هل يخسر جوجل متصفح كروم؟ معركة مكافحة الاحتكار تصل إلى ذروتها

3 د
تواجه جوجل تهديداً قانونياً بفصل متصفح كروم ضمن قضية مكافحة احتكار كبرى.
دفعت جوجل 20 مليار دولار لآبل عام 2022 لتثبيت محرك بحثها كمحرك افتراضي، مما اعتُبر سلوكًا احتكاريًا.
أبدت شركات مثل OpenAI وYahoo اهتمامها بشراء كروم في حال تم بيعه.
تدافع جوجل بشدة، مؤكدةً أن تفكيك كروم قد يؤدي إلى إضعافه ويضر بملايين المستخدمين.
في خطوة قد تهز عرش أحد أهم منتجاتها، تواجه شركة جوجل قضية مكافحة احتكار قد تجبرها على التخلي عن متصفح "كروم"، أشهر متصفح إنترنت في العالم. القضية، التي تصاعدت حتى وصلت إلى المحكمة العليا الأمريكية في أغسطس 2024، تُعد واحدة من أخطر المعارك القانونية التي خاضتها الشركة حتى الآن.
بداية الأزمة: اتهامات بالاحتكار وشراء الهيمنة
تعود جذور القضية إلى اتهامات لجوجل بعقد صفقات سرية مع شركتي آبل وأندرويد لضمان تعيين محرك البحث الخاص بها كخيار افتراضي على الأجهزة الذكية. وقد كشفت تقارير أن جوجل دفعت لشركة آبل نحو 20 مليار دولار في عام 2022 مقابل الحفاظ على محركها كخيار بحث افتراضي ضمن متصفح "سفاري" على أجهزة الآيفون والآيباد، بحسب تقرير نشره موقع Android Police. هذه الممارسات أثارت قلق الجهات التنظيمية الأمريكية، مما دفع القاضي أمير ب. ميهتا إلى إصدار حكم ضد جوجل، واصفًا إياها بأنها "احتكارية تتصرف لحماية موقعها المهيمن".
الحلول المطروحة: تفكيك إمبراطورية جوجل
استجابة للحكم، طرحت السلطات الأمريكية عدة خيارات لمعالجة هذا الوضع، منها الحد من قدرة جوجل على عقد اتفاقيات حصرية مع شركات أخرى، واقتراح فصل بعض وحداتها، وعلى رأسها كروم، أندرويد، ومتجر التطبيقات "بلاي"، بهدف كبح النفوذ الذي تستخدمه لدعم محرك البحث جوجل.
وفي خضم هذا الجدل، برزت عدة شركات أبدت اهتمامها بالاستحواذ على متصفح كروم إذا ما أُجبرت جوجل على بيعه. من بين هذه الشركات: أوبن إيه آي (OpenAI)، بيربليكسيتي (Perplexity)، وياهو (Yahoo)، في إشارة إلى حجم الإغراء الذي يمثله كروم في سوق الإنترنت العالمي.
جوجل تدافع: "لا أحد يستطيع تشغيل كروم مثلنا"
لم تصمت جوجل طويلاً أمام هذه التهديدات. وفقاً لما نقلته وكالة بلومبيرغ (Bloomberg)، أدلت باريسا تبريز، المديرة العامة لمتصفح كروم، بشهادتها أمام وزارة العدل، مؤكدةً أن "فصل كروم عن جوجل أمر شبه مستحيل وغير مسبوق". وبررت ذلك بأن العديد من ميزات كروم تعتمد على بنية تحتية داخلية متكاملة لجوجل، مثل ميزة "التصفح الآمن" التي تحذر المستخدمين من المواقع الضارة، وخدمة كشف اختراقات كلمات المرور، وكلاهما يستندان إلى خوادم وتقنيات لا يمكن ببساطة نقلها إلى شركة جديدة.
تبريز شددت على أن محاولة تفكيك هذه الخدمات من شأنها أن تؤدي إلى إضعاف قدرات كروم بشدة، وربما تهدد أمان الملايين من المستخدمين حول العالم. واعتبرت أن جوجل هي الجهة الوحيدة المؤهلة فعليًا لإدارة هذا المتصفح والحفاظ على جودته وأمانه.
هل من بديل فعلاً؟
رغم أن حجة جوجل تبدو منطقية تقنيًا، إلا أن بعض الخبراء لا يشاركونها الرأي ذاته. فقد صرّح أحد أساتذة علوم الحاسوب في جامعة هارفرد، والذي عمل مستشارًا في قضايا مشابهة لشركات أخرى مثل Epic Games، بأن من الممكن إعادة بناء أو تطوير بدائل للبنية التحتية التي يعتمد عليها كروم، ولو تطلب الأمر وقتًا واستثمارات ضخمة.
ومع ذلك، لا تزال الصورة ضبابية. فلا توجد سابقة مشابهة في تاريخ التكنولوجيا الحديث لفصل منتج مدمج بعمق ضمن منظومة خوادم شركة بحجم جوجل. ما يجعل هذه القضية اختبارًا حقيقيًا لقدرة التشريعات الأمريكية على فرض معايير المنافسة العادلة دون المساس بالتجربة التقنية للمستخدمين.
مصير كروم.. بين شد وجذب
في الوقت الحالي، يبدو أن جوجل ماضية في معركتها حتى النهاية. لكنها تدرك أن الاحتمالات ليست في صالحها بالكامل، خصوصاً مع الضغوط السياسية والتنظيمية المتزايدة في الولايات المتحدة والعالم ضد احتكارات التكنولوجيا الكبرى. مصير كروم، والمتصفحات التي نعتمد عليها يوميًا، قد يتغير خلال الأشهر القادمة بشكل جذري، في مشهد قد يعيد رسم خريطة الإنترنت كما نعرفها.