خطر من أعماق الفضاء… نجم شارد قد يطرد الأرض من النظام الشمسي

3 د
يكشف تحليل العلماء لمحاكاة رقمية خطر النجوم العابرة على استقرار كوكبنا.
تشير الدراسة لاحتمالية اضطراب مسارات الكواكب، خصوصاً عطارد والمريخ وبلوتو.
يخفض اقتراب نجم مارق استقرار المجموعة الشمسية إلى 50%.
حتى الأرض ليست بمنأى عن تأثير النجوم العشوائية العابرة.
تخيل معي للحظة واحدة مشهداً دراماتيكياً يشبه أفلام الخيال العلمي، حيث تندفع الأرض فجأة خارج مدارها، متجهة في رحلة مجهولة وسط ظلمات الفضاء الشاسع، كل هذا بسبب نجم مارق زار منطقتنا الكونية زيارة خاطفة. يبدو الأمر خيالياً ولكنه للأسف حقيقي، وفقاً لأحدث دراسات علماء الفلك.
في دراسة حديثة نُشرت بمجلة "إيكاروس" العلمية، قام العلماء بتحليل ألفي محاكاة رقمية دقيقة باستخدام نظام "هورايزونز" التابع لوكالة ناسا، الذي يعرف بدقته الكبيرة في تتبع حركات الكواكب والأجرام السماوية. وكشفت النتائج عن حقائق مقلقة حول قدرات النجوم العابرة على تهديد استقرار مدارات كواكب المجموعة الشمسية وعلى رأسها كوكبنا الأزرق.
فالكون ليس مكاناً فارغاً كما يعتقد الكثيرون، بل هو مساحة مليئة بالنجوم التي تجوب المجرة بحرية، وبعضها يتخذ مسارات قد تقوده قريباً جداً من مجموعتنا الشمسية. وفي المعتاد، تكون هذه الزيارات النجمية بلا تأثير يُذكر، إلا أن الدراسة أكدت أن اقتراب نجم مارق يمكن أن يخفض استقرار المجموعة الشمسية بنسبة تصل إلى 50%. ويعني عدم الاستقرار هنا احتمال تأثر مسارات الكواكب إلى الدرجة التي تجعلها تغادر مداراتها الطبيعية، وربما تُطرد تماماً خارج حدود مجموعتنا الشمسية.
وبينما تُعتبر الأرض مستقرة نسبياً بالمقارنة مع كواكب أخرى، مثل عطارد أو المريخ وبلوتو، لا تزال غير محصّنة بالكامل. فكوكب عطارد هو الأكثر عرضةً للخطر بالفعل، إذ أن مداره يمتاز بحساسية طبيعية تجعله سريع التأثر بالجاذبية الخارجية. وفي المحاكاة، كان عطارد أول الخاسرين، حيث غالباً ما يؤدي اقتراب نجم عابر إلى اصطدامه بكوكب الزهرة أو تدميره وابتلاعه من قبل الشمس مباشرةً. كما قد يلحق به المريخ ويطرد بلوتو إلى الفضاء الخارجي نهائياً في حوالي 3.9% من السيناريوهات التي فحصها العلماء.
ولكن ما يثير الدهشة أكثر هو اكتشاف العلماء لمعلومة أخطر بكثير: احتمال وقوع اضطراب شديد في مدار الأرض بفعل التدخلات النجمية الخارجية أكبر بمئات الأضعاف مما اعتقد سابقاً، ما يستوجب إعادة تقييم نظرتنا إلى استقرار نظامنا الكوكبي بشكل جدي.
وعلى الرغم من أن هذه الأحداث المرعبة لن تحدث اليوم أو غداً، بل هي متوقعة بعد مليارات السنوات، إلا أنها تذكرنا كم أن وجودنا هشٌ وسط حركة الكون الديناميكية. فلم يعد مصير الأرض مرتبطاً حصراً بتغير مراحل حياة الشمس، كما كان العلماء يظنون سابقاً، وإنما بات رهناً بأي نجم عشوائي قد يمر قريباً في يوم من الأيام، مغيّراً مصير كوكبنا تماماً.
ومع أن نتائج الدراسة قد تبدو للبعض مرعبة أو بعيدة التصديق، فإنها بلا شك تحفزنا على مزيد من البحث والتدقيق، وربما تعيد توجيه جهود البحث الفضائي لاستكشاف محيط نظامنا الشمسي بشكل أفصل. إذ تبقى دراسات مثل هذه مثيرة للتأمل، وتذكيراً مستمراً بقيمة ما نملكه حالياً من استقرار استثنائي فعلاً في هذا الكون اللا متوقع.