قيمة مُضخّمة وصفقة مثيرة للشكوك: كيف يُدير ماسك أمواله بين شركاته؟

4 د
إيلون ماسك يقدم على صفقة استحواذ بين شركتي X وxAI المملوكتين له.
شراء ماسك لتويتر بـ 44 مليار دولار أدى لانخفاض قيمتها لاحقًا بسبب الديون.
تساءلات المستثمرين تزداد بعد ارتفاع قيمة X مجددًا لاتفاقية مشبوهة بين شركات ماسك.
تخوفات حول تأثير الصفقة على مستثمري تسلا واحتمالية تضارب المصالح.
من جديد يعود إيلون ماسك ليثير الجدل في الأوساط المالية والاستثمارية، وهذه المرة من خلال صفقة استحواذ لافتة تجمع بين شركتين يملكهما بنفسه، وتحديدًا شركتي "X" (الشركة المالكة لتويتر سابقًا) وشركة الذكاء الاصطناعي الخاصة به (xAI)، وسط تساؤلات كبرى تطرحها الأسواق والمحللون الماليون حول هذا التحرك.
ماسك يستعيد القيمة الحقيقة أم يُضخِّم حصته الشخصية؟
قبل نحو عامين، قام ماسك بشراء منصة تويتر بمبلغ يصل إلى 44 مليار دولار، وفي ذلك الحين كان ماسك يدرك جيدًا أنه يدفع ثمنًا باهظًا أكثر من قيمة المنصة الحقيقية. بعد فترة قصيرة من عملية الشراء، تراجعت القيمة بشدة، وقامت مؤسسات كبرى مثل "فيداليتي" بخفض تقييم استثماراتها في تويتر بما يصل إلى 65 بالمائة، لتصل قيمة تويتر بحلول أكتوبر 2024 إلى عشرة مليارات دولار فقط مقارنة بالسعر الأصلي.
وجاء هذا الانخفاض الكبير بسبب عوامل عدة، أهمها أن تويتر حملت على عاتقها مديونية ثقيلة بنحو 12 مليار دولار بعد استحواذ ماسك، كما تراجعت إيرادات المنصة بنحو النصف تحت إدارته.
تقييمات غريبة وسط تساؤلات المستثمرين
في تطور مفاجئ، عادت قيمة X لترتفع بشكل خيالي خلال فترة قصيرة جدًا - من 10 مليارات دولار في أكتوبر 2024 إلى 44 مليار دولار في مارس 2025 - وهو ارتداد سريع وغير مفهوم جعل العديد من الخبراء يطرحون تساؤلات مكثفة حول جدية وصحة هذا التقييم.
وسرعان ما اتضح أن وراء هذا الارتفاع اتفاقية غامضة تم إبرامها بين شركتين يسيطر عليهما ماسك بنفسه: عندما قامت شركته "xAI" التي تهتم بتطوير منتجات الذكاء الاصطناعي بشراء X مقابل 45 مليار دولار في صفقة جميعها تعتمد على مبادلة الأسهم والأوراق المالية.
كيف يؤثر ذلك على المستثمرين؟
الأمر لا يتوقف عند مجرد رقم التقييم، بل يمتد ليؤثر على شرائح واسعة من المستثمرين العاديين الذين يمتلكون أسهمًا في "تسلا". فقد سبق وأن اقترح ماسك أن تقوم تسلا - شركة السيارات الكهربائية العملاقة المدرجة في الأسواق المالية - بالاستثمار في xAI بمبلغ يقارب 5 مليارات دولار. وبعد الصفقة الأخيرة التي جعلت من xAI شركة تقدر قيمتها بـ 125 مليار دولار - رغم افتقارها للإيرادات وللتواجد الحقيقي في السوق - أصبح من المحتمل أكثر من أي وقت مضى أن يضغط ماسك خلال اجتماع مساهمي تسلا القادم لإقرار استثمار ضخم للشركة في xAI.
إذا تم ذلك، سيكون مستثمرو تسلا قد شاركوا بشكلٍ أو بآخر في تحمل أعباء الصفقة المثيرة للتساؤلات التي يتلاعب بها ماسك بين شركاته الخاصة والعامة، لاسيما وأن قيمة تقييم شركة الذكاء الاصطناعي تبدو مبالغًا فيها وفقًا لمحللين متخصصين.
تضارب في المصالح بين مساهمي تسلا ومالكها؟
يشير الخبراء أيضًا إلى تناقض واضح في مصالح إيلون ماسك بين دوره كمالك ومدير عام لـ "xAI"، وبين مهامه كرئيس شركة تسلا. في العام الماضي، قام بعض المستثمرين في تسلا برفع قضية ضد ماسك بزعم انتهاكه قواعد مسؤوليته المالية والقانونية تجاههم، وذلك بسبب تأسيسه شركة للذكاء الاصطناعي خارج إطار تسلا، رغم تصريحه سابقًا بأن تسلا ستكون من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويبدو أن هذا التضارب مستمر بل ومستفحل بعد "الصفقة الأخيرة"، حيث أفاد خبراء السوق بأن خطوة دمج تويتر في xAI جاءت بهدف تضخيم القيمة قبل عملية الاستثمار المحتملة من قبل تسلا، ما يمثل تخطيطًا استباقيًا يحمي مصالح ماسك المالية والشخصية.
دمج الذكاء الاصطناعي بمنتجات تسلا.. هل هو حقيقي؟
ماسك كذلك تحدّث سابقًا عن خططه لإدخال خدمات الذكاء الاصطناعي التي تطورها xAI في منتجات شركة تسلا، لا سيما السيارات الكهربائية وربما الروبوتات التي كان ماسك أعلن عنها في وقت سابق. بإتمام هذه الخطوة، سيكون من الأسهل لماسك أن يُبرر لتسلا المساهمة وضخ الأموال في xAI بذريعة "ضرورة الذكاء الاصطناعي في المنافسة السوقية مستقبلًا".
صمت الأسواق المالية وأسئلة مخيفة للمستثمرين
وفي الوقت الذي تزداد فيه تعقيدات وتشابكات هذه الاستثمارات وعمليات الاستحواذ، تتزايد مخاوف المستثمرين في تسلا من إمكانية إقرار هذه الصفقة، خاصة في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الأسواق عمومًا وتسلا تحديدًا، مع تراجع الأرباح وانخفاض المبيعات وتزايد المنافسة في الأسواق العالمية.
ورغم كل التحذيرات والتساؤلات التي طُرِحت باستمرار، يشير المراقبون إلى أن مستثمري تسلا ربما يوافقون على هذه الخطة ويمنحون ماسك الضوء الأخضر مرة أخرى، وهذا وحده يكفي لإثارة قلق كبير حول حوكمة الشركات العامة ودورها في حماية مصالح المستثمرين العاديين.
في هذه المرحلة، يترقب الجميع ما سيسفر عنه اجتماع المساهمين في شركة تسلا، بينما تظل الكثير من علامات الاستفهام قائمة حول استراتيجية إيلون ماسك الغامضة، والتي يبدو أنها لن تتوقف عند هذا الحد بل ستستمر في التأرجح بين وعود طموحة ومخاطر محتملة لملايين المستثمرين حول العالم.