ذكاء اصطناعي

لا وجود للانفجار العظيم؟ نظرية ثورية تهزّ أسس النموذج الكوني التقليدي!

لا وجود للانفجار العظيم؟ نظرية ثورية تهزّ أسس النموذج الكوني التقليدي!
فريق العمل
فريق العمل

3 د

تشير دراسة جديدة إلى أن الكون نشأ من ظواهر "التفردات الزمنية العابرة" بدلاً من الانفجار العظيم الواحد.

تنفي هذه النظرية الحاجة للطاقة والمادة المظلمتين، مع التزامها بقوانين الفيزياء الأساسية.

يعتمد تفسير توسع الكون على "الضغط السلبي" الذي ابتكره أينشتاين منذ قرن.

تدعو النظرية لاختبارات باستخدام تلسكوبات أرضية لرصد "الانزياح نحو الأحمر".

تعتبر النظرية فرضية جديدة لكنها تفتح البوابات لنقاش علمي جديد حول أسرار الكون.

لفترة طويلة ظل العلماء يجمعون على أن بداية الكون ومراحله الأولى جاءت نتيجة الانفجار العظيم المعروف، وهو الحدث الكوني الذي يُعتقد أنه تسبب في خلق كل ما نعرفه اليوم من مادة وطاقة وزمن. لكن مؤخرًا ظهرت نظرية علمية جديدة تقترح تصورًا مختلفًا تمامًا، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في كل ما تم قبوله حول أصل الكون وتطوره.


ما الذي تقترحه هذه النظرية الجديدة؟

الدكتور ريتشارد ليو، عالم الفيزياء المخضرم بجامعة ألاباما في مدينة هانتسفيل الأمريكية، طرح رؤية ثورية مفادها أن توسع الكون وربما وجودنا نفسه قد لا يكون ناتجًا فقط عن ظاهرة الانفجار العظيم الواحد الشهير، وإنما عن ظواهر متكررة من الانفجارات السريعة والطاقة الخفية التي سماها "التفردات الزمنية العابرة".

تخيّل معي أن الكون يمر بفترات زمنية محددة وقصيرة جدًا، تُطلق خلالها حزمًا مفاجئة من الطاقة والمادة، دون أن نلحظ وجودها، بسبب سرعتها الشديدة وندرة حدوثها. في هذه اللحظات القصيرة تظهر المادة والطاقة بكميات مهولة، لكنها تتلاشى سريعًا لدرجة أننا لا نستطيع رصدها بأجهزتنا الحالية.


لماذا هي فكرة جريئة ومختلفة عما اعتدنا سماعه؟

لأنها ببساطة تستبعد فكرة الطاقة المظلمة والمادة المظلمة التي يعتمد عليها العلماء بشكل أساسي لتفسير أشكال مختلفة من أوجه قصور النظريات الحالية. وعلى الرغم من أن تلك العناصر المظلمة تشكل حجر الأساس للعديد من النظريات الفلكية، إلا أنها لم تُرصد تجريبيًا حتى اليوم.

على عكس هذه الأفكار التقليدية، يقدم النموذج الجديد توضيحًا بديلًا يعتمد على فكرة التفردات الزمنية، التي تسمح بتفسير التوسع الكوني وتكوين المجرات دون الحاجة إلى المادة والطاقة المظلمتين، وفي نفس الوقت تبقى هذه النظرية متوافقة مع قوانين الفيزياء الأساسية، مثل حفظ الطاقة والكتلة، دون خرق قوانين الطبيعة التي نعرفها.


الضغط السلبي وتوسع الكون

من الجوانب المميزة في نظرية ليو الجديدة، أنها تفسر أيضًا التوسع الكوني، وذلك باستخدام فكرة الضغط السلبي التي قدمها ألبرت أينشتاين نفسه منذ أكثر من قرن. يرى ليو أن التفردات العابرة هذه بإمكانها إنشاء ظروف الضغط السلبي، مما يؤدي إلى ظاهرة تسارع توسع الكون التي حيرت العلماء طويلًا.

يقول الدكتور ليو بهذه النقطة: "ما نراه من تسارع متزايد اليوم في اتساع الكون يمكن شرحه بسهولة من خلال التفردات الزمنية العابرة تلك، دون الحاجة للجوء إلى فرضيات صعبة مثل وجود كثافة سالبة أو مادة غريبة لم نستطع أن نكتشفها حتى اليوم".


تحدي النموذج التقليدي بنظرية قابلة للاختبار

من أهم الجوانب في هذه النظرية الجديدة أن الدكتور ليو لا يكتفي فقط بتقديم فرضيات نظرية، بل يؤكد أن نموذجه هذا يمكن اختباره فعليًا باستخدام تقنيات الرصد التي تتوافر لدينا اليوم بالفعل. بدلًا من الاعتماد فقط على المراصد الفضائية عالية التكلفة، يمكن للباحثين أن يستخدموا تلسكوبات أرضية مثل منظومة تلسكوبات مرصد كيك في هاواي أو مراصد إسحاق نيوتن في إسبانيا.

يضيف ليو: "إذا استطعنا استخدام مثل هذه التلسكوبات في مراقبة التحولات الزمنية بطريقة أكثر دقة، فقد نرصد حينها طفرات أو فروقات واضحة في العلاقة بين الانزياح الأحمر بين المجرات والمسافات بينها؛ وإذا حدث ذلك فعلًا، فهذا سيكون اكتشافًا استثنائيًا يؤكد فرضية النموذج الجديد".


ما معنى الانزياح نحو الأحمر إذن؟

ذو صلة

ببساطة شديدة، الانزياح نحو الأحمر هو تغير في تردد الضوء القادم من مجرة بعيدة، وكلما زاد الانزياح نحو الأحمر للمجرة، زادت المسافة بيننا وبين هذه المجرة، وزاد عمر الكون منذ انبعاث ضوئها. وإذا أثبتنا حدوث تلك "القفزات" التي يتحدث عنها ليو، سنكون فعليًا اقتربنا من فهم مختلف تمامًا لتاريخ الكون.

في الختام، نقول إن هذا البحث الجديد الذي نشر مؤخرًا عبر مجلة "Classical and Quantum Gravity"، لا يعدو كونه فرضية نظرية في الوقت الحالي، لكنه يفتح الطريق أمام العلماء للنظر بطريقة جديدة إلى أكثر التساؤلات تعقيدًا في طبيعة الكون. ورغم الجرأة في الطرح إلا أن النقاش العلمي ما زال مستمرًا؛ فهل يشهد المجتمع العلمي قريبًا تحولًا نوعيًا في فهم أصل كوننا بالفعل؟ الأيام القادمة قد تحمل إجابة عن ذلك.

ذو صلة