ذكاء اصطناعي

الذكاء الاصطناعي يعزف… والكمبيوتر الكمي يُلحن: أول أغنية في التاريخ خارج نطاق التوقعات

الذكاء الاصطناعي يعزف… والكمبيوتر الكمي يُلحن: أول أغنية في التاريخ خارج نطاق التوقعات
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

أطلقت فنانة بريطانية أغنية جديدة ابتكرها الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية.

تعاونت الفنانة ILĀ مع شركة التقنية "Moth"، مستخدمة منصة Archaeo لإنتاج الأغنية.

اعتمدت الأغنية على تسجيلات أصلية للفنانة لحماية حقوق المؤلف.

يتمثل دور الذكاء الاصطناعي كشريك في الابتكار، مقترحًا نغمات وإيقاعات جديدة.

تقدم الأغنية إصدارًا تفاعليًا يُبدع في الوقت الحقيقي، متكيفًا مع المستمع.

أغنية جديدة من نوع فريد خرجت مؤخرًا إلى النور، لكن ليس الأمر كما تتوقع على الإطلاق. هذه الأغنية لم يلحنها أو يوزعها موسيقيون تقليديون، بل جاءت عبر تكنولوجيا مدهشة تمزج بين الذكاء الاصطناعي وعلوم الحوسبة الكمومية، في تجربة فنية فريدة ربما تغير طريقة إنتاجنا للموسيقى للأبد.

طرح هذا المشروع الطموح بالتعاون بين الفنانة البريطانية للموسيقى الإلكترونية ILĀ، وشركة التقنية الناشئة "Moth"، التي ابتكرت منصتها الخاصة باسم Archaeo. المميز هنا هو أن عملية الإنتاج الموسيقي هذه تمت بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي المدعوم بحاسوب كمومي من إنتاج الشركة الفنلندية IQM. الأغنية، التي حملت عنوان "Recurse"، متوفرة الآن على المنصات الموسيقية الكبرى مثل سبوتيفاي ويوتيوب، وتختلف كثيرًا عن كل ما اعتدناه.

ما يضيف طابعًا خاصًا للأغنية – بخلاف التكنولوجيا المبهرة المستخدمة – هو المنهج الأخلاقي الذي اتبعته الشركة في تدريب الذكاء الاصطناعي. بدلًا من الاعتماد على مجموعات بيانات ضخمة متاحة من الإنترنت، استخدمت منصة Archaeo تسجيلات أصلية خاصة بالفنانة ILĀ فقط، وذلك لحماية حقوق المؤلف وتجنب مشاكل أخلاقية قد تنجم عن استخدام بيانات ليست ملكًا لهم.

وهذا يربط بشكل مباشر بنية الشركة المحافظة على الجوانب الإنسانية والفنية في عمل الذكاء الاصطناعي. فقد أوضحت الفنانة ILĀ أن دور منصة Archaeo لم يكن في التأليف المحض من الصفر، بل لعب دور الشريك في عملية الابتكار الموسيقية، معيدة ترتيب نغمات ومقاطع تسجيلاتها الأصلية، ومقترحة لها إيقاعات وخطوطاً صوتية جديدة. النتيجة هي نموذج فريد من التعاون، حيث يقترح الذكاء الاصطناعي الأنغام والإيقاعات، بينما تحتفظ الفنانة بكامل تحكمها في التوزيع والمؤثرات.

ولا تبدو هذه المبادرة مجرد لعبة تكنولوجية لاستعراض الإمكانيات، بل هي انعكاس لثقافة إبداعية جديدة تماماً. تصف الدكتورة إيلانا ويسبي، الرئيس التنفيذي لشركة "Moth"، صدور أغنية Recurse باللحظة التاريخية، قائلة:


"هدفنا ليس بناء تكنولوجيا فقط لأجل التكنولوجيا، بل تقديم أدوات تعيد تعريف حدود الإبداع والإلهام"

وتأتي منصة Archaeo معتمدة على مبدأ معروف باسم "الحوسبة الحوضية الكمومية – Quantum Reservoir Computing"، وهي تقنية تساعد في اكتشاف الأنماط الدقيقة وسط كميات محدودة من البيانات، الأمر الذي يتحدى الطرق التقليدية في التعلم الآلي. ومن خلال هذه الطريقة المتقدمة، يستطيع الذكاء الاصطناعي توليد موسيقى تجمع بين المشاعر البشرية الأصلية والتعقيد الكمومي الدقيق.

وليس هذا كل شيء، فإلى جانب الأغنية الأصلية، قدمت الشركة إصداراً آخر تفاعلياً ومتغيراً باستمرار يسمى "Recurse Infinite Mix". وهذا الإصدار لا ينتج مسارًا صوتيًا ثابتًا مرة واحدة، بل يبدع في الوقت الحقيقي، متكيفًا ومستمرًا بلا توقف. التجربة الموسيقية المقدمة هنا ليست مجرد استماع كلاسيكي لمرة واحدة، بل تتحول إلى رحلة إبداعية متجددة ودائمة التفاعل مع المستمع.

كما دمجت الشركة الابتكارات البصرية في هذا العمل، حيث ظهر فيديو خاص بالأغنية يستخدم تقنية "الضباب الكمومي Quantum Blur"، ليعكس بصريًا التعقيدات الخفية للعملية الحسابية التي أنتجت الأغنية. كل هذه التفصيلات البصرية والصوتية تؤكد توجه المشروع نحو تكامل فني وابتكاري لم نشهده من قبل.

ذو صلة

ولضمان الجودة العلمية والفنية العالية، تعاونت "Moth" مع الباحث والملحن البرازيلي الشهير إدواردو ريك ميراندا، والمعروف بأعماله في مجال الموسيقى الكمومية والحوسبة الإبداعية، مما يزيد الثقة في المشروع ويقويه بمعايير بحثية رفيعة المستوى.

في النهاية، يعكس هذا المشروع نموذجًا متجدداً من التفاعل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. كما أشارت الفنانة ILĀ، فهذه التكنولوجيا لا تسعى لاستبدال المبدعين، بل لمرافقتهم والتعاون معهم، مما يجلب انتعاشًا وأصالةً إلى الممارسة الفنية. ربما هذه هي الخطوة الأولى نحو مستقبل إبداعي جديد تمامًا تملؤه تكنولوجيا الكم والذكاء الاصطناعي، وهو ما يدفعنا لمراقبة التجربة باهتمام—وربما بشيء من الفضول.

ذو صلة