ذكاء اصطناعي

ما هذه الضجة التي يشهدها ديبسيك؟ إنّه يطيح بالأسواق حقًّا

فريق العمل
فريق العمل

4 د

أطلقت ديبسيك نماذج ذكاء اصطناعي تنافس أقوى النماذج الأمريكية بتكلفة أقل بكثير.

يعزز موذج "R1" الجديد التفكير المنطقي التدريجي، مما يجعله قويًا في تحليل المشكلات المعقدة.

شهدت أسهم شركات التقنية الكبرى انخفاضًا حادًا بعد إطلاق ديبسيك، مما أربك الأسواق.

قد تجعل إتاحة نماذج مفتوحة المصدر الذكاء الاصطناعي أكثر انتشارًا وأقل تكلفة للمستخدمين والباحثين.

.

في خطوة هائلة أثارت صدمة في الأوساط التقنية العالمية، أطلقت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية ديبسيك (DeepSeek) نماذج ذكاء اصطناعي فائقة الكفاءة، قادرة على منافسة منتجات متطورة من شركات أمريكية عملاقة مثل أوبن إيه آي (OpenAI) وأنثروبيك (Anthropic).

تأسست ديبسيك عام 2023، وتمكنت من تحقيق إنجازاتها بميزانيات أقل بكثير وباستخدام موارد حسابية محدودة مقارنة بمنافسيها، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية.


إطلاق نموذج "R1" يثير ضجة واسعة

أثار النموذج الجديد "R1"، الذي أصدرته الشركة الأسبوع الماضي، حماس الباحثين، ودهشة المستثمرين، وردود فعل من كبار صانعي الذكاء الاصطناعي. وفي 28 يناير، أطلقت الشركة نموذجًا آخر قادرًا على العمل مع الصور والنصوص، مما يعزز قدراتها في تحليل البيانات المتعددة الأنماط، وقد أشاد الكثير من المستخدمين بهذا النموذج قائلين عذرًا سام ألتمان.. DeepSeek أفضل من ChatGPT.


ماذا فعلت ديبسيك؟

في ديسمبر، أصدرت ديبسيك نموذجها "V3"، وهو نموذج لغة كبير (LLM) يتمتع بقوة أداء مماثلة لنماذج GPT-4o من أوبن إيه آي وClaude 3.5 من أنثروبيك. ورغم أن هذه النماذج ليست خالية من الأخطاء وقد تختلق معلومات أحيانًا، إلا أنها قادرة على تنفيذ مهام معقدة مثل الإجابة على الأسئلة، وكتابة المقالات، وتطوير الشيفرات البرمجية، بل وتفوقت على متوسط الأداء البشري في بعض اختبارات حل المشكلات والتفكير الرياضي.

لكن المفاجأة الأكبر كانت في التكلفة، حيث تم تدريب نموذج V3 بتكلفة لم تتجاوز 5.58 مليون دولار أمريكي، مقارنة بأكثر من 100 مليون دولار تكلفها تطوير نموذج GPT-4. كما استخدمت ديبسيك 2000 وحدة معالجة رسومية (GPU) من طراز H800 من إنفيديا، بينما استخدمت شركات أخرى ما يصل إلى 16,000 وحدة H100، وهي الأكثر تطورًا.

في 20 يناير، أصدرت ديبسيك نموذجها الجديد "R1"، والذي يعتمد على تقنيات "التفكير المنطقي التدريجي"، مما يجعله أكثر قدرة على تحليل المشكلات المعقدة وفهم النصوص الاستراتيجية والتخطيط بعيد المدى. يعتمد R1 على نموذج V3 ولكن مع تعزيزات تعتمد على التعلم التعزيزي (Reinforcement Learning)، ليعمل بمستوى مماثل لنموذج "o1" من أوبن إيه آي.

ديبسيك لم تكتفِ بذلك، بل أطلقت أيضًا إصدارات مفتوحة المصدر من نماذجها يمكن تشغيلها على أجهزة الحواسيب المنزلية، مما جعلها محط اهتمام واسع في الأوساط التقنية.


تأثير ديبسيك على الأسواق والاقتصاد التقني

إطلاق نماذج ديبسيك أثار موجة ضخمة من الاهتمام، مما أدى إلى ارتفاع كبير في شعبية تطبيق الدردشة الذكي الخاص بها، وأدى أيضًا إلى انخفاض حاد في أسهم شركات التقنية الكبرى، حيث خسرت إنفيديا وحدها حوالي 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في وقت قصير، مع إعادة المستثمرين تقييم مستقبل قطاع الذكاء الاصطناعي.


كيف تمكنت ديبسيك من تحقيق هذه الطفرة؟

نجاح ديبسيك يعود إلى تحقيق كفاءة أعلى باستخدام موارد أقل، وذلك عبر تقنيتين رئيسيتين قد تحدثان ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي:

  • تقنية "التناثر الحسابي" (Sparsity): تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي على مليارات المعاملات الرياضية التي تحدد استجابتها لأي مدخل. نموذج V3 يحتوي على 671 مليار معامل، لكن لا يتم استخدام إلا جزء صغير منها لكل إدخال. تمكنت ديبسيك من تطوير طريقة ذكية لتحديد المعاملات الضرورية فقط وتدريبها، مما أدى إلى تقليل وقت وتكلفة التدريب.
  • ضغط البيانات الذكي: طورت ديبسيك طريقة جديدة لضغط البيانات المخزنة في الذاكرة، مما يجعل الوصول إليها أسرع وأكثر كفاءة، ويسمح بتشغيل النماذج على أجهزة أقل قوة.

ما الذي يعنيه هذا للمستقبل؟

أصدرت ديبسيك نماذجها وتقنياتها بتراخيص مفتوحة المصدر (MIT License)، مما يعني أن أي شخص يمكنه تنزيلها وتعديلها بحرية. ورغم أن هذا قد يمثل تهديدًا لنماذج الأعمال التقليدية لشركات الذكاء الاصطناعي العملاقة، إلا أنه يُعد فرصة هائلة للمجتمع البحثي.

بالنسبة للباحثين المستقلين والجامعات، فإن إمكانية الوصول إلى نماذج عالية الكفاءة بموارد محدودة تعني إمكانية إجراء أبحاث وتطوير تقنيات جديدة دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة.

ذو صلة

أما بالنسبة للمستخدمين العاديين، فقد يؤدي هذا التطور إلى انخفاض تكلفة الوصول إلى الذكاء الاصطناعي، وربما تشغيل النماذج مباشرة على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية بدلًا من الاعتماد على السحابة وخدمات الاشتراك المدفوعة.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستساعد تقنيات ديبسيك على تحقيق تقدم جوهري في أداء الذكاء الاصطناعي؟ أم أنها مجرد طريقة أكثر كفاءة لتحقيق نفس المستوى من الأداء؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد مستقبل صناعة الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة.

ذو صلة