ذكاء اصطناعي

بلا صخب ولا إعلان… مخلوق منقرض يختبئ لعقود في قلب متحف ياباني

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

أُعلن في اليابان عن اكتشاف نوع نادر من فراشات منقرضة في أحد المتاحف.

اكتُشفت العينة في عام 1988 في مقاطعة هيوغو وظلت مهملة لعقود.

الفراشة تحمل اسم "تاكولا كامييتانيي" وتعود للعصر الحديث المبكر.

يعزز الاكتشاف فهم العلماء للظروف المناخية في اليابان بالماضي البعيد.

انتشر جنس الفراشة Tacola في اليابان وجنوب وشرق آسيا وفقاً للباحثين.

تخيل أن كنوزاً علمية ثمينة قد تكون أمام أعيننا لعشرات السنين دون أن ننتبه إليها! هذا تماماً ما حدث في اليابان مؤخراً، حين أُعلن عن كشف مثير لعلم الحفريات؛ حيث تبين أن أحد المتاحف اليابانية كان يحتفظ بعينة نادرة من حفرية لفراشة منقرضة ظلت مهملة وغير معروفة لعقود.

هذه العينة الغامضة اكتُشفت بالفعل في عام 1988 في مقاطعة هيوغو اليابانية، وظلت منسية في مخزن أحد المتاحف الخاصة المتخصصة في حفريات الحشرات النادرة. إلا أن جهوداً بحثية حديثة انتبهت لأهميتها، لتكشف الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في دورية "Paleontological Research"، أنها تنتمي لنوع لم يكن معروفاً من قبل، أطلق العلماء عليه اسم "تاكولا كامييتانيي" Tacola kamitanii.

يدل الحجم الاستثنائي للفراشة، التي يبلغ امتداد جناحيها حوالي 8.8 سنتيمترات، على أهميتها الكبيرة وتفردها بين الفراشات المكتشفة من هذه الحقبة المبكرة. وأشار الباحثون إلى أن فراشات Tacola kamitanii تعود إلى "العصر الحديث المبكر" (Early Pleistocene)، وهي فترة جيولوجية شهدت تقلبات واسعة في المناخ على مستوى الأرض.

وهذا ما دفع الباحثين لتسليط الضوء على سبب ندرة العثور على حفريات الفراشات بشكل عام، قائلين إن جسدها الرقيق وأجنحتها الهشّة يقللان من إمكانية حفظها كحفريات مقارنة بأنواع أخرى من الحشرات. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن هذا الاكتشاف النادر يعد الأول من نوعه الذي يحدد فراشة متحجرة ضمن فصيلة "Limenitidini"، وهي مجموعة تضم اليوم أنواعاً شهيرة مثل فراشة الأميرال والفراشة نائب الملك (viceroy).

وبتحليل المزيد من التفاصيل، تمت الإشارة إلى أن حفرية Tacola kamitanii تعود إلى أنثى فراشة، وذلك بناءً على بطنها السميك نسبياً، وهو دليل مميز يعرفه خبراء الحشرات. وبفضل هذا الكشف، بات بإمكان العلماء الآن دراسة الفروقات الجسدية والتطورية بين الجنسين في فراشات ما قبل التاريخ، وهذا أمر ذو قيمة علمية كبيرة.

وهذا يربط مباشرة بين هذا الاكتشاف الهام وبين فهم الباحثين للظروف المناخية التي سادت اليابان في الماضي البعيد. إذ يؤكد العلماء أن هذه الفراشة كانت تعيش في بيئات دافئة إلى معتدلة أثناء الانتقال من العصر الـمتأخر من المرحلة البلايُوسينية (Late Pliocene) إلى العصر الحديث المبكر (Early Pleistocene). وبالتالي، فهي توفر دليلاً قوياً للعلماء حول كيفية استجابة الحشرات للتغيرات المناخية الكبيرة التي شهدتها الأرض في الماضي البعيد.

ذو صلة

تشير النتائج الأولية كذلك إلى أن انتشار جنس الفراشة Tacola لم يقتصر على اليابان فقط، بل امتد ليشمل جنوب وشرق آسيا أيضاً، ما يوسع بصورة كبيرة فهم العلماء للتنوع البيئي وانتشار الحيوانات عبر القارة الآسيوية في الأزمنة السابقة.

ونخلص من هذه الحكاية المدهشة بأن ما ظل مختبئًا في أرفف المتحف الياباني ما يزيد عن ثلاثة عقود، بات اليوم مفتاحاً لفهم أعمق عن تطور الفراشات والتغير المناخي في الماضي البعيد. ولربما تبيّن لنا هذه القصة كم من الكنوز مخبأة في المتاحف، تنتظر اهتمام الباحثين وعلماء الحفريات ليكتشفوها. ولإضافة مزيد من الترابط بين الأفكار، ربما يكون من المناسب التركيز في المستقبل على أثر مثل هذه الاكتشافات على تطوير الأبحاث العلمية وزيادة الاهتمام بحماية التراث الأحفوري، لما له من أهمية قصوى في فهم تاريخ الحياة على الأرض.

ذو صلة