وداعاً لوضع القيادة: جوجل تمهد الطريق لـ Gemini ليقود تجربة التنقل الذكية

في خطوة جديدة تؤكد التوجهات الاستراتيجية الطموحة لشركة جوجل، أعلنت الشركة إنهاء دعمها لوضع القيادة المدمج في تطبيق خرائط Google Maps، بعد شهور من الملاحظات الغامضة حول اختفائه، مما أثار تساؤلات كثيرة بين المستخدمين، قبل أن يأتي التأكيد أخيراً بأن هذه الميزة أصبحت جزءاً من الماضي.

عرفت جوجل منذ سنوات بنهجها المفاجئ في إيقاف خدمات تحظى بشعبية واسعة بين المستخدمين، دون أن تُظهر بالضرورة اهتماماً بالاعتراضات. ومن أبرز الأمثلة على ذلك تطبيق "Google Play Music"، الذي كان يُعدّ أحد أفضل خيارات الاستماع إلى الموسيقى على أنظمة أندرويد، إلى أن قررت الشركة استبداله بخدمة "YouTube Music"، استناداً إلى اعتبارات تجارية بحتة، حسب ما أوضحته جوجل لاحقاً.

سيناريو مشابه تكرر مع "Android Auto for Phones"، التطبيق الذي سمح بتحويل الهواتف الذكية إلى شاشات عرض لأنظمة Android Auto داخل السيارات التي لا تحتوي على شاشات مدمجة مخصصة لهذا الغرض. ورغم الشعبية الكبيرة لهذه الخدمة، لم تتردد جوجل في إنهائها، مروّجةً بدلاً منها لوضع قيادة مدعوم بالمساعد الصوتي Google Assistant داخل تطبيق خرائطها الشهير.

عندما طرحت جوجل وضع القيادة لأول مرة ضمن خرائط Google Maps، كان الهدف منه تسهيل التفاعل مع الوظائف الأساسية أثناء القيادة بضغطة واحدة فقط، من خلال واجهة مبسطة تتضمن لوحة تحكم صغيرة. ومع مرور الوقت، تخلّت الشركة تدريجياً عن تطوير هذه الميزة: إذ أزالت لوحة التحكم واستبدلتها بشريط بسيط في أسفل الشاشة، يتيح الوصول إلى أوامر المساعد الصوتي والتحكم بتشغيل الوسائط بسهولة.

ورغم بساطة الفكرة، لم تحظَ بقبول واسع؛ فمعظم السائقين وجدوا أن استخدام خرائط Google Maps بالشاشة الكاملة مع الاعتماد على أوامر "Hey Google" الصوتية كان كافياً وعملياً، دون الحاجة إلى الوضع الخاص بالقيادة. بل إن إمكانية تفعيل أزرار عائمة للتحكم بالصوتيات جعلت وجود هذا الوضع يبدو زائداً عن الحاجة.

مع بداية عام 2025، بدأت الشكاوى تتزايد من اختفاء وضع القيادة لدى عدد متزايد من المستخدمين، وسط صمت رسمي مطبق من جوجل. واستمر الغموض حتى كشفت الشركة أخيراً أن اختفاء الميزة كان جزءاً من خطة أوسع: الانتقال من Google Assistant إلى "Gemini"، الجيل الجديد من المساعدات الذكية الذي تعمل عليه الشركة حالياً.

وفقاً لتقارير مؤكدة، فإن "Gemini" سيصبح العنصر الأساسي لتجربة الاستخدام داخل تطبيقات جوجل، بما في ذلك Google Maps. وقد بدأت فعلاً نسخة أولية منه بالظهور داخل التطبيق، مع وعود بأن تتوسع قدراته تدريجياً خلال الأشهر المقبلة، خاصة بعد الكشف الرسمي المرتقب خلال مؤتمر Google I/O القادم.

ويُتوقع أن تتضمن خطة جوجل للإعلان عن Gemini استعراض قدراته الجديدة خلف عجلة القيادة، وربما الكشف عن ميزات تفاعلية مبتكرة تعتمد بشكل كامل على الأوامر الصوتية، دون الحاجة إلى عناصر مرئية تقليدية مثل شريط التحكم الذي اختفى مع وضع القيادة.

حتى اللحظة، لا يبدو أن جوجل تنوي إعادة تقديم شريط مختصر جديد للوصول السريع إلى الميزات أثناء القيادة. وبدلاً من ذلك، ستعتمد التجربة بالكامل على التفاعل الصوتي المدعوم بـ"Gemini"، مع الاستفادة من بعض أدوات التحكم المدمجة أصلاً في نظام أندرويد.

هذه الخطوة تثير تساؤلات حول مدى رضا المستخدمين، خصوصاً أولئك الذين اعتادوا على وجود واجهة بصرية تسهّل التحكم أثناء القيادة دون الحاجة لاستخدام الأوامر الصوتية حصراً. ومع ذلك، تراهن جوجل على أن التطور الكبير في ذكاء "Gemini" سيعوّض غياب الواجهات التقليدية.

أما بالنسبة إلى Android Auto، فتشير التقارير إلى أن الشركة تعتزم الكشف عن تحديثات واسعة تشمل تكامل أعمق مع أنظمة السيارات، وفتح المجال أمام فئات تطبيقات جديدة، مثل تطبيقات الفيديو ومتصفحات الإنترنت، إلى جانب دعم الألعاب الإلكترونية بشكل كامل على المنصة.

ختامًا، إن قرار جوجل بإنهاء وضع القيادة في خرائط Google Maps ليس مجرد خطوة تقنية، بل يعكس تحولاً استراتيجياً عميقاً في فلسفة الشركة تجاه مستقبل المساعدات الرقمية وتجربة القيادة الذكية. ومع ظهور "Gemini"، يبدو أن جوجل تراهن على أن التفاعل الصوتي وحده كفيل بقيادة رحلة المستخدمين القادمة داخل السيارات، في تحدٍّ صريح للطرق التقليدية التي عرفوها لسنوات.