ذكاء اصطناعي

نمو جنوني لمراكز البيانات… ومايكروسوفت تكافح للحفاظ على استدامتها

نمو جنوني لمراكز البيانات… ومايكروسوفت تكافح للحفاظ على استدامتها
فريق العمل
فريق العمل

3 د

تشهد مايكروسوفت تحديات في تحقيق أهدافها المناخية بسبب توسع مراكز البيانات.

زادت انبعاثات الكربون بنسبة 23,4% منذ عام 2020 نتيجة بناء مراكز جديدة.

تواجه الصعوبة الكبرى في "انبعاثات النطاق الثالث" وتشمل سلسلة التوريد والمواد الخام.

تدعم مايكروسوفت حلولاً منخفضة الكربون للصلب والأسمنت، لكن النتائج تحتاج لسنوات.

تحقق تقدمًا طفيفًا في تقليل الانبعاثات وتسعى لتحقيق أهداف 2030 بخفض أكبر.

قد تبدو الخطط الطموحة للاستدامة صلبة على الورق، لكن التطبيق على أرض الواقع مهمة أصعب مما قد نتخيل أحياناً. هذا بالضبط ما اكتشفته مايكروسوفت مؤخراً؛ ففي تقريرها الأخير بشأن الاستدامة، أظهرت الشركة كيف أن توسعها المتسارع في مراكز البيانات من شأنه أن يشكل تحدياً حقيقياً أمام تحقيق أهدافها المناخية.

شهدت مايكروسوفت منذ عام 2020 زيادة في انبعاثاتها الكربونية بنسبة وصلت إلى 23.4 في المائة، ويعزى هذا بشكل رئيسي لبناء مراكز بيانات جديدة فائقة الحجم، مصممة لتوفير الطاقة اللازمة لأعمال الشركة في مجالات الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية المتنامية بسرعات قياسية.

من النظرة الأولى، يبدو الحصول على الطاقة النظيفة الجزء السهل من هذه المعادلة، فالشركة بالفعل تشتري كميات كبيرة من الكهرباء المتجددة. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في البنية التحتية ذاتها: إذ تعتمد مراكز البيانات في بنائها على الكثير من المواد ذات البصمة الكربونية الكبيرة مثل الأسمنت والصلب وقطع أشباه الموصلات عالية الاستهلاك للطاقة والغازات ذات القدرة العالية على الاحتباس الحراري.

وتزداد الصعوبة لأن جزءاً كبيراً من انبعاثات الكربون لشركة مايكروسوفت يقع خارج سيطرتها المباشرة، فيما يُسمى "انبعاثات النطاق الثالث" (Scope 3). هذه الانبعاثات تشتمل على سلسلة التوريد، المواد الخام، النقل والمنتجات المشتراة، وتشكل هذه الانبعاثات نحو 97% من إجمالي بصمة الشركة الكربونية في العام المالي 2024.

ومع تعقد المشهد، نلاحظ أن عناصر الإنشاء - مثل الأسمنت والصلب - هي غالباً الناتج الأكبر لهذه الانبعاثات. فالأسمنت ينتج عادة من تفاعل كيميائي يطلق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، أما الصلب فتصنيعه يعتمد غالباً على أفران تعمل بالوقود الأحفوري شديدة الانبعاثات، مما أدى لما وصفته مايكروسوفت بأنه "أصعب التحديات التي تواجهنا في رحلة الاستدامة".

وعلى الرغم من جهود الشركة في دعم العديد من الشركات الناشئة المتخصصة في تطوير حلول مبتكرة ومنخفضة الكربون للأسمنت الصديق للبيئة والصلب الأخضر، إلا أن مايكروسوفت تؤكد أن ظهور نتيجة ملموسة من هذه الاستثمارات يحتاج سنوات وليس شهوراً.

الجزء الآخر من التحدي هو أشباه الموصلات الموجودة داخل مراكز البيانات هذه. تعتمد تقنيات إنتاج الرقائق الإلكترونية على مواد كيميائية مثل "هيكسا فلورو إيثان"، وهو غاز له قدرة احتباس حراري تفوق ثاني أكسيد الكربون بآلاف المرات. وحتى الكهرباء النظيفة قد لا تكون قريبة دائماً، إذ إن محطات الطاقة المتجددة قليلة وتوجد أحياناً بعيداً جداً عن مواقع مراكز البيانات، مما يضطر الشركة لشرائها من أماكن متباعدة.

ومع ذلك، فليس كل المشهد ضبابياً. فقد تراجعت انبعاثات مايكروسوفت قليلاً من عام 2023 إلى 2024، مما يؤشر إلى تحسن طفيف في عمليات البناء وشراء الطاقة. كما حصلت الشركة مؤخراً على عدة عقود كبيرة تهدف لإزالة ملايين الأطنان من الانبعاثات عبر مشاريع إعادة التشجير وتقنيات احتجاز الكربون.

ذو صلة

لكن هل سيكون بإمكان مايكروسوفت الاستمرار في هذه الخطوات بوتيرة كافية للوفاء بتعهداتها لعام 2030 - حين تسعى الشركة لإزالة كميات من ثاني أكسيد الكربون أكبر من الكميات التي تتسبب هي في إطلاقها؟ أم أن دخول الشركة القوي في مجالات الحوسبة والذكاء الاصطناعي والتوسع الكبير في مراكز البيانات سيجعل من هذه الأهداف المثالية ضرباً من الخيال؟

سيظل هذا التحدي الحديث محوراً مهماً في السنوات القليلة القادمة، ما يحتّم على الشركة تسريع الابتكارات الجديدة وخفض الانبعاثات بفاعلية أكبر. وربما يكون من المفيد التركيز على تعزيز سلاسة الانتقال بين محاور التقرير، بالإضافة إلى استبدال بعض التعبيرات الفنية الصعبة بمرادفات أبسط، حتى يصبح التقرير أوضح وأكثر سهولة لجمهور أوسع.

ذو صلة