ذكاء اصطناعي

ما لا تراه في الكواليس: شركة ذكاء اصطناعي وهمية توظف 700 موظف ليعملون كأنهم روبوتات

ما لا تراه في الكواليس: شركة ذكاء اصطناعي وهمية توظف 700 موظف ليعملون كأنهم روبوتات
فريق العمل
فريق العمل

3 د

هزّت فضيحة تقنية شركة Builder.

ai الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.

كُشف أن مئات الموظفين في الهند يقومون بعمل يدوي ويتظاهرون بأنهم روبوتات.

قُدرت قيمة الشركة  بـ 1,5 مليار دولار، وتلقت استثمارات كبيرة من شركات مثل مايكروسوفت.

ظهرت التحقيقات بعد سحب 37 مليون دولار وكشف تلاعب في الإيرادات الحقيقية.

اضطرت الشركة لتسريح موظفين والتقدم للإفلاس بسبب قراراتها السابقة.

ضجة كبيرة هزّت عالم التقنية مؤخراً، بعد أن تبيّن أن شركة Builder.ai الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والمدعومة من مايكروسوفت، لم تكن في الحقيقة سوى مئات الموظفين في الهند يقومون بعمل يدوي بالكامل ويتظاهرون بأنهم روبوتات محادثة تعتمد الذكاء الاصطناعي!

كانت الشركة التي مقرها لندن، قد استطاعت قبل فترة قصيرة اجتذاب اهتمام كبير وتعهدات مالية ضخمة: فقد قُدرت قيمتها بـ 1.5 مليار دولار، وروّجت لنفسها على أنها تقدم منصة متطورة قادرة على إنشاء تطبيقات بسهولة مشابهة لـ "طلب بيتزا". وكان أشهر منتجاتها مساعد افتراضي سمته "ناتاشا"، الذي ادّعت أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي لإنتاج برامج كمبيوتر متقدمة.

لكن ما تم الكشف عنه مؤخراً كان بمثابة الصدمة: حوالي 700 مهندس ومطور في الهند كانوا يقومون ببرمجة وتطوير كل الطلبات يدوياً، دون وجود حقيقي يذكر لأي ذكاء اصطناعي. وكانت صحيفة "تايمز أوف إنديا" أول من نشر التفاصيل الصادمة لهذه الفضيحة، التي فتحت باب التساؤلات حول طبيعة الاستثمار والتقييمات المبالغ بها في عالم تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وبدأت الأمور تنهار بشكل واسع في شهر مايو الماضي، عندما تدخلت مؤسسة "فيولا كريدت" البنكية وسحبت 37 مليون دولار من حسابات الشركة المالية، واكتشفت بعدها تلاعباً ضخماً في الأرقام، إذ ادعت الشركة توقعها تحقيق إيرادات بقيمة 220 مليون دولار لعام 2024، بينما أظهرت التدقيقات أن إيراداتها الحقيقية لم تتجاوز 50 مليون دولار فقط.

ويزداد الأمر سوءًا مع العودة لتقارير سابقة أشارت إلى غموض في طبيعة تقنيات الشركة؛ فصحيفة وول ستريت جورنال كانت قد نشرت تقريراً في 2019 شكك بصدق مزاعم Builder.ai بشأن استخدامها لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما توالت الاتهامات من مسؤولين سابقين ضدها بسبب تضليل المستثمرين بقدرات وهمية لا تستند إلى حقيقة تقنية واضحة.

رغم هذه الشكوك، تمكنت الشركة من الحصول على استثمارات تصل لأكثر من 445 مليون دولار من شركات عملاقة مثل مايكروسوفت وجهاز قطر للاستثمار، مما أدى إلى توسيع دائرة التحقيق قانونياً. مؤخراً، انطلقت تحقيقات فيدرالية من قبل السلطات الأمريكية، حين طالب الادعاء العام بنيويورك بالحصول على وثائق مالية ومستندات تخص العملاء لتقصّي حقيقة هذه القضية المثيرة.

ومع الاضطرابات الأخيرة، اضطر مؤسس الشركة، ساشين ديف دوغال، إلى التنحي عن منصبه، ليتولى مانبريت راتيا المنصب، وهو من كشف بشكل أوضح حقيقة التلاعب والأزمات الداخلية بالشركة. الوضع الحالي لا يبدو جيداً إطلاقاً؛ إذ أصبح على Builder.ai ديون بملايين الدولارات لشركات مثل أمازون ومايكروسوفت لقاء خدمات الحوسبة السحابية، كما اضطرت لتسريح حوالي ألف موظف، وفي إعلانها على منصة LinkedIn أشارت الشركة لخضوعها لإجراءات الإفلاس بسبب "قرارات سابقة وتحديات تاريخية" أثرت على استدامتها المالية.

ذو صلة

بهذه الحادثة، أصبح العالم التقني يتحدث عن خطر ظاهرة "غسيل الذكاء الاصطناعي" (AI washing)، حيث تقوم بعض الشركات بتسويق خدمات أو أعمال تعتمد كلياً على العنصر البشري تحت شعار الذكاء الاصطناعي، بهدف جذب الاستثمارات على حساب الحقيقة والشفافية. وعليه، فإن هذه القصة تدعونا لتوخي الحذر بشكل أكبر في تقييم الشركات التقنية الناشئة ومعرفة الحقيقة خلف الوعود البراقة.

ولعل من الأفضل التركيز مستقبلاً على متابعة التطور الحقيقي للتقنيات عبر التأكد من مدى مصداقية الشركات الناشئة والابتعاد عن مجرد الانبهار بالمصطلحات الجذابة مثل "الذكاء الاصطناعي". فالأزمة الحالية توضح بشكل كبير ضرورة تقنين الاستثمارات ومراقبة المشاريع وفرض معايير شفافة وواضحة لضمان عدم تكرار مثل هذه الفضائح المؤسفة مستقبلاً.

ذو صلة