من يرمش أولًا؟ في المواجهة مع واشنطن… الصين ترفض أن تكون الطرف الأضعف

3 د
تصاعدت حدة التنافس بين الصين وأمريكا في قضايا الاقتصاد والتكنولوجيا.
الصين ملتزمة بثبات مواقفها دون تقديم تنازلات أمام واشنطن.
تتخذ واشنطن إجراءات صارمة للحد من نفوذ الصين في القطاعات التكنولوجية.
يُشبّه الوضع بحرب باردة جديدة تتنافس فيها الدولتان بعيدًا عن الساحة العسكرية.
على مدار السنوات الأخيرة، تصاعدت حدة التنافس بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بشكل أثار قلق العالم بأسره. والآن، تجد الدولتان نفسيهما في منطقة مجهولة ومليئة بالغموض، خاصة مع تصاعد المواجهة الاقتصادية والتكنولوجية التي باتت واضحة بشكل متزايد.
مَن يرمش أولًا؟
وسط هذا الصراع العالمي، تشير معظم التقديرات إلى أن الصين لن تكون الطرف الذي يُظهِر أول علامة من علامات الضعف أمام واشنطن. بكين على قناعة كبيرة بأن مستقبلها الاقتصادي والسياسي يعتمد اعتمادًا مباشرًا على ثباتها وعلى عدم تقديم أي تنازلات أو تراجع عن مواقفها المعلنة، لا سيما في قضايا التجارة، والتكنولوجيا، والسيادة الوطنية.
وتؤكد الوقائع أن القيادة الصينية لن تُقْدِم على أي خطوةٍ يمكن أن تُفسَّر بأنها تراجع أو تنازل، خاصة بعد أن استثمرت بكين الكثير في السنوات الماضية لبناء قوتها الاقتصادية والعسكرية على المستوى العالمي. وتعتبر الحكومة الصينية أن أي إشارة تراجع في موقفها الحالي مع الولايات المتحدة قد يهدد مكانتها العالمية وسمعتها لدى حلفائها وشركائها.
حرب تجارية باردة
من الناحية الأخرى، تواصل واشنطن أيضًا تمسكها بمواقفها الحازمة في مواجهة الصعود الصيني الذي يقلق القادة الأمريكيين. فقد اتخذت الإدارة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الإجراءات الصارمة التي استهدفت بها الاقتصاد الصيني، بهدف الحد من نفوذ الصين الاقتصادي، ومنعها من الهيمنة على القطاعات التكنولوجية الحيوية، مثل رقائق الكمبيوتر، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة الأخرى.
ورغم محاولات الطرفين تجنّب تصعيد مباشر قد يؤدي إلى صدام عسكري، إلا أن هذه التوترات والمنافسة أصبحت شبيهة بحرب باردة جديدة، تتصارع فيها القوتان بعيدًا عن الساحة العسكرية التقليدية، وفي ساحات الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا.
تأثير عالمي واسع
إن هذه الأزمة بين القوتين العالميتين ليست قضية تخصهما وحدهما، بل تؤثر بشكل مباشر على الاقتصادات العالمية وخاصة في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. وتنعكس آثار هذا الصراع في زيادة حالة عدم الاستقرار الاقتصادي، وخاصة أن سلاسل الإمداد العالمية تعتمد بشكل أساسي على الصين وأمريكا.
ويعبّر العديد من خبراء الاقتصاد عن قلقهم من أن استمرار هذه المواجهة لفترات طويلة قد يزيد من عدم اليقين في الأسواق، بشكل يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي، أو ربما إلى أزمات اقتصادية غير متوقعة.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
من الصعب تحديد وجهة هذا الصراع واضح المعالم؛ فالتصريحات الرسمية من الطرفين تعكس إصرارًا واضحًا على المواقف الحالية. ولكن يبقى السؤال الأبرز: إلى أين تتجه الأمور في هذه العلاقة المعقدة؟
يرى محللون أنه مع وجود مصلحة مشتركة للطرفين في عدم الدخول في مواجهة عسكرية، فإن أفضل السيناريوهات هو الوصول إلى مرحلة من التفاهم الهادئ، التي تضمن بعض التوازن والاستقرار، بدلًا من التصعيد الاقتصادي الخطر.
ويبقى التحدي الأكبر هو قدرة كلا الجانبين على التعامل بحكمة مع هذه التحديات، وإيجاد طريق نحو الحوار والتفاوض دون التضحية بالمصالح الاستراتيجية لأي طرف.
في ختام المطاف، يبدو أن العالم سيشهد مزيدًا من الأوقات المثيرة للتأمل والترقب، قبل أن تتضح ملامح هذه المواجهة غير المسبوقة بين العملاقين العالميين. وحتى ذلك الوقت، تظل العيون مفتوحة على بكين وواشنطن، في انتظار من "يرمش" أولًا.