وُجهت اتهامات لإدارة ترامب باستخدام ChatGPT لحساب الرسوم الجمركية التي أعلن عنها مؤخراً.
عزز التشابه بين الصيغة الحسابية التي اقترحها البرنامج وخطة الرسوم نظرية الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
أثار الخبر جدلاً واسعاً وسخرية عبر الإنترنت، وسط انهيار ملحوظ في مؤشرات الأسواق المالية.
غياب التوضيح الرسمي من الإدارة عمّق الشكوك حول الطريقة التي وُضعت بها السياسات التجارية الجديدة.
في خطوة أثارت موجة من الجدل والتهكم على الإنترنت، وُجهت اتهامات إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وتحديداً على برنامج ChatGPT، في إعداد خطة الرسوم الجمركية التي كشف عنها خلال فعالية بعنوان "لنجعل أميركا ثرية" يوم الأربعاء الماضي. الاتهامات انطلقت من ملاحظة تشابه مذهل بين الصيغة الحسابية التي استخدمتها الإدارة لتحديد الرسوم، وتلك التي اقترحها ChatGPT عندما طُرح عليه سؤال مشابه.
النظرية التي أطلقها معلق سياسي تشعل الجدل
البداية كانت من المعلق السياسي المعروف على الإنترنت باسم "ديستني" (Destiny)، واسمه الحقيقي ستيفن بونيل الثاني، والذي نشر على منصة X (تويتر سابقاً) صورة لمحادثة أجراها مع ChatGPT. في تلك المحادثة، سأل ديستني البرنامج:
"ما طريقة سهلة لحساب الرسوم الجمركية المفروضة على الدول الأخرى حتى نحقق تكافؤاً تجارياً؟ لنفترض حداً أدنى قدره 10%."
ردّ البرنامج كان واضحاً:
"يمكنك استخدام صيغة نسبية تستند إلى العجز التجاري مع كل دولة، بحيث تفرض رسوماً أعلى على الدول التي تعاني معها الولايات المتحدة من عجز تجاري أكبر، على أن تكون النسبة الأدنى 10%."
الصيغة نفسها تظهر في خطة ترامب
بحسب ديستني، فإن ما فعلته إدارة ترامب هو بالضبط ما اقترحه ChatGPT: قسمة العجز التجاري الأميركي مع كل دولة على حجم الواردات منها، أو اعتماد نسبة 10% إن كانت النتيجة أقل. وأضاف بتهكم:
"هكذا تُدار سياسة التجارة الخارجية في أميركا، بناءً على سؤال سيء لروبوت ذكاء اصطناعي."
صحفيون ومؤثرون يدعمون المزاعم
الجدل لم يتوقف عند منشور ديستني، إذ انضم إليه الصحفي والناشط السياسي جون أرافوسيس، الذي نشر مقطع فيديو على تيك توك يشرح فيه كيف تطابقت الأرقام في خطة ترامب مع الصيغة التي قدمها ChatGPT. وقال في الفيديو:
"يا جماعة، هم يضعون سياسة التجارة الأميركية بناءً على إجابة خاطئة من روبوت ذكاء اصطناعي. هكذا نخوض حرباً تجارية مع العالم."
كما أشار إلى انهيار في الأسواق المالية، قائلاً:
"الأسواق تنهار بالكامل"
وبالفعل، هبط مؤشر S&P 500 بأكثر من 4%، فيما سجل مؤشر ناسداك تراجعاً تجاوز 5% يوم الخميس، في ما وصفه الخبير الاقتصادي بيتر تشر، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في شركة Academy Securities، بـ"الكارثة"، حسبما أفادت صحيفة نيويورك تايمز.
ردود أفعال متباينة… وسخرية شعبية
الاتهامات أثارت ردود أفعال متباينة على الإنترنت، حيث عبّر البعض عن قلقهم من مدى اعتماد السياسات الاقتصادية للبلاد على أدوات الذكاء الاصطناعي، بينما سخر آخرون من "تحول ChatGPT إلى وزير تجارة فعلي". وانتشرت تعليقات ساخرة تقارن سياسة ترامب التجارية بأفكار فيلم "تشارلي ومصنع الشوكولا"، خاصة بعدما استعرض ترامب في نفس الفعالية وثيقة أطلق عليها "التذكرة الذهبية" للحصول على الجنسية الأميركية، في لفتة غريبة أخرى أثارت الكثير من الضجيج الإعلامي.
هل هناك دليل فعلي؟
ورغم أن الاتهامات لم تستند إلى وثائق رسمية أو اعترافات من الإدارة، إلا أن التشابه الكبير بين النتائج التي خرج بها ChatGPT والطريقة التي تم بها تحديد الرسوم الجمركية جعل كثيرين يعتقدون بصحة الفرضية. لا سيما أن ترامب نفسه لم يشرح بالتفصيل كيفية الوصول إلى النسب المعلنة، مكتفياً بعرض الجدول خلال الفعالية.
السؤال الأهم الذي يطرحه المتابعون اليوم هو: هل من المقبول أو المنطقي أن تُبنى قرارات اقتصادية بهذا الحجم على خوارزمية مبنية على استفسار عابر؟ وإذا صحّ ذلك، فما مدى تأثير الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في صياغة سياسات تمس الاقتصاد العالمي؟ الخبراء يحذرون من العواقب، لا سيما إن كانت المعطيات التي يعتمدها الذكاء الاصطناعي خاطئة أو غير دقيقة، وهو ما بدا عليه الحال في هذه القضية.
في النهاية، سواء ثبتت صحة هذه المزاعم أو لا، فإن ما لا يمكن تجاهله هو مدى هشاشة الثقة في المؤسسات عندما تتداخل السياسة مع التكنولوجيا دون رقابة واضحة. قد يكون استخدام أدوات مثل ChatGPT مفيداً في بعض المواقف، لكنه يصبح مثيراً للقلق عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات تمس الاقتصاد العالمي وتؤثر على الأسواق والبشر على حد سواء.