ذكاء اصطناعي

ظاهرة كوكبية مقلقة تنتشر عالميًا… وناسا تلاحق أصلها في باطن الأرض

ظاهرة كوكبية مقلقة تنتشر عالميًا… وناسا تلاحق أصلها في باطن الأرض
فريق العمل
فريق العمل

3 د

أطلقت ناسا تحذيرًا عالميًا حول "شذوذ جنوب الأطلسي" وتأثيره على المجال المغناطيسي.

تُساهم  الظاهرة في ضعف المجال المغناطيسي بسبب تفاعل "الجيودينامو" والعوامل الجيولوجية.

تشكل خطرًا على الأقمار الصناعية بسبب التفاعل مع جسيمات طاقة الشمس العالية.

الأبحاث مستمرة لمحاولة فهم ودراسة الظاهرة وتقديم الحلول لحماية التكنولوجيا الفضائية.

الظاهرة ليست مؤشرًا على انقلاب قطبي قريب، بل ديناميكية طبيعية سريعة التغير.

في خطوة قد تبدو وكأنها مستوحاة من رواية خيال علمي، أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" تحذيرًا عالميًا حول ظاهرة غامضة تُعرف باسم "شذوذ جنوب الأطلسي"، وهو امتداد كبير فوق أمريكا الجنوبية يتسم بتراجع مفاجئ وشديد في قوة المجال المغناطيسي للأرض. هذه الظاهرة، التي تم تحديدها كمنطقة ضعف واضحة في درعنا المغناطيسي، باتت تثير اهتمام الباحثين والعلماء حول العالم الذين يسعون لفهم أصولها وتأثيراتها المتزايدة.

لفهم سبب هذه الظاهرة الغريبة، أو "المزاج المتقلب" لكوكب الأرض في هذه المنطقة تحديدًا، نحتاج للبداية بتفسير بسيط لما يسمى بـ"الجيودينامو"؛ وهي عملية ديناميكية تحدث في النواة الخارجية للأرض، حيث تتفاعل المعادن المنصهرة مثل الحديد والنيكل لتولد المجال المغناطيسي. ويُرجع العلماء سبب ظهور "شذوذ جنوب الأطلسي" إلى عاملين رئيسيين: الأول هو ميل محور المجال المغناطيسي للأرض، والثاني وجود منطقة جيولوجية ضخمة تُسمى "المقاطعة الأفريقية الكبيرة منخفضة السرعة"، وتقع على عمق حوالي 2900 كيلومتر تحت إفريقيا، وهذه المنطقة بالذات تؤثر على توليد المجال المغناطيسي وتساهم في إضعاف شدته فوق أمريكا الجنوبية، وتخلق حالة يمكن تشبيهها بـ"الثغرة" تسمح لجسيمات الطاقة العالية المنبعثة من الشمس بالاقتراب من سطح الأرض بشكل غير معتاد.

هذه الظاهرة التي قد تبدو مثيرة للاهتمام في البداية، لا تأتي من دون تبعات وتأثيرات سلبية تُقلق الوكالات الفضائية. فالأقمار الصناعية التي تمر فوق هذه المنطقة، وكذلك محطة الفضاء الدولية المعروفة اختصارًا بالـ"ISS"، تواجه تحديات حقيقية. عند مرور الأقمار الصناعية عبر المنطقة، تتعرض مكوناتها لمخاطر كبيرة بسبب اصطدامها بالبروتونات عالية الطاقة التي قد تتسبب في ظهور مشكلات تقنية مثل "الاضطراب اللحظي" أو ما يسمى بـ"Single Event Upset"، وهي حوادث يمكن أن تسبب أخطاء مؤقتة أو دائمة في الأنظمة الإلكترونية الداخلية. ولتقليل هذه المخاطر، تلجأ الوكالات الفضائية أحيانًا لإيقاف تشغيل النظام بشكل مؤقت عند المرور بالمنطقة، ما يضمن حماية هذه التقنيات القيمة من الأعطال الخطيرة.

وهذا يدعونا للتأكيد أن هذه الظاهرة ليست ثابتة، بل تتغير باستمرار وبوتيرة سريعة، مما يزيد من تعقيد التحديات وتعزيز ضرورة البحث والمتابعة. فقد رصدت أقمار صناعية، مثل مجموعة "سوارم" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ESA، ظاهرة مقلقة حديثًا تتمثل في تحرك "الشذوذ" باتجاه الشمال الغربي وانقسامه إلى بقعتين منفصلتين من الضعف المغناطيسي. هذا التطور الجديد يرفع درجة القلق في الوسط البحثي لأنه يخلق بؤرتين مختلفتين لمخاطر الاصطدام بالجسيمات عالية الطاقة في المدار.

ولتفادي المشكلات وإدارة الحالة بفعالية أكبر، يجمع العلماء بيانات الأقمار الصناعية مع المحاكاة المتقدمة لنواة الأرض لتكوين خرائط تفصيلية تُستخدم في وضع الخطط المستقبلية. وتستخدم هذه البيانات في نماذج مثل "الحقل الجيومغناطيسي الدولي المرجعي IGRF" لتتبع تطور المجال المغناطيسي بدقة، والتنبؤ بتغيراته طويلة الأمد، وهو ما يشبه إلى حد كبير مجال التنبؤ بالطقس، لكن بمقياس زمني أكبر يمتد لسنوات وعقود.

ذو صلة

بالرغم من أن هذه الظاهرة قد تبدو مقلقة بالفعل، إلا أن العلماء يطمئنون أنها ليست مؤشرًا على انقلاب وشيك في قطبي المجال المغناطيسي، وهو حدث نادر يحصل على فترات تقدر بمئات آلاف السنين. بل يعكس "شذوذ جنوب الأطلسي" ديناميكية طبيعية وإن كانت استثنائية في سرعة تغيرها.

مع استمرار تطور هذه الظاهرة، يبقى العلماء على أهبة الاستعداد، يحاولون التكيف معها وحماية تقنياتنا الفضائية من أضرارها. وعلى المستوى الشخصي، قد يكون من المفيد للقارئ أن يتذكر دائمًا أن عالمنا أكثر غرابة وتعقيدًا مما يظن، وأن حماية أنظمتنا التقنية المتقدمة تتطلب استثمارات مستمرة في البحث والمتابعة. ويمكن للقارئ المهتم أن يستبدل مصطلحات مثل "شذوذ جنوب الأطلسي" بعبارات أقل تقنية مثل "منطقة الضعف المغناطيسي فوق جنوب الأطلسي"، لتحسين وصول الفكرة بسلاسة للقارئ العام في المستقبل. أخيرًا، لا بد من التأكيد على أهمية متابعة التقارير والتحذيرات التي تصدرها الجهات العلمية والفضائية، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي نشهدها اليوم.

ذو صلة