حرب الرسوم: صراع بلا دخان… لكن آثاره قد تصل إلى حياتك اليومية

4 د
تجددت المخاوف العالمية من الحرب التجارية بين الصين وأمريكا مجددًا مع رد حازم من بكين.
أكدت وزارة التجارة الصينية أنها ستواجه التعريفات الجمركية الأمريكية بحزم.
أثارت قرارات ترامب الأخيرة اضطرابًا في الأسواق العالمية وانتقادات داخل حزبه.
تراجعت العملة الصينية "اليوان" إلى أدنى مستوى لها منذ 19 شهرًا.
تسعى اقتصادات العالم لمراقبة التوتر الأمريكي الصيني وتأثيراته المحتملة.
تتجدد اليوم مخاوف العالم بشأن الحرب التجارية المحتملة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، خاصة بعد رد بكين الحازم على التهديدات الأمريكية الأخيرة. هذا الصراع الذي لطالما شعرنا أنه يهدأ قليلاً سرعان ما يعود بقوة ليُقلق الاقتصادات العالمية مرة أخرى.
بكين: واشنطن ترتكب أخطاء متتالية وتضغط علينا بشكل غير مقبول
في تصريحات لاذعة، أعلنت وزارة التجارة الصينية اليوم أنها ستواجه التعريفات الجمركية الأمريكية بحزم وبقوة. المتحدث باسم الوزارة قال بوضوح إن تهديد واشنطن بفرض رسوم جديدة بنسبة قد تصل إلى 50%، يعد "خطأً كبيراً فوق مجموعة من الأخطاء السابقة"، مؤكداً أن هذا التصرف من الولايات المتحدة بمثابة "ابتزاز سياسي غير مقبول".
وأضاف المتحدث الصيني بنبرة حازمة:
"الصين لن تقبل أبداً مثل هذه التهديدات. وإذا استمرت واشنطن في هذا الطريق، فإن بكين ستدافع عن مصالحها حتى النهاية، وستتخذ إجراءات مضادة حاسمة".
بالمقابل رد الجمهور الصيني بغضب واستهزاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وعملت بعض الوسائل الإعلامية على تصميم حملات دعائية ساخرة باستخدام الذكاء الاصطناعي على شكل روبوتات راقصة وأغاني هجومية.
ترامب يثير اضطراباً عالمياً واقتصادات أوروبا تتحدى المخاوف
خلال الأيام القليلة الماضية، أحدثت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة كبيرة من الاضطراب في أسواق الأسهم والعملات والسلع حول العالم، حيث فرض ترامب ضرائب جديدة هددت بخلق ركود اقتصادي عالمي، ولقيت قراراته انتقاداً حاداً حتى داخل حزبه الجمهوري.
ورغم التوتر، تمكنت الأسواق الأوروبية من استعادة شيء من التوازن اليوم، بعد أيام مقلقة انخفضت خلالها بشكل حاد. ففي لندن، افتتح مؤشر "فوتسي 100" جلسة اليوم مرتفعاً بنحو 1.2%، كما ارتفعت البورصات الرئيسية في فرنسا وألمانيا بنسبة حوالي 1.8% و1.3% على الترتيب.
أما الأسواق الآسيوية، فقد وجدت فرصة لاستعادة بعض الاستقرار، حيث ارتفع مؤشر نيكي الياباني بنسبة تجاوزت 6% بعد الأنباء الإيجابية عن محادثة هاتفية بين ترامب ورئيس الوزراء الياباني شيجيرو إشيبا لمناقشة النزاع التجاري بين الدولتين.
العملة الصينية تتراجع مسجلة أدنى مستوى لها منذ 19 شهراً
في ظل هذا المناخ المتوتر، تراجعت العملة الصينية "اليوان" اليوم إلى أدنى مستوى لها منذ ما يناهز العام ونصف، لتسجل 7.3363 مقابل الدولار الأميركي. وجاء هذا التراجع وسط توقعات بأن السلطات المالية الصينية تحاول تحقيق تنافسية أكبر لصادراتها في مرحلة الحرب التجارية، مما يزيد من المخاوف حول أوضاع الاقتصاد العالمي.
وتعليقاً على الأمر، قال ستيفن إينس - مدير بشركة "SPI Asset Management":
"تجاوز البنك المركزي الصيني اليوم المستوى الحساس لليوان عند 7.20 للمرة الأولى منذ سنواتٍ طويلة، هذه ليست مجرد حركة سعرية عابرة، بل رسالة ضمنية واضحة من بكين بأن الأمر قد يتطور إلى مستويات أكبر"
موقف بريطانيا: قد نتحمل الأزمة بشكل أفضل من الآخرين
وعلى الجانب الآخر، أعرب عدد من الخبراء الاقتصاديين عن اعتقادهم أن بريطانيا تبدو في وضع أفضل نسبياً لتحمل مثل هذه الأزمة. ووفقاً لتحليل بنك "بيرنبرج"، والذي أشار إلى أن التعريفات الأمريكية على الصادرات البريطانية ستظل منخفضة مقارنة بتلك المفروضة على دول أخرى، فإن الاقتصاد البريطاني قد يتأثر بشكل أقل، وحتى قد يتمكن قطاع الصادرات البريطاني من الاستفادة نسبياً في السوق الأمريكية على حساب منافسين آخرين معرَّضين لضرائب أعلى.
تايوان تطلب الحوار مع أمريكا وتعرض إلغاء التعريفات
لم تخرج تايوان هي الأخرى من دائرة العواصف التجارية، إذ سبق أن فرض ترامب ضريبة جمركية بنحو 32% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما تسبب بهبوط غير مسبوق في مؤشر بورصتها. وقال وزير خارجية تايوان إن بلاده مستعدة للحوار مع واشنطن بأي وقت، مؤكداً أن هناك مساحة واسعة للتفاوض بشكل يحقق مصالح الطرفين.
مستقبل غامض يدفع العالم إلى مراقبة ما يحدث باهتمام بالغ
ويبقى العالم، من اقتصادات وشركات ومستثمرين، بانتظار ما ستتمخض عنه هذه المواجهة الاقتصادية الحامية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. وبينما يشعر البعض أن فرصة التوصل إلى اتفاق معقول قد لا تزال موجودة، يتزايد قلق الكثيرين من أن استمرار هذا التصعيد قد يؤدي في النهاية إلى أزمة عالمية الجميع في غنى عنها.
لذا لا يسع الجميع في هذه المرحلة إلا متابعة التطورات بدقة، وترقب الخطوات القادمة بين واشنطن وبكين والقوى الاقتصادية الكبرى التي لاشك أنها ستحدد المسار الاقتصادي العالمي في المستقبل القريب.