تأثير ترامب لم يعد يعزز تسلا: السهم ينخفض بنحو الثلث منذ ذروته

4 د
فقدت أسهم تسلا 31,5% من قيمتها منذ منتصف ديسمبر 2024، بسبب نتائج مالية مخيبة للآمال.
انخفضت أرباح الشركة لعام 2024 بنسبة 53%، مما أدى إلى خفض توقعات الإيرادات والأرباح لعام 2025.
شهدت تسلا تراجعًا كبيرًا في المبيعات الأوروبية والصينية، ما يشير إلى فقدانها لحصتها السوقية لصالح المنافسين.
أثار انخراط ماسك في السياسة، ودعمه لليمين المتطرف في ألمانيا، مخاوف من تأثيرات سلبية على سمعة الشركة ومبيعاتها المستقبلية.
شهدت شركة تسلا فترة صعبة خلال الأشهر الأخيرة، حيث فقد سهمها 31.5% من قيمته منذ الذروة التي بلغها في 17 ديسمبر، في حين ظل مؤشرا S&P 500 وناسداك مستقرين تقريبًا. هذا الانخفاض الحاد جاء في أعقاب نتائج مالية مخيبة للآمال لعام 2024، مما أثار مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل الشركة في سوق السيارات الكهربائية.
تراجع الأداء المالي وتقلص الأرباح
أعلنت تسلا عن نمو إيراداتها بنسبة 2% فقط في الربع الأخير من 2024، وذلك بفضل قطاع تخزين الطاقة وتوليد الكهرباء، بينما انخفضت إيرادات مبيعات السيارات بنسبة 8%، وهو تراجع عزته الشركة إلى تخفيضات الأسعار على طرازات Model 3, Model Y, Model S, Model X.
وفي ظل هذه النتائج، جاء صافي أرباح تسلا لعام 2024 مخيبًا للآمال، إذ انخفض بنسبة 53% ليصل إلى 7.09 مليار دولار، في حين بلغ هامش الربح الصافي 6.2% فقط، مقارنة بالتوقعات التي كانت تشير إلى 9.9%. ونتيجة لذلك، خفض المحللون توقعاتهم لأرباح 2025 بنسبة 30%، حيث تراجعت من 14.73 مليار دولار إلى 10.24 مليار دولار، كما تم تخفيض التوقعات للإيرادات من 132.8 مليار دولار إلى 113.47 مليار دولار.
القيمة السوقية والمنافسة مع الشركات الكبرى
رغم التراجع الكبير، لا تزال تسلا تتمتع بتقييم سوقي مرتفع يتجاوز تريليون دولار، أي أكثر بثلاثة أضعاف من القيمة السوقية المجمعة لعمالقة صناعة السيارات مثل شركة تويوتا وفورد وفولكسفاغن. غير أن التقييم الحالي البالغ 120 ضعف الأرباح المتوقعة لعام 2025 يبدو غير مستدام مقارنة بمنافسيها، حيث يتم تداول أسهم تويوتا بمضاعف 9 مرات، وفورد بمضاعف 6 مرات، وفولكسفاغن بمضاعف 4 مرات.
هذا التقييم المرتفع يضع تسلا تحت ضغط كبير لمواكبة التوقعات المرتفعة، حيث يمكن لأي نتائج مالية دون المستوى أو تحديات غير متوقعة أن تؤدي إلى مزيد من التراجع الحاد في قيمتها السوقية.
مشروع القيادة الذاتية: أمل جديد أم مقامرة؟
لمواجهة هذه التحديات، يراهن إيلون ماسك على مشروع جديد يتمثل في إطلاق خدمة سيارات ذاتية القيادة مدفوعة الأجر، حيث أعلن أن تسلا ستبدأ اختبار الخدمة في مدينة أوستن، تكساس في يونيو 2025، على أن تتوسع إلى ولايات أخرى قبل نهاية العام، وصولًا إلى انتشارها على مستوى الولايات المتحدة بحلول 2026.
ورغم أن المشروع يحمل وعودًا بمستقبل مزدهر، فإن نجاحه يعتمد على عوامل عديدة، منها التنظيمات القانونية، تقبل المستهلكين، ومدى جاهزية التكنولوجيا نفسها. وحتى الآن، لا تزال هناك مخاوف بشأن السلامة والتشريعات التي قد تعيق إطلاق الخدمة في بعض الولايات.
تراجع المبيعات في أوروبا والصين
على الجانب الآخر، يواجه ماسك تحديات كبيرة في الأسواق الأوروبية والآسيوية. فقد شهدت مبيعات تسلا في أوروبا انخفاضًا حادًا في يناير، حيث تراجعت بنسبة 59% في ألمانيا، و63% في فرنسا، و75% في إسبانيا، و44% في السويد، و38% في النرويج. الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذا التراجع يأتي في وقت ينمو فيه السوق الأوروبي للسيارات الكهربائية، مما يشير إلى خسارة تسلا لحصتها السوقية أمام المنافسين.
وفي الصين، تراجعت مبيعات تسلا بنسبة 11.5% في يناير، في حين تمكنت شركة BYD الصينية من تحقيق نمو بنسبة 47.5% خلال نفس الفترة. ويرجع ذلك إلى المنافسة القوية التي تفرضها شركات السيارات الكهربائية الصينية، إضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على واردات الألمنيوم والصلب من الصين.
التوجه السياسي لماسك وتأثيره على الشركة
لم تقتصر التحديات على الأداء المالي والتنافسي فحسب، بل امتدت أيضًا إلى الساحة السياسية. فقد أصبح ماسك أكثر انخراطًا في المشهد السياسي، حيث دعم حملة الرئيس دونالد ترامب وعُيّن لاحقًا رئيسًا لقسم الكفاءة الحكومية (DOGE)، المكلف بتخفيض الإنفاق الفيدرالي.
الأمر الذي زاد من تعقيد الموقف هو دعم ماسك لحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف خلال الانتخابات الألمانية في 23 فبراير، حيث أجرى مقابلة مع زعيم الحزب. هذا التوجه السياسي أثار جدلًا واسعًا، وأدى إلى تراجع شعبيته في أوروبا، مما قد يؤثر سلبًا على مبيعات تسلا هناك.
ماذا بعد؟
رغم الأداء السلبي، لا تزال أسهم تسلا أعلى بنسبة 30% مقارنة بمستواها قبل فوز ترامب في الانتخابات، ما يعني أن بعض المستثمرين لا يزالون متفائلين بإمكانات الشركة المستقبلية. ومع ذلك، فإن استمرار التراجع في المبيعات، وتحديات السوق، والمخاطر السياسية قد تجعل الطريق أمام ماسك أكثر صعوبة مما كان يتوقع.