ذكاء اصطناعي

ناسا تكشف سرّ الحياة المستقبلية على القمر: الماء يأتي من الشمس!

ناسا تكشف سرّ الحياة المستقبلية على القمر: الماء يأتي من الشمس!
فريق العمل
فريق العمل

4 د

كشفت ناسا عن اكتشاف مذهل حول تكوين الماء على القمر عبر الرياح الشمسية.

تمتلك الرياح الشمسية القدرة على إنشاء جزيئات ماء بتفاعلات مع معادن القمر.

أكدت تجارب مختبرية إمكانية إنتاج الماء بسبب الرياح الشمسية على القمر.

أطلق الاكتشاف آمالًا لاستغلال الماء بأي صورة مستدامة في مهام استكشاف الفضاء.

قد يغير الاكتشاف طريقة فهمنا للفضاء واستغلال الموارد الطبيعية في الفضاء.

كشفت وكالة الفضاء ناسا مؤخرًا عن اكتشاف مذهل قد يغير كثيرًا من رؤيتنا لمستقبل استكشاف الفضاء، وتحديدًا فيما يتعلق بالقمر. تخيل معي للحظة أنك على سطح القمر، حيث لا غلاف جوي ولا مياه، فمن أين يمكن الحصول على الماء الذي يعد أساسيًا للإنسان وللحياة بشكل عام؟

منذ وقت ليس ببعيد، قام علماء ناسا بدراسة مفصلة وعميقة في المختبر، وأكدوا خلالها رسمياً أن "الرياح الشمسية" لها قدرة حقيقية على خلق جزيئات الماء على سطح القمر. هذا الاكتشاف الذي تم نشره يوم 17 مارس في مجلة البحوث الجيوفيزيائية – الكواكب، لم يقدم لنا فقط دليلًا علميًا مباشرًا على كيفية تكوّن الماء فوق القمر، بل منح البشرية أملًا كبيرًا حول إمكانية الاستفادة من هذه العمليات في الرحلات الفضائية المقبلة.


كيف تتم العملية؟

قبل أن نواصل، ربما تسأل نفسك ما هي "الرياح الشمسية" تحديداً؟ ببساطة، هي عبارة عن تدفق مستمر من الجزيئات المشحونة كهربائيًا (خصوصاً أيونات الهيدروجين) التي تُطلِقها الشمس باستمرار في الفضاء. ونظرًا لأن القمر لا يمتلك غلافًا جويًا أو حقلًا مغناطيسيًا يحميه، فإن هذه الجزيئات تضرب سطح القمر بشكل مباشر ومستمر.

تتميز تربة القمر، أو ما يُعرف بالريغوليث، باحتوائها على معادن غنية بالأكسجين مثل السيليكا. وعندما تلتقي رياح الشمس المحملة بالبروتونات مع هذه المعادن، تتحفز تفاعلات كيميائية ينتج عنها تكون جزيئات الهيدروكسيل (OH)، التي تتحول في بعض الحالات إلى جزيئات مياه كاملة (H₂O).

بهذا الصدد، قالت الباحثة "لي شيا يو"، كبيرة المؤلفين في الورقة العلمية والعالمة في مركز جودارد التابع لناسا:


"إنه لأمر مثير حقًا أن نفكر بجدية في إمكان وجود ماء يتم إنتاجه من القمر ذاته وبمساعدة الشمس التي تمده باستمرار بالهيدروجين. إنه لأمر لا يُصدق!".


تحقيق مختبري غير مسبوق

في السابق، ألمحت الكثير من مشاهدات المركبات الفضائية عن احتمال وجود مياه أو هيدروكسيل فوق سطح القمر، إلا أنها ظلت لفترة تفتقر إلى الإثبات الدقيق للكيفية التي تتكوّن بها في الظروف القمرية الحقيقية.

وهنا تمكن فريق من علماء ناسا بقيادة الباحثة "لي شيا يو" من ابتكار جهاز مختبري خاص جداً. يقوم هذا الجهاز باختبار العملية في ظروف شبيهة بقدر الإمكان لما يحدث فوق سطح القمر. ومن أجل ذلك، حرص العلماء على توفير غرفة فراغية مفرغة من كل الهواء الأرضي، إضافة إلى مصدر لأشعة تشبه تلك الجسيمات الشمسية، وأيضاً جهاز لتحليل الطيف بالأشعة تحت الحمراء لمراقبة النتائج بدقة عالية.

وتم استعمال عينات حقيقية من تربة القمر جلبتها بعثة أبولو 17، وأجرى الفريق تجربة مكثفة استمرت عدة أيام تعرّضت فيها العينات لجرعات عالية من الجزيئات الشمسية، تحاكي ظروفاً مشابهة لما قد يحدث تقريباً طيلة 80 ألف سنة فوق القمر.

وجاءت النتائج واضحة: أظهرت التحليلات الطيفية ظهور جزيئات الماء والهيدروكسيل بشكل واضح، ما أكد عمليًا أن مياه القمر تُنتج بالفعل بسبب الرياح الشمسية.


كيف سيؤثر هذا على مستقبل الاستكشاف؟

هذا الإنجاز العلمي لا يعني مجرد تأكيد نظرية علمية فقط، بل يفتح الباب أمام مستقبل حقيقي لوجود بشري مستدام فوق القمر. فبرنامج ناسا الحالي "آرتميس" الذي يهدف إلى تأسيس وجود دائم ورواد بشريين في منطقة القطب الجنوبي للقمر أصبح الآن أكثر تفاؤلًا؛ لأن المياه، حتى ولو كانت بكميات قليلة، يمكن أن تشكل ثروة مستقبلية هائلة ستُغطي حاجات رواد الفضاء من مياه الشرب وحتى الوقود.

إضافة إلى ذلك، فقد لاحظ الباحثون أن كمية المياه المُنتجة تختلف بحسب دورة اليوم القمري، ففي الصباح البارد يكون إنتاج الماء أعلى قليلًا، بينما يقل في فترة الظهر الحارة، مما يشير إلى وجود عملية ديناميكية متجددة بشكل دائم.

ذو صلة

ومن المهم التأكيد أن نتائج هذه الدراسة لا تقتصر أهميتها على القمر وحده، بل قد تمتد إلى باقي الكواكب والأجرام السماوية التي لا تمتلك غلافًا جويًا مشابهة لظروف القمر مثل كوكب عطارد أو الكويكبات.

في النهاية، تمكن فريق العلماء في ناسا من سد فجوة مهمة في معرفتنا حول الكيمياء الفضائية، وأصبح الطريق الآن مفتوحًا أمام تجارب علمية إضافية، وربما أبحاث أكثر عمقًا في المستقبل حول كيفية استغلال هذا الماء بصورة عملية في مهام استكشاف الفضاء القادمة.

ذو صلة