ذكاء اصطناعي

طالب ثانوي يكتشف صدى ضوء ناتج عن ثقب أسود يتجاوز حجم مجرّة درب التبانة

فريق العمل
فريق العمل

3 د

جوليان شابيرو، طالب ثانوي يبلغ من العمر 17 عاماً، يكتشف صدى ضوء ناتج عن ثقب أسود قد يكون الأضخم من نوعه.

يمتد قطر هذا الصدى الضوئي إلى ما بين 150 ألف و250 ألف سنة ضوئية، أي أكبر من مجرّة درب التبانة.

جاء الاكتشاف خلال تحليل بيانات من مسح فلكي كان يهدف للبحث عن بقايا مستعرات عظمى، قبل أن يتضح أن الجسم المكتشف لا يتطابق مع تلك البقايا.

أشاد علماء الفلك بالاكتشاف، مؤكدين أنه يفتح نافذة جديدة لفهم سلوك الثقوب السوداء في نوى المجرات.

في اكتشاف فلكي مثير يُعيد تعريف حدود الفهم البشري للكون، نجح طالب ثانوي أميركي يبلغ من العمر 17 عاماً في رصد ظاهرة نادرة تُعرف بـ"صدى الضوء" ناتجة عن ثقب أسود، يُحتمل أن تكون الأضخم من نوعها التي تم توثيقها على الإطلاق، ويصل قطرها إلى ضعفي حجم مجرة درب التبانة.

جوليان شابيرو، طالب في الصف الحادي عشر في مدرسة دالتون بمدينة نيويورك، تمكّن من رصد هذا الاكتشاف المذهل أثناء بحثه في بيانات مرصد فلكي كان يستخدمه لتتبّع بقايا المستعرات العظمى (السوبرنوفا)، لكنه فوجئ ببنية كونية لم تتطابق مع ما هو معروف عن هذه البقايا، لتقوده حدسه العلمي إلى اكتشاف "شبح كوني" ناتج عن ثقب أسود ضخم أصبح الآن في حالة خمود.


ما هو صدى الضوء؟

تشير ظاهرة "صدى الضوء" إلى توهّج سحب الغاز المحيطة بثقب أسود بفعل الإشعاعات القوية التي كان يطلقها الثقب في السابق، حتى بعد توقف نشاطه الفعلي، على نحو يشبه الدخان الذي يستمر في التصاعد بعد انطفاء النار. ووفقًا لما أوضحه شابيرو خلال عرضه في قمة الجمعية الفيزيائية الأمريكية (APS) في 20 مارس بمدينة أنهايم، كاليفورنيا، فإن الإشعاع المتبقي من الثقوب السوداء العملاقة يمكن أن يترك أثراً مرئياً في الفضاء لآلاف السنين.


من هواية شخصية إلى اكتشاف علمي

بدأ شابيرو عمله بتحليل بيانات مسح DECaPS2، وهو مشروع يستخدم كاميرا الطاقة المظلمة في مرصد "سيرو تولولو" في تشيلي لرصد المستوى الجنوبي من مجرّتنا. وكان هدفه البحث عن بقايا مستعرات عظمى وسُدم كوكبية. لكنه تعثّر بتكوين غازي واسع لم يتوافق مع الخصائص المعتادة لتلك البقايا، حيث لم تظهر فيه خيوط الغاز المعروفة، ولم يكن هناك أثر لمركز انفجار.

وبمساعدة تلسكوب جنوب إفريقيا الكبير (SALT)، اكتشف شابيرو وجود كميات كبيرة من الأوكسجين والكبريت المتأين في هذا التكوين، ما يشير إلى مادة صدمية تعرضت لإشعاع قوي، وهو ما يرجح فرضية وجود ثقب أسود سابق في مركز المنطقة.


الحجم المذهل: أكبر من مجرة درب التبانة

القياسات الأولية التي أجراها شابيرو تشير إلى أن قطر صدى الضوء يتراوح بين 150 ألف إلى 250 ألف سنة ضوئية، ما يعني أنه يتجاوز مجرة درب التبانة التي يبلغ عرضها نحو 100 ألف سنة ضوئية. وفي حال تأكدت هذه الأرقام، فإن هذا الصدى سيكون أضخم صدى ضوئي ناتج عن ثقب أسود تم توثيقه حتى اليوم.

وقال شابيرو في حديثه لموقع Live Science:


"يمتد هذا الجسم على مساحة واسعة في السماء، مما يجعل من السهل نسبياً التقاط صور تفصيلية له". وأضاف أن هذا الحجم الكبير يفتح المجال لتحليل معمّق لتكوين الصدى ومصدره المحتمل.


ردود فعل المجتمع العلمي

الدكتور ساشا بلافين، الباحث في شؤون الثقوب السوداء بجامعة هارفارد والذي لم يكن مشاركًا في الدراسة، أعرب عن إعجابه الشديد بجهود شابيرو وتحليله الدقيق للصور، قائلاً:


"هذا النوع من الظواهر الكونية مثير جداً للاهتمام، وهذه الأصداء الضوئية تمثل وسيلة ممتازة لدراسة سلوك الثقوب السوداء في قلب المجرات".

وأشار بلافين إلى أهمية مقارنة هذا الصدى الجديد مع أصداء أخرى معروفة، لفهم إذا ما كان قد تشكل بشكل أسرع أو أبطأ من تلك السابقة، ما قد يساهم في صياغة فهم أشمل لتطور هذه الظواهر.


نقطة تحوّل في مسيرة علمية واعدة

رغم أن دخوله مجال الأبحاث الفلكية كان محض مصادفة، فإن شابيرو لا يخفي حماسه للاستمرار في استكشاف أسرار الثقوب السوداء. وقال في ختام حديثه:

ذو صلة

"لم أتوقع أبداً أن أجد نفسي متورطاً بهذا الشكل في هذا النوع من الأبحاث. لكني آمل أن يساهم هذا الاكتشاف تحديداً في توسيع معرفتنا بالأنشطة المجريّة التي لا نفهمها جيداً حتى الآن".

وبينما يواصل شابيرو جمع البيانات وتحليل مكونات هذا الصدى، يبدو أن هذا الإنجاز، الذي وُلد من شغف شخصي وحب للاستكشاف، سيكون له أثر طويل الأمد في علم الفلك، وربما يفتح الباب أمام مساهمات علمية قادمة من شباب يملكون الفضول والرؤية، ولو لم يبلغوا سن الرشد بعد.

ذو صلة