نجم يلتهم كوكبًا ثم يصدر “تجشؤًا” فضائيًا…لكن يبدو أن الكوكب كان يطلبها!

3 د
اكتشف العلماء زيادة مفاجئة في سطوع نجم بعيد يبعد حوالي 12 ألف سنة ضوئية.
اعتقدوا في البداية أن السبب هو ابتلاع نجم لعملاق أحمر، لكن الحقيقة كانت غير ذلك.
بدأ كوكب غازي عملاق بالاقتراب من نجمه واصطدم به، ما زاد من سطوعه بشكل مفاجئ.
اكتشفت الفريق حلقة غاز حول النجم، مفاجأة تشير لمزيد من البحث والفهم.
هذه الاكتشافات قد تساهم في فهم مصائر الكواكب والأنظمة النجمية بشكل أفضل مستقبلًا.
في عام 2020، رُصد مشهد استثنائي في أعماق الكون، حين لمع فجأة نجم بعيد يبعد عنا حوالي 12 ألف سنة ضوئية. هذا المشهد لفت انتباه العلماء في مرصد "بالومار" بولاية كاليفورنيا، ما جعلهم يسارعون لدراسة الأسباب المحتملة وراء هذه الزيادة المفاجئة في سطوع النجم.
في البداية، اعتقد علماء الفلك أن السبب يعود لظاهرة مألوفة بعض الشيء تتمثل في ابتلاع نجم كبير يُدعى "العملاق الأحمر" لكوكب يدور حوله. لكن، بعد تعمق في دراسة البيانات باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، تبين أن الحقيقة كانت مغايرة تمامًا لما كانوا يعتقدون.
مفاجأة تقلب الموازين
الباحث رايان لاو، وهو من العلماء القائمين على الدراسة بمختبر NOIRLab في جامعة توكسون في أريزونا، أوضح أن استخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي مكن فريقه من رؤية تفاصيل فريدة غيرت فهمهم بالكامل لما حدث. لقد تفاجأوا خلال تحليل البيانات بأن النجم لم يكن عملاقًا أحمرًا كما كان متوقعًا، بل نجمًا عاديًا نسبيًا تقل كتلته عن كتلة الشمس بحوالي 30%.
هذه النتيجة المذهلة فرضت على العلماء طرح احتمال جديد كليًا: لم يكن النجم هو الذي التهم الكوكب؛ بل الكوكب هو الذي انجذب نحو النجم واصطدم به. وكما قد نتساءل جميعًا، كيف يمكن لكوكب أن ينتهي مصيره بطريقة درامية كهذه؟
الكواكب المُهاجرة ومصيرها المحتوم
شرح الفريق أن الظاهرة قد تكون ناتجة عن نوع مشهور من الكواكب يدعى "المشتري الساخن"، وهو كوكب غازي عملاق، يتكون بشكل عام بعيدًا عن نجمه الأصلي، لكنه مع مرور ملايين السنين يتحرك ببطء مقتربًا من النجم، إلى أن يصل لمرحلة حرجة يصبح فيها قريبًا جدًا من نجمه المضيف. في هذه المرحلة الخطيرة تتلاعب قوى الجاذبية بين النجم والكوكب بهذا الأخير، مشكلةً ما يشبه دوامة القدر التي تقوده تدريجيًا نحو النجم.
تفسير جديد للظاهرة الغريبة
في المراحل النهائية من اقترابه، تداخل الكوكب مع الغلاف الجوي للنجم، ثم بدأ بالتحطم تدريجيًا. شرح الباحث مورغان ماكلويد، أحد أعضاء الفريق بجامعة هارفارد ومن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن الكوكب أثناء اندماجه داخل النجم بدأ يتشوه وينتشر مُشكلًا نوعًا من السحابة الغازية التي أحاطت بالنجم.
حين ارتطم الكوكب نهائيًا بالنجم، أدى ذلك إلى انبعاث هائل من الغاز جعل النجم يظهر وكأنه "تجشأ" مقذوفًا سحابة مهولة من المواد إلى الفضاء الخارجي، وهو ما تسبب في زيادة ملحوظة في إضاءته عُثر عليها سابقًا من خلال مسح NEOWISE التابع لوكالة ناسا.
اكتشافات جديدة تحير الباحثين
لكن المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد؛ إذ فحص الفريق مجددًا بواسطة تلسكوب جيمس ويب الخطوط الضوئية المنبعثة من الحدث، فاكتشفوا وجود حلقة من الغاز تدور حول النجم تشبه إلى حد بعيد قرص الغاز الذي تتشكل منه الكواكب عادةً. هذا الأمر جعل الباحثين مذهولين بسبب غرابته؛ فالحدث كان من المفترض أن يكون مرحلة تدمير للكوكب وليس ولادة كوكب جديد!
خبيرة الكواكب الخارجية، كوليت ساليك من كلية فاسار في نيويورك، عدت هذه النتيجة مفاجئة جدًا، وقالت إنها لم تتخيل أبدًا رؤية بُنية مشابهة لقرص لتكوين الكواكب حول نجم ابتلع كوكبًا للتو، مؤكدةً أنها ظاهرة غير اعتيادية وتحتاج مزيدًا من الأبحاث.
ماذا ينتظر الباحثون مستقبلًا؟
هذه الحالة الفريدة مجرد البداية وفقًا للعلماء؛ إذ من المتوقع أن تسهم المراصد المتقدمة المستقبلية مثل مرصد "فيرا روبين" وتلسكوب "نانسي غريس رومان" التابعين لناسا، في اكتشاف أحداث مشابهة مستقبلًا. ومن خلال تحليل بيانات هذه الحالات الجديدة، يمكن للباحثين أن يفسروا بشكل أفضل كيفية حدوث مثل هذه الحوادث الغريبة وتحديد مصائر الكواكب والأنظمة النجمية بشكل أوضح.
تشي هذه الاكتشافات بأننا ما زلنا نخطو أولى خطواتنا في فهم ديناميكيات الكون الواسع، وأن هناك ظواهر أغرب وأعقد مما تخيلنا بكثير، لكن مع كل حدث كهذا، نصبح أكثر قربًا من فهم أسرار الحياة والموت في أعماق الفضاء.