ذكاء اصطناعي

علماء يكتشفون سرّ حيوان يعيش 37 عامًا دون أمراض الشيخوخة: نسخة مدهشة من بروتين cGAS

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أظهرت فئران الخلد العارية قدرة استثنائية على العيش لفترات طويلة.

اكتُشف بروتين cGAS يقوم بإصلاح الحمض النووي في هذه الفئران.

التعديل الجيني قد يمكّن الخلايا البشرية من الاستفادة.

تطوير أدوية تحاكي نشاط البروتين يعد مجالاً واعدًا لزيادة العمر.

منذ سنوات والعلماء يبهرهم لغز فئران الخلد العارية، تلك القوارض الصغيرة التي تتحدى الزمن وتعيش لما يقارب 37 عاماً، وهي مدة مذهلة مقارنةً بأقرانها من القوارض الأخرى. واليوم تضاف إلى قائمة أسرارها خاصية جديدة مرتبطة ببروتين حيوي يساهم في إصلاح الحمض النووي التالف، ما قد يفتح الباب أمام طرق مبتكرة لإبطاء الشيخوخة لدى البشر.

تعود هذه الدراسة إلى فريق بحثي من جامعة تونغجي في شنغهاي بقيادة البروفيسور تشيونغ ماو، الذي اكتشف أن نوعاً من بروتين الجهاز المناعي المعروف باسم cGAS يؤدي دوراً مختلفاً تماماً عند فئران الخلد العارية مقارنة بالإنسان أو الفئران العادية. ففي حين يعمل هذا البروتين عادة كمستشعر لمحاربة الفيروسات أو السرطان، فإنه في خلايا هذه القوارض يقوم بزيادة قدرة الخلايا على ترميم الحمض النووي، مما يقلل من تراكم الطفرات التي تسبب التقدم في العمر.

وهذا يقودنا إلى فكرة محورية في علم الشيخوخة: فإصلاح الحمض النووي بفعالية أعلى يعني إبطاء تراكم الأضرار الجينية، وبالتالي إطالة عمر الخلايا والأنسجة.

يشير الباحثون إلى أن السر يكمن في أربعة أحماض أمينية ضمن تركيب بروتين cGAS، تجعل نسخته لدى فئران الخلد العارية تعمل بعكس النسخة البشرية. فبينما تثبط الأخيرة عملية الإصلاح الجيني، تعزز النسخة الحيوانية منه هذه العملية الحيوية. وعندما عدّل الباحثون هذه الأحماض في ذباب الفاكهة ليحمل النسخة الخاصة بفئران الخلد، لاحظوا أن أعمار الحشرات ازدادت بمعدل 10 أيام إضافية، وهي زيادة كبيرة نسبياً في معيار حياتها القصير.

ومن هنا يفتح الباب أمام تساؤل أكبر: هل يمكن للبشر الاستفادة من هذا الاكتشاف؟

يرى ماو أن التعديل الجيني أو تقنيات نقل الحمض النووي المرسال (mRNA) قد تكون وسائل واعدة لجعل الخلايا البشرية تستخدم نسخة أكثر فاعلية من البروتين، لكن العقبة تبقى في كيفية استهداف عدد كافٍ من الخلايا لتحقيق تأثير عام على الجسم.

تنتقل هذه النتائج إلى مجال الأدوية الحيوية، إذ يعتقد الفريق أن تطوير جزيئات دوائية صغيرة قادرة على تعديل نشاط بروتين cGAS لدى البشر قد يؤدي إلى نتائج مشابهة، دون الحاجة إلى تعديل الجينات مباشرة. ورغم أن الأمر ما زال في بدايته، إلا أنه يضع أساساً علمياً مثيراً لفهم أعمق لعلاقة المناعة بإصلاح الحمض النووي وبالشيخوخة.

وفي السياق ذاته، تؤكد عالمة الأحياء فيرا غوربونوفا من جامعة روتشستر أن نتائج البحث تضيف دليلاً جديداً على أن التحكم في نشاط هذا البروتين قد يمنح فائدة مزدوجة: الوقاية من الطفرات الضارة وتحسين الصحة العامة وطول العمر، إلى جانب دراسات سابقة تربط بين حمض الهيالورونيك وطول حياة فئران الخلد.

ذو صلة

وهذا يعيدنا إلى جوهر الاكتشاف الجديد: ليست مقاومة الزمن حلماً بعيد المنال، بل معادلة يمكن حلها على المستوى الجزيئي.

يكشف هذا البحث أن طول عمر فئران الخلد العارية ليس معجزة بيولوجية غامضة بقدر ما هو نتيجة توازن ذكي بين المناعة وإصلاح الحمض النووي. وبينما ما زالت فكرة تطبيق هذه الآلية على الإنسان في طور البحث، فإنها تفتح نافذة أمل على إمكانية تصميم علاجات تحافظ على شباب الخلايا وتؤخر مظاهر الشيخوخة. ربما في المستقبل القريب يصبح امتلاك "جين الخلد العاري" أحد أسرار الحفاظ على شبابنا لأطول فترة ممكنة.

ذو صلة