ذكاء اصطناعي

الذكاء الاصطناعي يصمم فيروسًا يقتل البكتيريا أفضل من الفيروس الأصلي

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أعلن فريق من جامعة ستانفورد عن تصميم جينومات فيروسية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

الفيروسات الاصطناعية التي طوروها أبدت فعالية أكبر في العدوى مقارنة بنظيراتها الطبيعية.

أثبتت الدراسة أيضاً إمكانية استخدامها في العلاج الفيروسي ضد البكتيريا المقاومة.

أثار النجاح مخاوف من احتمالات الاستخدام كسلاح بيولوجي في المستقبل.

الفريق قلّل من المخاوف، مؤكدين تعقيد العملية وصعوبة تسليح الفيروسات عبر الذكاء الاصطناعي.

في قفزة علمية مثيرة للجدل، أعلن فريق من المهندسين الحيويين في جامعة ستانفورد أنهم نجحوا في تصميم جينومات صناعية لفيروسات بكتيرية باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي، لم تقتصر على العمل في المختبر فحسب، بل أثبتت أيضاً قدرتها على التفوق في العدوى مقارنة بنظيراتها الطبيعية.

هذه التجربة، التي يقودها البروفيسور براين هاي، تم نشرها على منصة bioRxiv كبحث أولي، وهي الأولى من نوعها التي تقدم دليلاً عملياً على إمكانية أن يتحول جينوم صممه الذكاء الاصطناعي إلى كيان حي يمكن اختباره.


من فيروس طبيعي إلى نسخة فائقة الذكاء

البداية جاءت مع فيروس معروف للبكتيريا يُسمى ΦX174، وهو من أكثر الفيروسات البكتيرية التي درست لعقود، ويهاجم بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli). الفريق استخدم هذا الفيروس كنقطة انطلاق، لكنه لم يكتفِ بنسخه؛ بل أعاد تشكيله عبر نماذج “Evo 1” و”Evo 2” المدربة على جينومات فيروسية أخرى.

هذا الربط بين البحث التاريخي على ΦX174 وتقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة أتاح المجال لتطوير مئات الجينومات المرشحة، كان أكثر من 280 منها قابلاً للتكامل التام. ووسط هذه المجموعة ظهرت طفرات اصطناعية استطاعت تعطيل نمو البكتيريا بكفاءة أكبر من الأصل.


نتائج صادمة: فيروسات اصطناعية أقوى من الطبيعية

بينما كان ΦX174 الطبيعي يعتبر أداة معروفة للقضاء على الإشريكية القولونية، جاءت السلالات الاصطناعية لتزيحه عن الصدارة. أحدها، الذي أطلق عليه **Evo-Φ69**، تجاوز قدرات ΦX174 بأضعاف، مسجلاً معدلات انتشار بين 16 و65 ضعفاً خلال ست ساعات فقط، بينما لم يتجاوز أداء الفيروس الطبيعي أربعة أضعاف.

وهذا يقود إلى نقطة مثيرة: أن الذكاء الاصطناعي قادر ليس فقط على محاكاة الطبيعة بل على تخطي حدودها في مجال الهندسة الوراثية والتقنيات الحيوية.


من البحث العلمي إلى الطب المستقبلي

الفريق أوضح أن هذه الفيروسات ليست مكتملة بمفردها، بل تحتاج لتدخل بشري لإطلاق عملية العدوى الأولية. لكن بمجرد تكوينها مرة واحدة، يمكن تكثيرها بسهولة لتستخدم في ما يعرف بـ **العلاج الفيروسي** ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

ولإثبات ذلك، قام الباحثون بتطوير سلالات بكتيرية مقاومة للفيروس التقليدي ΦX174، لكنهم لاحظوا أن الفيروسات الاصطناعية تخطت هذه المقاومة من خلال إعادة تركيب طفرات مختلفة، وهو ما فتح الباب أمام إمكانية إنتاج "كوكتيلات فيروسية" أكثر تنوعاً وفعالية.


بين الحلم العلمي وكوابيس الأمان البيولوجي

لكن كما هي الحال في كل نجاح تقني ضخم، أثارت النتائج مخاوف داخل مجتمع الأمن البيولوجي. بعض الخبراء حذروا من أن إنشاء فيروسات اصطناعية أكثر عدوى قد يوفر في يوم ما وسائل لصناعة أسلحة بيولوجية. خاصة أن جينومات فيروسات الإنسان ليست أطول بكثير من البكتيرية، ما يعني أن نظرياً يمكن تكرار التجربة على نطاق أخطر.

مع ذلك، قلّل هاي وزملاؤه من هذه المخاوف، موضحين أن العملية ما تزال معقدة جداً وتتطلب خبرة وتجارب مكثفة، وأن تصميم سلاح بيولوجي عبر الذكاء الاصطناعي لا يقل صعوبة عن استخدام فيروسات طبيعية مطورة.


خطوة إلى الأمام أم فتح باب للمجهول؟

ذو صلة

ما بين الحماسة للاستخدامات الطبية ومحاربة البكتيريا المقاومة، والقلق من احتمالات الاستغلال العسكري، يجسد هذا الإنجاز لحظة فارقة في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والبيولوجيا.

قد يرى البعض فيه بوابة لعصر جديد من العلاجات الموجهة القادرة على إنقاذ ملايين البشر من أخطر العدوى، بينما ينظر آخرون إليه كجرس إنذار لمخاطر لا يمكن التنبؤ بها. وفي جميع الأحوال، يبقى أن ما حدث في مختبر ستانفورد هو دليل حي على أن الذكاء الاصطناعي بات قادراً على إعادة تشكيل الحياة من جذورها.

ذو صلة