مدار الزهرة ليس كما نعتقد.. دراسة ترصد تهديدًا خطيرًا يتربص هناك

3 د
كشفت دراسة عن خطر من كويكبات في مدار الزهرة تهدد الأرض.
تُعرف هذه الكويكبات بـ"المتشاركة" وتقترب من مدار الأرض.
يصعب رصدها بسبب توهج الشمس، مما يتطلب مراصد فضائية خاصة.
توصي الدراسة بمهمة في مدار الزهرة لتتبع هذه الأجسام بدقة.
قبل عشرين عامًا، كُلّفت وكالة ناسا من قبل الكونغرس الأمريكي بمهمّة واضحة: اكتشاف ما لا يقل عن 90% من الكويكبات القريبة من كوكب الأرض التي قد تشكّل تهديدًا لمستقبل الكوكب والحياة عليه. وبالفعل نجحت ناسا في إحراز تقدم كبير في هذه المهمة، لكن أحدث البحوث تشير اليوم إلى أنّ تلك الجهود قد لا تكون كافية، خصوصاً أن هناك خطرًا قادمًا من مكان غير متوقع: مدار كوكب الزهرة.
هذا الاحتمال المثير للقلق تم استعراضه بشكل مفصّل في دراسة جديدة أجراها فريق من علماء الفلك، تقودهم جامعة ساو باولو في البرازيل بإشراف الأستاذ المساعد فاليريو كاروبا. يشير البحث إلى وجود كويكبات تشترك في المدار مع الزهرة، وهي تدور حول الشمس في مسارات متقاربة مع مسار كوكب الزهرة نفسه؛ لكن الشيء المقلق هنا أنّ هذه الكويكبات ليست بالضرورة آمنة بالنسبة لكوكب الأرض رغم مشاركتها مداراً مستقراً نوعاً ما مع الزهرة.
تكمن خطورة هذه الكويكبات، التي أطلق عليها الباحثون تسمية "الكويكبات متشاركة المدار"، في أنها تستطيع الاقتراب من مدار الأرض وتقديم تهديد حقيقي لكوكبنا. وفقًا للدراسة المنشورة مؤخرًا، هناك حاليًا نحو 20 كويكبًا مشتركًا مع كوكب الزهرة فقط، ولكن الباحثين حذروا من أنّ هناك المزيد من هذه الأجرام قد تكون مختفية نتيجة لصعوبة رصدها بسبب توهج الشمس.
لكن لماذا يصعب اكتشاف هذه الكويكبات تحديداً؟ هنا تكمن المشكلة الرئيسية: هذه الأجسام السماوية تخفيها "إضاءة الشمس"، حيث إن ضوء الشمس المباشر يجعل رصدها من المراصد الأرضية شبه مستحيل عدا خلال بعض النوافذ الزمنية القصيرة والمحدودة. وتشرح الدراسة أيضًا أنّ هذه الأجسام تمتاز بمدارات فلكية "غير منتظمة وفوضوية للغاية"، بحيث يصبح التنبؤ بمساراتها المستقبلية بعد حوالي 150 عامًا من الزمن أمراً شبه مستحيل.
هذه الحقيقة دفعت فريق البحث لإنشاء نموذج حاسوبي يضم ما سمّوه بـ"الكويكبات المستنسخة"، أي المحاكاة الرقمية لعدد كبير من الكويكبات المحتملة بمواصفات مدارية مختلفة. قام العلماء بمراقبة ودراسة محاكاة لمسارات تلك الكويكبات لمدة 36 ألف عام افتراضيًا، ليتبين لهم أنه بالفعل قد تكون هناك احتمالات عالية للتصادم مع كوكب الأرض إثر اقتراب بعضها من مدارنا.
ولتجاوز عقبات رصد الكويكبات المتقاسمة مع الزهرة، اقترح الباحثون حلاً مبتكراً جديدًا: مراصد فضائية خاصة يتم وضعها في مدارات حول الزهرة نفسه، بعيدًا عن توهج الشمس. وشرح فريق العمل أنّ مثل هذه المهمة قد تمنحنا فرصة أوضح لتحديد مواقع هذه الأجسام بدقة أكبر بكثير مما يمكن للمراصد الأرضية حالياً.
في الختام، رغم أنّ فكرة وجود تهديدات من كويكبات كامنة في مدار الزهرة قد تبدو جديدة للبعض، إلا أنّ هذا البحث يؤكد لنا أهمية توسيع جهودنا الفلكية ودراسة مناطق جديدة في النظام الشمسي. ربما حان الوقت لإطلاق مهمة فضائية متخصصة معيارية تُركّز على مراقبة ورصد هذه الأجرام بشكل أكثر دقة، لأن الوقاية من خطر الاصطدام بكويكب مجهول ليس فقط ضروريًا، بل هو أيضًا أمر حاسم وخطوة أساسية للدفاع عن أمن كوكبنا ومستقبل الحياة عليه.