موزيلا تتراجع عن تحديث الخصوصية المثير للجدل في فايرفوكس.. لكنها تأخرت كثيرًا

3 د
أدخلت موزيلا تحديثًا مثيرًا للجدل على شروط استخدام فايرفوكس، يمنحها حقوقًا موسعة لاستخدام بيانات المستخدمين.
أثار هذا التغيير استياء واسعًا بين المستخدمين، خاصة بعد حذف موزيلا وعدها السابق بعدم بيع البيانات.
حاولت الشركة طمأنة المستخدمين عبر مدونتها، لكن التوضيحات لم تكن كافية لاستعادة الثقة.
يعتقد البعض أن التغييرات تهدف إلى دعم تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما قد يدفع المستخدمين للبحث عن بدائل مفتوحة المصدر لحماية خصوصيتهم.
أثارت شركة موزيلا، المطورة لمتصفح فايرفوكس، موجة غضب واسعة بين مستخدميها بعد إدخال تحديث جديد في شروط الاستخدام الخاصة بالمتصفح، والذي يتضمن بنودًا مثيرة للجدل تتعلق بجمع البيانات. وعلى الرغم من محاولات الشركة تهدئة ردود الفعل السلبية، إلا أن الضرر الذي لحق بثقة المستخدمين قد يكون لا رجعة فيه.
تعديل غير مسبوق في شروط الاستخدام
في خطوة مفاجئة، أصدرت موزيلا الأسبوع الماضي وثيقة "شروط الاستخدام" لمتصفح فايرفوكس، وهي الأولى من نوعها لهذا المتصفح المفتوح المصدر. وبينما تبدو هذه الخطوة طبيعية ضمن سياسات الشركات التقنية، إلا أن بعض البنود الواردة في الوثيقة أثارت قلق المستخدمين، حيث تمنح موزيلا "ترخيصًا غير حصري، ومجانيًا، وعالميًا" لاستخدام أي محتوى يُدخله المستخدمون في فايرفوكس، وهو ما يمكن تفسيره على أنه إذن صريح لجمع واستخدام بياناتهم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت موزيلا أيضًا بحذف قسم كامل من صفحة "الأسئلة الشائعة حول فايرفوكس"، والذي كان يتضمن تأكيدًا صريحًا بعدم بيع بيانات المستخدمين. وعلى الرغم من أن هذا القسم لا يزال متاحًا عبر خدمة Wayback Machine للأرشيف الإلكتروني، إلا أن إزالته من الموقع الرسمي أثارت شكوك المستخدمين حول نوايا الشركة.
محاولات التهدئة لم تكن كافية
أمام موجة الانتقادات المتزايدة، قامت موزيلا بتحديث منشور على مدونتها الرسمية توضح فيه موقفها من التعديلات الأخيرة، مؤكدة أن "اللغة القانونية المستخدمة في الشروط الجديدة تسببت في بعض الالتباس، ولذلك نريد توضيح الأمر. نحن بحاجة إلى هذا الترخيص لتشغيل بعض الوظائف الأساسية للمتصفح، مثل استخدام المعلومات التي يتم إدخالها في فايرفوكس. هذا لا يمنحنا ملكية بياناتكم أو الحق في استخدامها لأي أغراض أخرى غير تلك المذكورة في إشعار الخصوصية".
ورغم أن إشعار الخصوصية الخاص بفايرفوكس لا يزال مفصلاً وواضحًا إلى حد كبير، إلا أن هذا التوضيح لم يكن كافيًا لاستعادة ثقة المستخدمين. فقد عبر العديد من المستخدمين على منصات مثل Reddit عن رفضهم لهذا التغيير، حيث قال أحدهم: "المشكلة ليست في مدى وضوحهم، بل في حقيقة أن المستخدمين يرغبون في متصفح لا يجمع بياناتهم أو يوزعها بأي شكل من الأشكال".
هل الهدف هو الذكاء الاصطناعي؟
أحد أكبر المخاوف التي أثيرت حول شروط الاستخدام الجديدة هو احتمال استخدام بيانات المستخدمين في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. فمن المعروف أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى كميات هائلة من البيانات للتدريب، ما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت موزيلا تسعى إلى استخدام بيانات مستخدمي فايرفوكس لهذا الغرض.
وقد عبر أحد المستخدمين عن هذه المخاوف بقوله:
"السؤال الذي لا يطرحه أحد هو: لماذا تحتاج موزيلا فجأة وبشكل مستعجل إلى حقوق لاستخدام جميع بيانات المستخدمين؟ أعتقد أن هذا مرتبط بشكل مباشر بالذكاء الاصطناعي".
المخاطر التي تواجهها موزيلا
ردود الفعل السلبية على هذه التغييرات تهدد موزيلا بفقدان نسبة كبيرة من مستخدميها. ونظرًا لأن فايرفوكس متصفح مفتوح المصدر، فإن أي مطور يمكنه استخدام شيفرته البرمجية لإنشاء متصفح آخر لا يخضع لهذه الشروط المثيرة للجدل. في الواقع، هناك بدائل قائمة بالفعل، مثل متصفح Librewolf، الذي يقدم تجربة تصفح مشابهة لفايرفوكس ولكن مع حماية خصوصية أقوى.
يشعر مستخدمي فايرفوكس بخيبة أمل كبيرة تجاه حذف موزيلا لوعودها الصريحة بحماية بيانات المستخدمين. بالنسبة لكثيرين، فإن محاولات الشركة لتهدئة الوضع قد تكون جاءت متأخرة للغاية، وقد تتسبب في فقدانها شريحة واسعة من جمهورها لصالح متصفحات أكثر التزامًا بسياسات الخصوصية.