“ليانغ وينفنغ” العقل المدبر وراء DeepSeek الذي قلب موازين وادي السيليكون وعالم الذكاء الاصطناعي
![](/_next/image?url=https%3A%2F%2Fcdn.arageek.com%2Fnews-magazine%2FRising-economics-2025-02-03T110348.078.png&w=3840&q=75)
3 د
أحدث ليانغ وينفنغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة DeepSeek، تحولًا هائلًا في عالم الذكاء الاصطناعي من خلال نموذج مفتوح المصدر عالي الكفاءة.
بدأ رحلته في التداول الكمي قبل أن يواجه تحديات كشفت أوجه قصور الذكاء الاصطناعي، ما دفعه للتركيز على تطوير نماذج أكثر كفاءة.
تمكن DeepSeek V2 من تحقيق أداء مقارب لـ GPT-4، ولكن بتكلفة أقل بسبع مرات، مما أثار دهشة الأسواق وضغط على عمالقة التكنولوجيا.
التزام ليانغ بفلسفة المصدر المفتوح والتطوير المنهجي، بدلًا من القوة الحاسوبية الهائلة، يعيد تشكيل قواعد اللعبة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
في عالم مهووس بالإعلانات التقنية البراقة وتقييمات الشركات بالمليارات، يسير ليانغ وينفنغ في اتجاه مختلف تمامًا.
المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة DeepSeek، الذي أشعل جدلًا عالميًا حول الذكاء الاصطناعي عام 2024، يظل متواضعًا بشكل مذهل رغم تأثيره الكبير في المشهد التقني العالمي.
رحلة غير تقليدية نحو القمة
وُلد ليانغ وينفنغ عام 1985 في مدينة زانجيانغ بمقاطعة غوانغدونغ الصينية، لوالد يعمل مدرسًا. بخلاف العديد من أقرانه الذين سعوا للحصول على تعليمهم في الخارج، فضّل ليانغ البقاء في الصين، حيث حصل على شهادته في الهندسة الإلكترونية من جامعة تشجيانغ، وهناك بدأ اهتمامه العميق بالرياضيات، الحوسبة، وسلوك الأسواق المالية.
في عام 2015، أسس ليانغ مع اثنين من زملائه High-Flyer Asset Management، وهي شركة رائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التداول الكمي في الصين.
وبفضل تقنياتها المبتكرة، تمكنت الشركة من إدارة أصول تجاوزت 12 مليار دولار في ذروتها. لكن في عام 2021، كشف تقلب الأسواق عن أوجه قصور خطيرة في نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، مما أدى إلى تحديات كبيرة.
إلا أن هذه النكسات لم تُثنِ ليانغ، بل زادت من فضوله حول البنية الأساسية للذكاء الاصطناعي، ما دفعه للغوص أعمق في هذا المجال.
رؤية مختلفة للابتكار
ما يميز ليانغ وينفنغ ليس فقط مهاراته التقنية، بل أيضًا فلسفته في الابتكار. إذ لطالما كرر قوله:
"المزيد من الاستثمارات لا يعني بالضرورة المزيد من الابتكار."
وبينما كانت الشركات الأخرى تتسابق للحصول على أكبر عدد ممكن من وحدات معالجة الرسوميات (GPUs)، ركّزت DeepSeek على تحقيق الكفاءة، حيث طورت تقنيات مبتكرة قادرة على تحقيق نتائج مماثلة، ولكن باستخدام موارد أقل بكثير.
ليس لأنهم أرادوا ذلك فحسب، بل لأن ميزانيتهم المحدودة أجبرتهم على الإبداع في مواجهة عمالقة الذكاء الاصطناعي.
رغم التحديات، تمكنوا من تحقيق اختراق نوعي مع نموذجهم DeepSeek V2، والذي أظهر كفاءة مذهلة من حيث التكلفة، حيث يمكنه تنفيذ مهام الاستدلال بتكلفة تُقدر بسبع مرات أقل من GPT-4، وهو إنجاز أثار دهشة الأوساط التقنية.
لكن القرار الأكثر جرأة الذي اتخذه ليانغ لم يكن فقط في كفاءة النماذج، بل في جعلها مفتوحة المصدر، وهو ما يتعارض مع المنهج السائد بين عمالقة الذكاء الاصطناعي، الذين يحتفظون بتقنياتهم بسرية تامة.
يشرح ليانغ فلسفته في هذا القرار قائلًا:
"المصدر المفتوح ليس مجرد سلوك تجاري، بل ثقافة. المساهمة فيه تكسبنا الاحترام والتقدير."
تأثير عاصف على الأسواق العالمية
رغم أن إطلاق نموذج DeepSeek أدى إلى اضطراب في سوق التكنولوجيا، حيث انخفضت تقييمات بعض الشركات الكبرى بما يقرب من تريليون دولار، حيث كان سهم إنفيديا في خطر: تراجع حاد بقيمة 600 مليار دولار بعد صدمة DeepSeek، إلا أن ليانغ لا يزال محافظًا على تركيزه الكامل على البحث والتطوير، وقد استطاع DeepSeek أن يزيح ChatGPT عن قائمة التطبيقات الاكثر تحميلًا على متجر آبل.
يقود اليوم فريقًا من الباحثين الشبان، معظمهم من خريجي أرقى الجامعات الصينية، الذين يشتركون معه في رؤية تحقيق الذكاء الاصطناعي العام (AGI) من خلال الاستكشاف المنهجي، بدلًا من الاعتماد المفرط على قوة الحوسبة.
إعادة تعريف مستقبل الذكاء الاصطناعي
قصة DeepSeek تحدّت الافتراضات التقليدية حول تطوير الذكاء الاصطناعي، وأثبتت أن الابتكار الثوري لا يأتي دائمًا من عمالقة وادي السيليكون، بل قد ينبثق من أماكن غير متوقعة.
وفيما يحاول وادي السيليكون استيعاب هذا التحول الكبير، يواصل ليانغ سعيه الهادئ نحو التميز، مسترشدًا بمبدأ بسيط:
"التقدم الحقيقي لا يأتي من اتباع المسارات التقليدية، بل من امتلاك الشجاعة لرسم مسارات جديدة."