رغم جمالياته البصرية، لا يختلف كثيرًا. أما "تويتر"، فقد تحول إلى ساحة معارك كلامية يصعب متابعتها دون أن تشعر بعبء نفسي كبير.
هل هذه نهاية وسائل التواصل الاجتماعي؟
بعض المنصات، مثل "تيك توك" و"يوتيوب"، تحاول الابتعاد عن هذه الديناميكية السامة. "تيك توك"، رغم مشاكله، لا يزال أقل عداوة نسبيًا. أما "يوتيوب"، فبات يركز أكثر على صناع المحتوى الكبار، مما جعل التجربة أقل احتكاكًا وأقل انفتاحًا على الجدالات غير المرغوبة.
في المقابل، منصات مثل "ريديت" توفر تجربة أكثر هدوءًا بفضل طابعها المجهول والطوعي. بينما "واتساب" و"تليغرام"، رغم مخاطرهما المتعلقة بنشر المعلومات الخاطئة، تبقى تجربة استخدامهما متعلقة بجودة العلاقات الشخصية للمستخدمين.
ظهور "الشبكات البطيئة"
وسط هذا الانهيار، ظهر نوع جديد من التطبيقات التي يمكن وصفها بـ"الشبكات الاجتماعية البطيئة". هذه التطبيقات تهدف إلى إعادة التركيز على جوهر التواصل: العلاقات الحقيقية بين الأشخاص. بدلاً من السعي وراء الشهرة أو إثارة الجدل، تتمحور هذه المنصات حول تعزيز الروابط الشخصية.
تطبيق "Find My Friends" من أبل، على سبيل المثال، يتيح للمستخدمين معرفة مواقع أصدقائهم بشكل لحظي. وبالنسبة للشباب، تطبيق "Life360" يوفر نفس الوظيفة مع مزيد من التحكم في الخصوصية. تطبيقات مثل "Strava" و"Garmin Connect" تجعل من تتبع النشاطات الرياضية وسيلة للتشجيع والدعم بدلًا من التنافس.
حتى التطبيقات الموسيقية مثل "Airbuds"، التي تعرض الأغاني التي يستمع إليها أصدقاؤك، تُعد طريقة مبتكرة لمشاركة اللحظات اليومية. هذه التجارب ليست فقط شخصية، بل تكشف أيضًا جوانب خفية عن حياة المستخدمين، مثل حالتهم النفسية.
لماذا تختلف هذه التجارب؟
تمنح "الشبكات البطيئة" شعورًا بالأمان بسبب طبيعتها الصغيرة والمغلقة. الجمهور على هذه التطبيقات غالبًا معروف ومحدد، مما يجعل التجربة أكثر دفئًا وأقل عدائية. بالإضافة إلى ذلك، هذه المنصات لا تسعى لاحتجاز المستخدمين عبر الخوارزميات الجاذبة، بل تتيح لهم التفاعل وفقًا لرغبتهم الشخصية.
المستقبل: أمل جديد في عصر متغير
ما يُميز هذه الشبكات هو التركيز على القيمة الحقيقية للعلاقات الإنسانية. يمكن لهذه التطبيقات أن تعيد تعريف معنى التواصل الرقمي، مما يجعلها أكثر قربًا إلى الغاية الأصلية لوسائل التواصل الاجتماعي: تعزيز الروابط بدلاً من تمزيقها.
بينما تواجه المنصات الكبرى مثل "فيسبوك" و"تويتر" أزمات وجودية، يمكن أن تمثل "الشبكات البطيئة" مستقبلًا أكثر إنسانية للتفاعل عبر الإنترنت. إذا كانت المنصات الاجتماعية التقليدية قد فقدت معناها، فإن التطبيقات الجديدة تقدم بصيص أمل في عالم رقمي أكثر إشراقًا.