ذكاء اصطناعي

هل تحتاج الكائنات الفضائية الذكية إلى الوقود الأحفوري لتأسيس حضارتها؟

فريق العمل
فريق العمل

4 د

كان الوقود الأحفوري شرطًا حاسمًا لنهضة الحضارة البشرية، ويُحتمل أن يمثل خيارًا منطقيًا لحضارات فضائية في بداياتها.

يتطلب تجاوز الوقود الأحفوري نحو مصادر طاقة نظيفة طاقة أولية عالية، غالبًا ما يوفرها الحرق.

يرتبط وجود الوقود الأحفوري على كوكب ما بتوفر حياة سابقة وصفائح تكتونية نشطة، وهما عنصران نادران في الكواكب المكتشفة.

لا يمكن افتراض أن الكائنات الفضائية ستسير على خطى البشر؛ فمصادر طاقتها قد تكون مختلفة تمامًا، وربما خارج نطاق فهمنا البشري الحالي.

في ظل تسارع النقاشات حول احتمالية وجود حياة ذكية في الكون، تبرز تساؤلات جوهرية عن طبيعة هذه الحضارات، وما إذا كانت ستتبع المسار ذاته الذي سلكه البشر لبناء مجتمعاتهم الصناعية. ومن بين أبرز هذه الأسئلة: هل ستكون الطاقة، وتحديدًا الوقود الأحفوري، ضرورة لأي حضارة فضائية ناشئة كما كانت للبشر على الأرض؟

في مقال نشره موقع Live Science، طرحت الكاتبة سارة هاشمي هذا السؤال ضمن تحقيق علمي موسع شارك فيه خبراء في علم الأحياء الفلكي والفيزياء الكونية، لتقديم رؤى علمية قائمة على التجربة البشرية والنماذج الكونية المتاحة.


لماذا كان الوقود الأحفوري نقطة انطلاق للبشر؟

يعود الفضل في إشعال فتيل الثورة الصناعية على كوكب الأرض إلى اكتشاف البشر لقدرة الفحم والنفط والغاز الطبيعي على توليد طاقة هائلة، تفوق بكثير ما كانت توفره المصادر التقليدية كالخشب والفحم النباتي. ووفقًا لعالم الأحياء الفلكي لويس دارتنيل، مؤلف كتاب "المعرفة: كيف نعيد بناء عالمنا من الصفر" (2014)، فإن هذا التحول لم يكن مجرد خيار، بل ضرورة فرضتها محدودية مصادر الطاقة المتاحة آنذاك.

ويقول دارتنيل:


"قبل الثورة الصناعية، كانت الطاقة هي القيد الرئيسي على تطور الحضارة؛ إذ كانت تحدد قدرتك على التعدين، والبناء، ونقل الموارد"

من هذا المنظور، يرى أن أي حضارة ناشئة – سواء على الأرض أو خارجها – ستحتاج إلى مصدر وفير للطاقة للانطلاق، ومن المرجح أن تبدأ عبر "حرق الأشياء"، تمامًا كما فعل الإنسان.

لكن السؤال الأكثر عمقًا: هل يمكن لحضارة ذكية في كوكب آخر أن تتجاوز هذه المرحلة مباشرة نحو مصادر طاقة أكثر نظافة، مثل الطاقة الشمسية أو النووية، دون المرور عبر بوابة الوقود الأحفوري؟


معضلة البيضة والدجاجة: هل يمكن تجاوز الوقود الأحفوري؟

يرى دارتنيل أن تجاوز مرحلة الوقود الأحفوري ليس أمرًا سهلًا. فمثلًا، إنتاج الألواح الشمسية يتطلب كميات كبيرة من الطاقة لاستخلاص السيليكون وتنقيته، وهذه العمليات بدورها تحتاج إلى حرارة عالية، عادة ما يتم توفيرها عبر حرق الوقود.

وفي حين تبدو طاقة الرياح خيارًا متاحًا، فإنها لا توفر درجات الحرارة اللازمة لصهر المعادن وصبّها، وهي عمليات أساسية لأي مسار صناعي. أما الطاقة الكهرومائية، فهي بديل محتمل، لكن بشروط؛ إذ يشترط وجود كميات وفيرة من المياه السائلة – وهي خاصية نادرة بين الكواكب المعروفة.


الكواكب الأخرى: هل تحوي وقودًا أحفوريًا أصلاً؟

الفارق الجوهري في هذا النقاش يتمثل في أن الوقود الأحفوري – كما نعرفه على الأرض – هو نتاج لملايين السنين من التحولات البيولوجية والجيولوجية. فالفحم والنفط ناتجان عن تحلل كائنات حية – نباتية أو حيوانية – في ظروف محددة من الضغط والحرارة.

ويربط دارتنيل نشأة الحياة الذكية ووجود الوقود الأحفوري بوجود ظاهرة الصفائح التكتونية. هذه الظاهرة – كما تشير دراسة لجامعة سيدني نُشرت عام 2022 – تُعد بمثابة "ناقل كربوني" يساعد في تنظيم مناخ الأرض عبر دورة مستمرة لنقل الكربون بين أعماق الكوكب وسطحه، وهي عملية تُبقي الكوكب ضمن "المنطقة الذهبية" الملائمة للحياة.

ويضيف دارتنيل:


"إذا وُجدت صفائح تكتونية نشطة على كوكب ما، فهي لا تنظم المناخ فحسب، بل تخلق أيضًا ظروفًا مناسبة لتكون الوقود الأحفوري، وبالتالي تعزز فرص نشوء حياة ذكية قادرة على استغلاله".

لكن حتى اليوم، لم يعثر العلماء على كوكب خارج الأرض يحتوي على صفائح تكتونية نشطة، أو كميات مؤكدة من الوقود الأحفوري. مع ذلك، تم رصد وجود الهيدروجين والكربون – وهما العنصران الأساسيان في تكوين الهيدروكربونات – في أماكن متعددة في الفضاء، بما في ذلك وجود بحيرات من الهيدروكربونات السائلة على قمر تيتان التابع لزحل.


ماذا عن تصورنا نحن كبشر؟

وفقًا لعالم الفلك سيث شوستاك من معهد SETI للبحث عن الحياة الذكية خارج الأرض، فإن تصوراتنا حول الحضارات الفضائية تبقى أسيرة تجربتنا البشرية، ما قد يحد من قدرتنا على تخيل ما هو ممكن فعلًا.

ويشرح شوستاك هذه الفكرة بمثال طريف:


"لو سألت يوليوس قيصر عن استخدامات البشر للنفط في عام 2025، لربما أجابك وفق حدود معرفته الرومانية: استخدامه في إضاءة المصابيح. لم يكن ليتخيل السيارات أو الطائرات".

ذو صلة

من هذا المنظور، فإن الحضارات الفضائية قد تعتمد على مصادر طاقة لا تخطر لنا على بال. ربما يستغلون خصائص فيزيائية لم نكتشفها بعد، أو طاقات كونية لا تزال خارج نطاق إدراكنا الحالي.

في نهاية المطاف، تبقى فرضية حاجة الكائنات الفضائية الذكية إلى الوقود الأحفوري لبناء حضارتها قائمة على استقراء التجربة البشرية، لكنها ليست بالضرورة القاعدة الكونية. فبينما تتطلب الحضارات المتقدمة مصدرًا وفيرًا للطاقة، يبقى الشكل الذي تتخذه هذه الطاقة – إن كان فحمًا أو شمسًا أو شيئًا آخر كليًا – مسألة مفتوحة.

ذو صلة