خوارزمية تيك توك تُصبح أمريكية… صفقة ترامب تعيد برمجة تيك توك على البيانات الأمريكية فقط

3 د
أعلنت الإدارة الأمريكية إعادة تدريب خوارزمية تيك توك على بيانات المستخدمين الأمريكيين فقط.
ستتعاون شركة أوراكل عبر كيان استثماري جديد لإدارة وتدقيق الخوارزمية.
تشمل الصفقة تضمين دور شركات استثمارية بارزة وتوحيد الجهود للأمن السيبراني.
يعبر الخبراء عن قلقهم من تأثير هذه التغييرات المحتملة على تجربة المستخدم.
تمثل الصفقة تحوّلًا في العلاقة بين التكنولوجيا والسياسة بين الولايات المتحدة والصين.
في خطوة لافتة تحمل انعكاسات بعيدة المدى على مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، أعلنت الإدارة الأمريكية أن خوارزمية تيك توك، المحرك الأساسي الذي يتحكم في توصيات الفيديوهات للمستخدمين، سيتم نسخها وإعادة تدريبها اعتماداً حصراً على بيانات المستخدمين الأمريكيين. تأتي هذه الخطوة في إطار صفقة تقودها إدارة الرئيس دونالد ترامب بهدف الإبقاء على التطبيق في السوق الأمريكية بعد تهديدات متكررة بحظره.
وهذا التطور يعكس التحولات المستمرة في العلاقة بين التكنولوجيا والسياسة، حيث تتداخل اعتبارات الأمن القومي مع السوق الرقمية العالمية.
التدقيق على الخوارزمية ودور أوراكل
وفقاً لمسؤول رفيع في البيت الأبيض، فإن شركة أوراكل العملاقة للتقنيات السحابية ستتولى مسؤولية تدقيق خوارزمية تيك توك وإدارتها عبر كيان استثماري جديد تحت إشراف مستثمرين أمريكيين. هذا الإجراء يهدف إلى طمأنة السلطات بأن بيانات المستخدمين البالغ عددهم نحو 170 مليوناً في الولايات المتحدة لن تقع في أيدي الحكومة الصينية.
وهذا يربط المسعى الجديد بالمبادرة السابقة المسماة Project Texas، التي نصّت أصلاً على حفظ بيانات الأمريكيين داخل خوادم أوراكل بدلاً من الصين.
تفاصيل الصفقة واللاعبون الرئيسيون
تتضمن الصفقة أيضاً إسناد أدوار إشرافية لشركات استثمارية بارزة مثل "سيلفر ليك"، مع الحرص على استقطاب أعضاء مجلس إدارة يتمتعون بخبرة في الأمن السيبراني وولاء وطني. كما يتوقع أن تصل قيمة الصفقة إلى مليارات الدولارات بالنظر إلى مكانة التطبيق في السوق الإعلانية الرقمية ومجتمع صناع المحتوى.
وبذلك تتضح معالم توجه واشنطن نحو بناء رقابة محكمة لا تشمل فقط البيانات وإنما البنية البرمجية ذاتها.
مخاوف بشأن تجربة المستخدم
مع ذلك، حذرت خبيرة الإعلام الرقمي جاسمين إنبرغ من أن أي تغييرات جوهرية في الخوارزمية أو سياسات استخدام التطبيق قد تُفقد تيك توك بريقه لدى المستخدمين أو تقلل من قيمته بالنسبة إلى المعلنين والمؤثرين. إذا تم تطبيق نسخة “أمريكية خالصة” من الخوارزمية تفصل المستخدمين المحليين عن بقية العالم، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع تجربة الاستخدام وتغيير أنماط السلوك الجماعي على المنصة.
وهذا يربط بين متطلبات الأمن القومي من جانب، ومخاطر تراجع النمو الرقمي للمبدعين والعلامات التجارية من جانب آخر.
الملاحظ أن البيت الأبيض يحاول تقديم الاتفاق كـ"انتصار مزدوج" للأمن القومي وللمواطنين الأمريكيين، فيما يبقى التساؤل مطروحاً حول موقف بكين، التي قد تحتاج إلى تصديق هذه الترتيبات. في المقابل، يشكل انخراط أوراكل ومؤسسها لاري إليسون، الذي ارتبط اسمه مؤخراً بارتفاعات قياسية في الأسهم، بعداً اقتصادياً وسياسياً إضافياً، يؤكد تلاقي المصالح بين الحكومة الأمريكية وقطاع التقنية الخاص.
وهذا يبرز كيف توظف واشنطن نفوذها الاقتصادي لتحقيق أهداف استراتيجية تمتد إلى قلب عالم التطبيقات الترفيهية.
ختامًا، الصفقة المقترحة بين واشنطن وتيك توك ليست مجرد إجراءات تقنية تخص الخوادم والبيانات، بل تعكس تحوّلاً في فهم العلاقة بين التكنولوجيا والسيادة الوطنية. وبينما يؤكد البيت الأبيض أن الصفقة تمثل مكسباً تاريخياً، فإن التحدي الحقيقي يكمن في الحفاظ على جاذبية التطبيق لدى المستخدمين دون التفريط بمتطلبات الأمن القومي. في نهاية المطاف، تظل هذه الأزمة تجسيداً للتوتر المتواصل بين الولايات المتحدة والصين في ساحة الإنترنت المفتوحة.