الفاتيكان والبابا فرنسيس يحذران من الذكاء الاصطناعي”ظل الشر” ويصدرون وثيقة رسمية

في بيان مثير صدر يوم الثلاثاء، وجه الفاتيكان دعوة عاجلة للحكومات حول العالم لتكثيف الرقابة على تطورات الذكاء الاصطناعي، محذرًا من التحديات الأخلاقية التي قد تنجم عن هذه التكنولوجيا. البيان، الذي حظي بموافقة البابا فرنسيس، وصف الذكاء الاصطناعي بأنه يحمل "ظل الشر" في قدرته على نشر معلومات مضللة وزعزعة استقرار المجتمعات.

وقال النص: "الإعلام المضلل الناتج عن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُضعف تدريجيًا أسس المجتمع. هذا يتطلب تنظيمًا دقيقًا ومراقبة مستمرة لضمان ألا تتحول هذه التقنية إلى أداة لتعميق الانقسامات السياسية أو تأجيج الاضطرابات الاجتماعية."

منذ توليه قيادة الكنيسة الكاثوليكية في عام 2013، أظهر البابا فرنسيس اهتمامًا كبيرًا بالقضايا الأخلاقية المرتبطة بالتطور التكنولوجي. وفي رسالته الأخيرة إلى قادة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، شدد البابا على "المخاوف الحرجة" التي يثيرها الذكاء الاصطناعي بشأن مستقبل الإنسانية، محذرًا من خطورة السماح للتكنولوجيا بتحديد مسار البشر.

ولم يكن هذا الموقف جديدًا على البابا؛ ففي يونيو الماضي، خلال قمة مجموعة السبع في إيطاليا، أشار إلى أن "الخوارزميات لا يجب أن تتحكم في مصائرنا، بل يجب أن تكون في خدمة الإنسان."

الوثيقة الجديدة التي أصدرها الفاتيكان، تحت عنوان "قديم وجديد" (Antica et nova)، لم تكتف بالتحذير، بل استعرضت القوة الخارقة للذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل سوق العمل، والرعاية الصحية، والتعليم. وجاء في الوثيقة: "كما هو الحال في كل مجال يحتاج الإنسان فيه لاتخاذ القرارات، يظهر هنا أيضًا ظل الشر. لذلك، فإن التقييم الأخلاقي لهذه التقنية يجب أن يأخذ في الاعتبار كيفية توجيهها واستخدامها."

في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول لوضع تشريعات تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الفاتيكان يسعى لتقديم رؤية أخلاقية تتجاوز الجوانب التقنية. النقاشات الحالية تُظهر أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل قضية تتطلب حوارًا عالميًا حول قيمنا الإنسانية المشتركة.

بالنظر إلى التطورات المتسارعة في هذا المجال، يبدو أن دعوة الفاتيكان تعكس قلقًا عالميًا حقيقيًا حول كيفية إدارة هذه التكنولوجيا. هل ستصبح أداة لبناء مجتمعات أكثر عدلاً وشفافية، أم أنها ستُستخدم كوسيلة لزيادة الانقسامات؟ البابا فرنسيس، برسالته، وضعنا أمام مسؤولية جماعية لضمان أن يظل الإنسان، لا الآلة، في مركز القرار.