ذكاء اصطناعي

هل نجد جيرانًا في قمر زحل؟ مهمة ناسا قد تغيّر فهمنا للحياة في الكون

هل نجد جيرانًا في قمر زحل؟ مهمة ناسا قد تغيّر فهمنا للحياة في الكون
فريق العمل
فريق العمل

4 د

أطلقت ناسا مشروعًا لدراسة قمر زحل "إنسيلادوس"، بحثًا عن علامات الحياة.

تميز إنسيلادوس بنوافير مائية محتملة لوجود حياة تحت الجليد السطحي.

ستقوم مهمة "أوربيلاندر" بجمع العينات وتحليلها عبر المدار والهبوط.

تتطلب التحديات التقنية مولد حرارة بالنظائر المشعة بسبب البعد عن الشمس.

تشمل الخطة البديلة تحليقات قريبة بدلًا من هبوط كامل في حالة التحديات المالية.

عندما ننظر إلى السماء في ليلة صافية، ربما نتساءل دائمًا: هل نحن وحدنا في هذه المجرة الواسعة؟ الآن يقترب العلم من إجابة هذا السؤال من خلال مشروع مثير أطلقته وكالة ناسا، والذي يهدف لدراسة أحد أقمار كوكب زحل الغامضة، والمعروف باسم "إنسيلادوس".


إنسيلادوس والسر الكبير أسفل الجليد

ربما لم يسمع الكثيرون منكم عن إنسيلادوس من قبل، وهو قمر صغير يدور حول كوكب زحل، يميزه سطح جليدي لامع بطريقة لافتة للنظر. لكن الأكثر غرابة في هذا الجرم السماوي هو المحيط المالح الدفين الذي يختبئ أسفل هذا الغطاء الجليدي الكثيف.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فسطح القمر يطلق بين الحين والآخر نوافير هائلة من البخار المائي من شقوقه الجليدية إلى مدار زحل، في ظاهرة تعرف بـ"البراكين الجليدية"، وسببها هو قوى الجاذبية الشديدة التي يتحرك بها إنسيلادوس ويجذبها زحل.

هذه النوافير المائية هي ما جذبت اهتمام العلماء، ففي حال احتوت على أي مواد عضوية، فهذا قد يكون مؤشراً قوياً إلى احتمال وجود حياة بدائية أو ظروف تساعد على ظهور الحياة تحت سطح هذا القمر المتجمد.


"أوربيلاندر": بوابة ناسا لاكتشاف أسرار زحل

للإجابة على هذه الأسئلة الكبرى، طورت وكالة ناسا مهمة طموحة اسمها "أوربيلاندر". وهي كلمة مركبة تجمع بين "أوربيتر" وتعني المدار، و"لاندر" وتعني الهبوط، ما يشير إلى الطبيعة المركبة لهذه المهمة التي ستكون أول مهمة فضائية تجمع بين الاستكشاف المداري والهبوط على سطح هذا القمر.

الرحلة الجديدة يفترض أن تبدأ في نوفمبر 2038، حيث ستنطلق المركبة على متن صاروخ "فالكون هيفي" التابع لشركة سبيس إكس، في رحلة طويلة ومعقدة نحو قمر زحل. الرحلة ستستمر سنوات، بهدف ضمان القيام بالتقاط عينات من النوافير المائية التي تندفع من تحت السطح الجليدي.

في المرحلة الأولى من المهمة، ستدور المركبة حول إنسيلادوس، وتمضي فترة طويلة في جمع العينات من هذه الأعمدة البخارية وتحليلها عن بعد، ثم ستبدأ مرحلة ثانية من المهمة تقترب فيها المركبة من السطح عبر مدار منخفض يستمر حوالي سنة كاملة، لرصد المناطق الأكثر واعدية للهبوط وجمع العينات.

بعد ذلك في المرحلة الأخيرة، ستهبط المركبة على سطح القمر لمدة عامين كاملين، لأخذ عينات مباشرة من الجليد السطحي والمواد التي أعادت تجمد البخار المنطلق من الأعمدة. هذه الخطوات المتأنية تهدف للحصول على تحليل مفصل وواضح حول مكونات مياه إنسيلادوس ومعرفة طبيعة المواد الموجودة فيها بشكل دقيق.


تحديات التقنية.. والخيارات البديلة

بالطبع، الرحلة إلى نجم بعيد أو كوكب يقع بعيداً عن الشمس تحمل تحديات تقنية كبيرة. إنسيلادوس يقع بعيدًا جدًا عن الشمس لدرجة لا تسمح باستخدام ألواح الطاقة الشمسية التقليدية. لذا اختارت ناسا استخدام مولد كهرباء قائم على النظائر المشعّة، يعرف باسم "المولد الحراري بالنظائر المشعة"، الذي أثبت كفاءته وفاعليته في مهام سابقة مثل مهمة "كيريوسيتي" على سطح المريخ، وكذلك رحلة "غاليليو" نحو المشترى.

عمل مهندسو المهمة على تقليل وزن وحجم المركبة بشكل كبير، مما أدى إلى استخدام مولد مشع واحد فقط بدلًا من ثلاثة كما في الرحلات التي سبقتها. هذا الأمر وفر حوالي 1,865 رطلاً من الوزن وجعل المهمة أقل تكلفة بحوالي 900 مليون دولار، وهو رقم يخفف حجم العبء المالي الضخم الذي عادة ما يرتبط بمثل هذه المشاريع الفضائية.

ذو صلة

لكن ناسا لديها جانب عملي آخر، فحتى مع كل هذا التخطيط، من الممكن أن تواجه تحديات تمويلية في المستقبل. لذا فقد خططت لبديل احتياطي أو ما يسمى "الخطة ب"، التي تتضمن تنفيذ المهمة بصيغة مختصرة تقوم فقط بعدة تحليقات قريبة من سطح القمر لجمع بيانات أساسية دون الهبوط أو الدوران الكامل حول إنسيلادوس. غير أن خبراء ناسا يعتقدون أن هذه الخطة الأقصر لن تكون بنفس فاعلية الخطة الأصلية، وربما تفوت على العلماء فرصة اكتشاف تفاصيل مهمة قد تكون الفاصلة في تأكيد أو نفي فرضية وجود الحياة هناك.

في نهاية اليوم، وبالرغم من أن هذه المهمة تحتاج عدة سنوات للبدء والتنفيذ، إلا أنها تعكس الأمل الكبير للبشرية في اكتشاف عوالم جديدة تحمل في خفاياها سرًا من أهم الأسرار التي يسعى الإنسان للإجابة عنها منذ القدم: هل هناك حياة أخرى بعيدًا عنا في عمق النظام الشمسي؟ وحدها الأيام المقبلة ستكشف لنا الإجابة على هذا السؤال.

ذو صلة