ذكاء اصطناعي

هل نحن لسنا وحدنا؟ اكتشافات مذهلة قد تقربنا من أسرار الحياة خارج الأرض

هل نحن لسنا وحدنا؟ اكتشافات مذهلة قد تقربنا من أسرار الحياة خارج الأرض
فريق العمل
فريق العمل

4 د

رصد علماء فلك دلائل على حياة محتملة خارج الأرض على كوكب K2-18b.

اكتشف الكوكب عام 2015 ويعد مرشحًا قويًا لوجود حياة لوجود الماء بغطائه الجوي.

استخدم فريق بقيادة نيكو مادوسودان تلسكوب جيمس ويب لرصد إشارات غازية محتملة للحياة.

بالرغم من النتائج، حذر خبراء من تفسيرات سابقة مشابهة لم تؤكد لاحقًا.

التحليل لازال جاريًا لتحديد إن كانت الغازات ناتجة عن كائنات حية.

في خبر مثير ومثير للجدل على حد سواء، صرح فريق دولي من علماء الفلك أنهم رصدوا عبر تلسكوب جيمس ويب الفضائي دلائل تعتبر الأقوى والأوضح حتى الآن على إمكانية وجود حياة خارج كوكبنا، وذلك من خلال تحليل الغلاف الجوي لكوكب بعيد يُعرف باسم K2-18b. هذا الاكتشاف الذي أثار حماس الملايين حول العالم ترافق مع دعوات عديدة من خبراء آخرين للحذر والتريث في تفسير البيانات التي جُمعت.


رحلة البحث عن حياة على الكوكب K2-18b

ظهر كوكب K2-18b لأول مرة في رصد علمي عام 2015، واتضح سريعًا أنه من بين أفضل المرشحين للبحث عن حياة خارج الأرض. لماذا هذا الكوكب تحديدًا؟ كتلته تزيد حوالي ثماني مرات عن كتلة كوكبنا، ويقع على مسافة 124 سنة ضوئية من مجموعتنا الشمسية، والأهم من ذلك هو وجوده بمنطقة معتدلة الحرارة نسبيًا تسمح - نظريًا - بوجود الماء في حالته السائلة، وهي العنصر الأساسي للحياة.

في 2019 اكتشف العلماء في الغلاف الجوي لهذا الكوكب بخار الماء، ما أثار اهتمامًا كبيرًا وإشارات حول احتمال وجود محيطات هائلة تحت غيوم من الهيدروجين. غير أن الخبراء لم يتفقوا تمامًا حول طبيعة هذه النتائج آنذاك.


دلائل جديدة مذهلة من تلسكوب جيمس ويب

حديثًا، في عام 2023، قام فريق بقيادة نيكو مادوسودان، العالم من جامعة كامبريدج، باستخدام تلسكوب جيمس ويب، وجمعوا بيانات أكثر دقة في نطاق الأشعة تحت الحمراء. ظهرت مرة أخرى دلائل حول وجود الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان.

لكن الجديد فعلًا هذه المرة هو التقاطهم لإشارة غاز يُطلق عليه دايميثيل سلفيد (DMS)، وهو مركب كيميائي، وعلى كوكبنا الأرض لا تنتجه سوى كائنات حية تُعرف بالبلانكتون البحري، لكن مستوى هذه الإشارة كان ضعيفًا في بادئ الأمر.


نتائج أوضح.. وأمل جديد

مؤخرًا، جاءت المفاجأة حينما استخدم الفريق مرة أخرى تلسكوب جيمس ويب لكن مع أداة مختلفة تراقب الأشعة تحت الحمراء المتوسطة، هذه المرة كانت دلائل وجود الغاز أكثر قوة ووضوحًا، بالإضافة لمركب آخر يرتبط أيضًا بالحياة على كوكب الأرض يسمى دايميثيل دايسولفيد (DMDS).

هذه الاكتشافات كما يقول مادوسودان وصلت إلى مستويات ارتفاع ملحوظة من الإحصاء الإيجابي، حيث يصل مستوى الثقة إلى ما يُعرف لدى الباحثين بـ "ثلاثة سيجما"، ما يدل على أن احتمال حدوث هذه النتائج بالصدفة وحدها ضعيف جدًا (ثلاث حالات من بين ألف حالة ممكنة). ومع ذلك، وفق الأعراف العلمية، يحتاج العلماء عادة إلى مستوى ثقة أعلى (يصل لخمسة سيجما) ليعتبروا أي اكتشاف مؤكدًا رسميًا.


تضارب في الآراء ودعوات للحذر

مقابل هذه التصريحات المتفائلة، حذر علماء متخصصون آخرون وعلى رأسهم الباحث في ناسا نيكولاس ووغان. ووغان أكّد أن البيانات بالرغم من قوتها، تحتاج بشدة إلى عمليات إعادة تحليل من فرق أخرى حول العالم. إضافة إلى طلب باحثين آخرين الحذر الشديد بسبب سوابق سبق وأن قدمت دلائل مشابهة فشلت في اختبارات لاحقة.

هناك مثلًا الباحث الشهير رايان ماكدونالد في جامعة ميشيغان، الذي قال إن كوكب K2-18b أصبح مثالًا متكررًا لـ"قصة الصبي الذي صرخ: الذئب قادم"، موضحًا أن هناك حوادث سابقة ارتبطت بنفس المكان وانتهت بنتائج سلبية بعد التحليل الموسع والدقيق.


الصعوبات العلمية والتقنية

لكن ما هي الصعوبة تحديدًا؟ لماذا يصعب التأكد بشكل واضح وسريع؟ الواقع أن عملية تحليل بيانات تلسكوب جيمس ويب الفضائي ليست مهمة سهلة إطلاقًا. يصف عالم الفلك توماس بيتي من جامعة ويسكونسن-ماديسون هذا كالتالي:


"إننا نحاول اكتشاف أثر ضعيف للغاية في الغلاف الجوي للكوكب، ولك أن تتخيل أن هذه الطبقة الجوية التي ندرسها تماثل سماكتها سماكة قشرة تفاحة مقارنة بالتفاحة نفسها".

وهذا يجعل من المحتمل أنهم قد لا يصلون أبدًا إلى مستوى التأكيد الدقيق الذي يطمحون إليه.


تحد أعمق ينتظر العلماء.. ونتائج تستحق الانتظار

وحتى لو تم التحقق والعثور على هذه الغازات بشكل نهائي، يظل هناك الامتحان الأصعب أمام العلماء: هل يمكن إثبات أن تلك الغازات ناتجة فعلًا عن كائنات حية وليست من مصادر أخرى؟، هذا السؤال العلمي الكبير قد يحتاج إلى سنوات طويلة من البحث والتحليل، حسب رؤية خبيرة الكواكب البعيدة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سارة سيغر، التي تشير إلى أن الجدل سيستمر ربما لعقود بسبب محدودية البيانات التي يمكن جمعها من عالم على بُعد عشرات السنوات الضوئية عنا.

بدوره يرى مادوسودان أن النتائج، حتى بعيدًا عن سؤال الحياة، هي :

ذو صلة

"إنجاز علمي كبير يشير إلى حجم التقدم المذهل الذي وصلته البشرية علميًا وتقنيًا، من كائنات بسيطة على الأرض إلى حضارة قادرة على رصد ومتابعة واكتشاف تفاصيل دقيقة لكوكب بعيد بهذا الشكل"

وفي النهاية يبقى التساؤل يلح علينا: هل نحن وحدنا في هذا الكون الشاسع أم أن أصدقاءً لنا يسكنون عوالم أخرى؟ فيما يبقى العلم مستمرًا في رحلته الشيقة بحثًا عن إجابة.

ذو صلة