ذكاء اصطناعي

هل تصبح مصانع الفضاء واقعًا تجاريًا خلال عقد واحد فقط؟

هل تصبح مصانع الفضاء واقعًا تجاريًا خلال عقد واحد فقط؟
فريق العمل
فريق العمل

4 د

بدأ التصنيع الفضائي يدخل مرحلة النضوج بفضل انخفاض تكاليف الإطلاق وتطور تقنيات إعادة المواد.

تقود شركات ناشئة مثل "أسترال" و"فاردَا" و"سبيس فورج" موجة إنتاج مواد عالية النقاء في المدار.

تشمل التطبيقات أشباه الموصلات، الأدوية، وزراعة الأعضاء البشرية، مع إمكانية توسيع النطاق مستقبلاً.

من المتوقع أن يصل حجم التصنيع الفضائي إلى 100 مليار دولار ضمن اقتصاد فضائي متعدد التريليونات بحلول 2035.

في خطوة غير مسبوقة نحو مستقبل الصناعة، بدأت شركات ناشئة حول العالم بإعادة إحياء حلم التصنيع في الفضاء، بدعم من انخفاض تكاليف الإطلاق وظهور تقنيات جديدة لإعادة المنتجات إلى الأرض. في طليعة هذه الحركة تقف "أسترال ماتيريالز"، شركة أمريكية تطوّر أفرانًا فضائية صغيرة قادرة على إنتاج مواد متقدمة في ظروف انعدام الجاذبية. مؤسِسة الشركة، جيسيكا فريك، تصف المشروع ببساطة: "نبني صندوقًا يدرّ المال من الفضاء".

لكن ما الدافع وراء التوجّه إلى الفضاء لتصنيع المنتجات؟ وفقًا للعلماء، فإن بيئة انعدام الوزن في المدار الأرضي تتيح فرصًا لصنع مواد بجودة أعلى من تلك التي يمكن إنتاجها على الأرض. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، أجرى روّاد الفضاء تجارب على بلورات السيليكون في محطة "سكاي لاب" التابعة لوكالة ناسا، لكنها بقيت في إطار البحث لا التطبيق التجاري.


بلورات أنقى، أدوية أقوى

بلورات البذور (Seed Crystals) المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات تمثل أحد أبرز الأمثلة على الاستفادة من الفضاء في التصنيع. على الأرض، تؤثر الجاذبية على نمو البلورات وتؤدي إلى تَكَوُّن شوائب دقيقة، ما يحدّ من نقائها. لكن في الفضاء، تتيح بيئة انعدام الوزن ظروفًا مثالية لنمو بلورات أنقى، وهو ما تسعى شركات مثل "سبيس فورج" البريطانية و"أسترال ماتيريالز" لتحقيقه.

يقول جوشوا ويسترن، المدير التنفيذي لشركة "سبيس فورج":


"السيليكون يعاني من مشكلة غير قابلة للحل على الأرض، لا يمكننا تنقيته أكثر من ذلك". لكنه يضيف أن في الفضاء "يمكنك الضغط على زر إعادة الضبط لما كنا نظنه حدودًا لأداء أشباه الموصلات"


من أشباه الموصلات إلى الأدوية والأعضاء البشرية

الأمر لا يتوقف على الإلكترونيات. فالفرن الفضائي الذي تطوّره شركة "أسترال" بحجم ثلاجة صغيرة ويصل إلى حرارة 1500 درجة مئوية، يمكن أن يساهم أيضًا في تحسين إنتاج الأدوية. ويؤكد مايك غولد، رئيس قسم الفضاء المدني والدولي في شركة "ريدواير"، أن بيئة الفضاء تتيح إنتاج أعضاء بشرية ثلاثية الأبعاد دون أن تتعرض للانهيار بسبب الجاذبية، وهو أمر غير ممكن على الأرض.

وفي الصين، تمكّن العلماء في محطة "تيانغونغ" الفضائية في يناير الماضي من ابتكار سبيكة معدنية جديدة تفوق في خفتها وصلابتها مثيلاتها الأرضية، مما يفتح الباب أمام إمكانات تصنيع لا حصر لها في الفضاء.


من الإطلاق إلى الهبوط: كيف تُنقل المصانع والمواد من وإلى الفضاء؟

ورغم جاذبية هذه الأفكار، لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في إرسال المعدات إلى المدار، ثم إعادة المنتجات إلى الأرض بشكل فعّال تجاريًا. لكن مع إطلاقات "سبيس إكس" الرخيصة نسبيًا، وخاصة صواريخ "فالكون 9"، أصبح الوصول إلى المدار في متناول الشركات الصغيرة.

كما تطوّر شركات مثل "فاردَا سبيس إندستريز" الأمريكية وكذللك "سبيس فورج" البريطانية كبسولات روبوتية تستطيع تنفيذ تجارب في المدار والعودة بنتائجها إلى الأرض. "فاردَا"، على سبيل المثال، أطلقت ثلاث مهمات تجريبية حتى الآن، وأعادت كبسولات إلى صحراء يوتا وأستراليا. في أولى مهماتها، نجحت في تصنيع بلورات من دواء "ريتونافير" المضاد للفيروسات. ويقول إريك لاسكر، مدير الإيرادات في الشركة:


"النتائج قد تكون مؤثرة للغاية صحيًا وتجارياً. يمكننا حقًا مساعدة الناس هنا على الأرض"


مصانع كاملة في المدار… قريبًا

في ظل هذا الزخم، يتوقّع الخبراء أن تتحول هذه المحاولات إلى واقع صناعي ملموس خلال عقد واحد فقط. ويتوقع مايك كيرتس-راوس، رئيس قسم الخدمات المدارية والتجميع والتصنيع في "كاتابولت" البريطانية، أن يصل حجم اقتصاد الفضاء العالمي إلى تريليونات الدولارات بحلول 2035، على أن يكون نصيب التصنيع الفضائي منه نحو 100 مليار دولار.

ويضيف إريك لاسكر:


"أتخيل أن مصانع المستقبل في المدار ستكون شبيهة بالمصانع الأرضية، لكنها في الفضاء. من السهل تخيل ذلك الآن"


التعدين من الكويكبات: مستقبل بعيد لكنه واعد

أما على المدى الأبعد، فتُطرح فكرة استخدام الموارد الفضائية نفسها بدلًا من إرسال المواد من الأرض. "أسترو فورج"، شركة أمريكية، تخطط للهبوط على كويكب معدني خلال العام المقبل، على أمل استخراج معادن ثمينة مثل البلاتين والمياه.

ذو صلة

صحيح أن ذلك ما زال في طور الرؤية المستقبلية، لكن التحول من “فكرة غريبة” إلى “أمر عادي” يبدو أقرب مما نتخيل. يقول كيرتس-راوس:


"ما زال التصنيع الفضائي يبدو كنوع من الفضول… لكن خلال 10 سنوات فقط، سيصبح أمرًا روتينيًا"

ذو صلة