حتى نبض القلب أصبح مزيفًا 😳: جيل جديد من الديب فيك يُربك أدوات كشف التزييف

3 د
أصبحت تقنية "التزييف العميق" أكثر دقة في تقليد نبضات القلب.
تصبح برامج كشف الفيديو المزيف أقل فعالية مع هذا التطور.
يقترح الباحثون استخدام تقنيات متقدمة للكشف عن الفيديو الحقيقي.
يدعو الخبراء إلى تبني "البصمات الرقمية" لإثبات أصالة المحتوى.
في خطوة ملفتة للنظر تثير مزيداً من القلق، أصبحت تقنية "التزييف العميق" أو ما يُعرف بـ "الديب فيك" أكثر دقة وإقناعاً من أي وقت مضى؛ فما كان أمراً صعباً في اكتشافه من قبل، بات اليوم يمثل تحدياً حقيقياً، خاصة مع اكتساب هذه الفيديوهات المفبركة ميزة جديدة: نبضات القلب!
والتزييف العميق هو تقنية تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي في تركيب وجه شخص على جسد شخص آخر أو تغييره كلياً، لخلق فيديو واقعي المظهر بشكل مدهش. ورغم أن هذه التقنية تستخدم في تطبيقات خفيفة مسلية مثل تغيير العمر في الصور على هاتفك أو تحويل وجهك لشخصية كرتونية لطيفة، إلا أن لها للأسف استخدامات سلبية أيضاً، حيث تُستغل لنشر معلومات مضللة أو الإساءة إلى آخرين، وأحياناً لتلفيق مشاهد تحرض على الكراهية أو الإرهاب.
وحاول العلماء مراراً تطوير طرق لاكتشاف هذه الفيديوهات المزورة، وكان من أكثر هذه الطرق نجاحاً الاعتماد على قياس ضربات القلب، وهي تقنية معروفة ومُستخدمة في الأجهزة الطبية، تسمى "تقنية التصوير الضوئي البعيد لقياس النبض" أو اختصاراً rPPP. هذه التقنية تكتشف التغييرات الدقيقة في تدفق الدم تحت الجلد وتعطي تقديرات دقيقة لمعدل ضربات القلب، وتُعتبر شديدة الحساسية لدرجة أن فرق قياسها مع الأجهزة الطبية التقليدية لا يتجاوز نبضتين أو ثلاث نبضات في الدقيقة. وكان الاعتقاد السائد أن هذه الطريقة فعالة جداً لكشف الفيديو المزيف بسبب عجز الذكاء الاصطناعي سابقاً عن تقليد هذه الإشارات الدقيقة. لكن مؤخراً، وجد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن قادراً على نقل نبضات القلب بشكل واقعي تماماً في الفيديوهات الناشئة عنه دون الحاجة لرفعها يدوياً.
ويأتي هذا التطور الجديد بمثابة ضربة موجعة لكثير من برامج كشف التزييف المعتمدة على تقنية قياس النبضات. يقول البروفيسور بيتر آيزرت، وهو أحد المشاركين الرئيسيين في الدراسة الجديدة التي نُشرت مؤخراً: "أصبح من الممكن الآن نقل إشارة نبض الشخص الأصلي إلى الفيديو المزيف، ما يعني أن كثيراً من برامج الكشف عن الديب فيك التي كانت فعالة قبل سنتين قد تصبح عديمة الفائدة اليوم".
ويزيد هذا التطور الجديد بالفعل من صعوبة تحديد المحتوى الحقيقي من المزيف، لكن الأمل لا يزال قائماً وفقاً للباحثين. فقد اقترح الفريق استخدام تقنيات كشف أكثر تقدماً، بحيث تقيس هذه الطرق المستقبلية حركة الدم الدقيقة في أجزاء مختلفة من الوجه بدلاً من مجرد رصد النبض بشكل عام. يوضح آيزرت ذلك بقوله: "مع كل نبضة، يتدفق الدم إلى الأوعية الدقيقة داخل الوجه، ويحدث فارق زمني طفيف يمكن رصده بالتصوير، ما قد يساعد في تمييز الفيديو الحقيقي عن المزيف".
ومع ذلك، يؤكد البروفيسور آيزرت على أن المعركة ضد التزييف العميق لن تُحسم بالضرورة عبر خوارزميات الكشف فقط؛ فالتزييف يتطور باستمرار. ويدعو بدلاً من ذلك إلى تبني تقنية "البصمات الرقمية"، وهي طريقة تُظهر بصمة مشفرة ومضمونة توثق أصالة الفيديو وتثبت بأنه لم يتعرض للتعديل أو التزييف. ويضيف آيزرت: "أظن أن السبيل للانتصار في هذه المعركة ليس الاستمرار في تطوير كاشفات التزييف فقط، بل أيضاً إنشاء أنظمة موثوقة لإثبات موثوقية المحتوى".
وفي الوقت الذي تتسارع فيه تطورات تقنيات الذكاء الاصطناعي وقدراتها في إنتاج محتوى واقعي صعب التمييز، تظل الحاجة ملحة لمعرفة الحقيقة بسهولة ودون تعقيد. لذلك، ربما نحتاج للتركيز أكثر على الطرق الموثوقة لضمان أصالة محتوى الفيديو، مع تحديث أساليب الكشف بحيث تواكب التحدي التقني القادم.