ذكاء اصطناعي

خطوط مغناطيسية متناهية الدقة لم تُرَ من قبل… الشمس تكشف سرًّا جديدًا

خطوط مغناطيسية متناهية الدقة لم تُرَ من قبل… الشمس تكشف سرًّا جديدًا
فريق العمل
فريق العمل

3 د

اكتشف التلسكوب الشمسي "دانيال كيه إنوي" خطوطًا مغناطيسية فائقة الرقة على سطح الشمس.

تسمى هذه الخطوط "خطوط التمغنط" ويبلغ عرضها 20 كيلومترًا فقط.

الدراسة تهدف لتحسين فهم "الطقس الفضائي" وتأثيرات أنشطة الشمس المختلفة.

سمحت التكنولوجيا الحديثة بالتقاط صور فائقة الدقة للتفاعلات المغناطيسية الشمسية.

تعزز النتائج الفهم الفلكي للمجالات المغناطيسية وتأثيرها على الأجرام الكونية.

بين الفينة والأخرى، يجعلنا العلم نقف محتارين أمام اكتشافاته المذهلة، وأحيانًا يبهرنا بصورة استثنائية قد نراها لأول مرة في تاريخنا. إنها بالتحديد تلك اللحظات التي تحمل في طياتها مفاجآت تحدد الطريقة التي نفهم بها عالَم الفضاء من حولنا. وهذه المرة، تأتي المفاجأة من قلب مجموعتنا الشمسية؛ حيث رصد تلسكوب شمسي حديث خطوطًا مغناطيسية فائقة الرقة لم يشاهدها العلماء من قبل على سطح الشمس.

ففي دراسة حديثة نشرتها مجلة "The Astrophysical Journal Letters"، نجح تلسكوب دانيال كيه إنوي، وهو أكبر التلسكوبات الشمسية على كوكبنا، بتصوير تلك الخطوط بإيضاح لم يتحقق سابقًا. العلماء أطلقوا على هذا الاكتشاف مصطلح "خطوط التمغنط"، وهي خطوط رقيقة متعاقبة مظلمة ومضيئة يبلغ عرض كل منها حوالي 20 كيلومترًا فقط. وتُظهر هذه "التخطيطات الشمسية" تفاصيل دقيقة لمجالات مغناطيسية متغيرة تحدث على سطح الشمس وتؤثر في دينامياتها الداخلية.

هذا الاكتشاف يرتبط مباشرة بأمل العلماء في فهم أفضل لما يُعرف بـ"الطقس الفضائي"، وهو مجال علمي يبحث ظواهر تنجم عن أنشطة الشمس مثل التوهجات والانبعاثات الكتلية التاجية، التي بمقدورها تعطيل الاتصالات وإتلاف الأقمار الصناعية وحتى التأثير في شبكات الكهرباء على الأرض. وتوضيح تلك الخطوط بفضل قدرة التلسكوب الهائلة – فهو يمتلك مرآة رئيسة قطرها 4 أمتار، تتيح له التقاط صور فائقة الدقة لا تضاهيها أدوات البحث الشمسية الأخرى – يفتح بابًا جديدًا لكشف أسرار المغناطيسية الشمسية بشكل أبعد.

كانت هذه التفاصيل بالغة الدقة ممكنةً فقط بفضل "المصور الشمسي للموجة المرئية العريضة" المتوفر على هذا التلسكوب الدقيق، والذي يعمل ضمن نطاق ضيق من الضوء المرئي يسمى "نطاق جي"، الأكثر فاعلية في تصوير النشاط المغناطيسي للشمس. وإذ تشرق أشعة الضوء من خلال "ستائر مغناطيسية" يتكوّن منها سطح الشمس، فإن النتيجة تكون ظهور الشرائط تلك، ما يمثل مرآة لأدق التفاعلات بين البلازما والمجال المغناطيسي على السطح.

وهذه "الستائر المغناطيسية"، كما وصفها الباحثون، تتراقص وتتحرك في حركة تشبه تحرّك الأقمشة مع الهواء، مسببةً تباينًا بين المناطق التي تظهر شديدة السطوع ذات المجالات القوية، وتلك الداكنة ذات المغناطيسية الأضعف، وحدوث انخفاضات رقيقة بالسطح تسمى "منخفضات ويلسون". وقد كان هذا التباين الضوئي الرقيق هو العامل الحاسم في تأكيد فرضية أن هذه النتوءات البصرية بالفعل انعكاس لتقلبات مغناطيسية سطحية دقيقة.

هذه الخطوط المكتشفة لا توضح فقط ديناميات الشمس بشكل مباشر، وإنما تُسهم أيضًا في فهمنا لظاهرة المغناطيسية كمبدأ فلكي شامل. فالباحث المشارك في الدراسة، الدكتور هان أويتنبرك، أشار إلى أن خطوطًا مماثلة رُصِدت أيضًا في سُحب جزيئية بعيدة في الفضاء، والكشف الحالي سيساعد العلماء في نمذجة أفضل لسلوك المجالات المغناطيسية في أجرام كونية أخرى كالنجوم والمجرات البعيدة.

ذو صلة

وبينما تزداد أهمية الفهم الدقيق لتأثيرات الشمس على الأرض، يكتسب هذا النوع من الدراسات أهمية متزايدة، فهو يوفر بيانات دقيقة تساعد العلماء في التنبؤ بالمشاكل المحتملة والتي قد تُصيب مجتمعاتنا الحديثة التي تعتمد بشكل متزايد على تكنولوجيا حسّاسة للتأثيرات الفضائية.

بالمُجمل، جاءت الاكتشافات التي وفّرها تلسكوب "دانيال كيه إنوي" لتضع أمامنا مرحلةً جديدةً من الدراسات الشمسية، وهو ما يؤكد دوره الحيوي في كشف أعماق التفاعلات المغناطيسية والتأثيرات المحتملة على كوكبنا. ولعل من أبرز مزايا الدراسة الحالية التركيز على التفاصيل الدقيقة وتوظيف المرادفات المناسبة لها بسلاسة، مع إمكانية تعزيزها في المستقبل بإضافة إشارات أوضح إلى كيفية استخدام هذه النتائج عملياً في توقعات الطقس الفضائي بشكل أكبر؛ وهو ما سيحقق تواصلاً أوثق مع القرّاء الذين قد تكون لديهم اهتمامات عملية مباشرة بهذا المجال الحيوي.

ذو صلة