بطارية واحدة… ومسافة تعبر قارة كاملة: سيارات كهربائية بمدى 5000 كيلومتر دون شحن!

3 د
طور علماء من كوريا الجنوبية تقنية تستخدم السيليكون لزيادة مدى البطاريات الكهربائية.
تشمل هذه التقنية مادة لاصقة تمنع تمدد السيليكون أثناء الشحن وتحافظ على الأمان.
يمكن أن تساهم هذه الابتكارات في تخزين المزيد من الطاقة للطاقة النظيفة والمتجددة.
تعمل الصين ووكالة ناسا وآخرون أيضًا على بدائل بطاريات مبتكرة للسيارات الكهربائية.
يشير الابتكار إلى مستقبل أكثر استدامة وصديق للبيئة ببطاريات أقوى وأكثر كفاءة.
تخيل أنك تقود سيارتك الكهربائية في رحلة طويلة تتجاوز آلاف الكيلومترات دون أن تقلق بشأن التوقف المتكرر لإعادة شحن البطارية. قد يبدو هذا الأمر مستحيلاً الآن، لكن أحدث الابتكارات العلمية تؤكد اقتراب هذا الحلم من التحول إلى واقع. فقد طور علماء من كوريا الجنوبية تقنية جديدة ثورية باستخدام مادة السيليكون، من شأنها رفع قدرة البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية، وبالتالي مضاعفة مداها بعشرة أضعاف مقارنة بالتقنيات الحالية.
لفهم أهمية هذه التقنية، علينا أولاً شرح سريع لكيفية عمل بطاريات السيارات الكهربائية الحالية. تتكون كل بطارية من قطبين رئيسيين: الأنود (القطب السالب) الذي يخزن الطاقة أثناء الشحن، والكاثود (القطب الموجب). في الوقت الحالي، يستخدم الجرافيت كمادة رئيسية للأنود بسبب استقراره وفعاليته، لكنه للأسف محدود في كمية الطاقة التي يستطيع تخزينها.
ما دفع العلماء للبحث عن البدائل هو قدرة السيليكون المتميزة على تخزين كميات أكبر بكثير من الجرافيت من الطاقة. لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، لأن السيليكون كان يعاني من مشكلة كبيرة تتمثل في تضخمه الشديد أثناء الشحن، مما يسبب تصدع البطارية ومشاكل تتعلق بالأمان والاستقرار، حالت دون استخدامه على نطاق واسع.
وهنا جاء الاختراق العلمي الجديد؛ إذ قام فريق بحثي بقيادة الباحثة سوجين بارك من جامعة بوهانج للعلوم والتقنية (POSTECH)، بالتعاون مع البروفيسور جايغون ريو من جامعة سوغانغ، بابتكار مادة لاصقة (رابطة) خاصة تعمل كمثبط فعال يمنع السيليكون من التمدد بشكل مضر خلال عملية الشحن. هذه المادة تنجح في السيطرة على مشكلة تضخم السيليكون، وهو ما يسمح باستخدام هذا العنصر بفعالية وأمان في البطاريات. ويؤكد الباحثون أن هذه التقنية الواعدة بإمكانها تحقيق زيادةٍ هائلة في سعة تخزين الطاقة ضمن البطارية تصل إلى عشرة أضعاف سعة الجرافيت التقليدي.
ولن يتوقف تأثير هذا الابتكار عند السيارات الكهربائية فقط، بل سيمتد إلى قطاعات أخرى عديدة تتعلق بالطاقة النظيفة والمتجددة. فعلى سبيل المثال، الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح لا تعمل دائماً بنفس المعدل والكفاءة، بسبب تغير الظروف المناخية، وغياب أشعة الشمس في الليل أو انعدام حركة الرياح أحياناً. لذلك، تحتاج هذه الأنظمة المتجددة إلى بطاريات قوية لتخزين الطاقة في وقت الوفرة واستخدامها فيما بعد عند الحاجة. ومع تقنية البطاريات الجديدة القائمة على السيليكون، ستتمكن الأنظمة المتجددة من تخزين المزيد من الطاقة المنتجة، ما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويقربنا أكثر نحو مستقبل مستدام.
ولا يتوقف السباق نحو مستقبل أنظف عند مختبرات جامعة بوهانج وحدها، بل تمتد المنافسة لتشمل باحثين وشركات عالمية أخرى. ففي الصين، يسعى العلماء إلى إنتاج بطاريات تعتمد على الصوديوم، باعتبار الصوديوم أرخص ثمناً وأسهل في الحصول عليه من الليثيوم، ما يجعل السيارات الكهربائية أكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم. في الوقت نفسه، تعمل وكالة ناسا على تطوير بطاريات الحالة الصلبة، التي تتمتع بوزن أقل وحجم أصغر، مما يخفف وزن السيارات ويرفع كفاءتها. بل وهناك بحوث فريدة أخرى تختبر إنتاج بطاريات قابلة للتحلل باستخدام مواد مثل قشور السلطعون البحرية، في محاولة واعدة لإنتاج خيار أكثر حفاظاً على البيئة.
إن هذه الابتكارات لا تمثل فقط نقلة نوعية في صناعة السيارات والكهرباء، بل تعد بمثابة تغير ثقافي عالمي في كيفية استخدامنا وتخزيننا للطاقة. في نهاية المطاف، ومع استمرار تلك الجهود البحثية حول العالم، قد نرى قريباً سيارات كهربائية تضاهي أو تتجاوز السيارات التقليدية من حيث مدى السير والراحة، وتوفر بذلك خياراً نظيفاً وأكثر كفاءة لقائدي السيارات في كل مكان.
وفي الختام، فإن هذه القفزة التكنولوجية المهمة تعبر عن خطوة كبيرة نحو مستقبل أخضر صديق للبيئة، إلا أننا نحتاج إلى متابعات مستمرة لمراحل تقدم هذه التكنولوجيا الواعدة، والتأكيد دوماً على أهمية توضيح المفاهيم التقنية (مثل السيليكون والجرافيت وكثافة الطاقة) للقارئ العادي بمزيد من البساطة والوضوح، لضمان تواصل أفضل وفهم أوسع لأهمية هذه التطورات التي سترسم مستقبل الأجيال القادمة.